6 - عدم وضوح الموقف التشريعي بخصوص الضريبة على القيمة المضافة المفروضة عند الاستيراد، حيث إن القراءة الأولية للمادة 8 تفيد بأن هذه الضريبة ينسحب عليها ما ينسحب على المادة الجمركية من حيث معيار أمد الاستحقاق (31/12/2012) وكذا ارتباط الإعفاء من الدين الفرعي، وجودا وعدما، بوجود دين أصلي يتم سداده. بيد أن القراءة المتمعنة للفقرة الأولى من المادة 10 تفيد بأن مقتضياتها تطبق بشأن أوامر التحصيل الصادرة قبل فاتح يناير 2012 المتضمنة للضرائب والواجبات والرسوم المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. ومن باب الزيادة في الوضوح، نصت الفقرة الثانية من ذات المادة على أن الإعفاء، عند توافر شروطه، يقوم به قابض إدارة الضرائب أو القابض المختص في إشارة إلى قُباض الخزينة العامة في مجال اختصاصهم وإلى قباض الجمارك بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد. ويضاف إلى ذلك أن المادة 120 من المدونة العامة للضرائب تنص على أن إدارة الجمارك تتولى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة حين الاستيراد طبقا لأحكام هذه المدونة مع التنبيه إلى أن المادة 10 من قانون المالية الحالي أدرجت في نطاق هذه المدونة وليس في غيرها. وفي حالة ترجيح هذه القراءة، فإن ذلك يعني أن الضرائب والرسوم المستخلصة من طرف إدارة الجمارك سيشملها تجل من تجليات المفارقة بين الضريبة على القيمة المضافة، من جهة، وباقي الرسوم والمكوس الجمركية، من جهة ثانية، حيث إن مقتضى المادة 8 سينسحب على هذه الأخيرة في حين أن مقتضيات المادة 10 ستسري على الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد مع ما يستتبع ذلك من اعتماد معيار «تاريخ صدور الأمر بالتحصيل» في حدود نهاية يوم 31 دجنبر 2011 وإعمال قاعدة «نسبية الارتباط»، بين الفرع والأصل في الديون، المكرسة بموجب الفقرة الرابعة من المادة 10. وإذا كان عامل السرعة، كسمة ملازمة لإعداد ومناقشة نصوص قانون المالية، وعامل تعدد الجهات المتدخلة في مسطرة تشريعه يفسران جانبا كبيرا من أوجه التباين في صياغة مضامين الإعفاءات الواردة في المادتين 8 و10، فإن هاجس صيانة موارد خزينة الدولة وحماية مصلحة الملزم وهاجس الوقاية من المنازعات، يقتضيان توظيف أحدث المناهج والتقنيات المعتمدة في تحديد الحاجيات إلى التشريع وحسن استجابة القانون في تلبيتها في صياغة تتسم بالجودة، وعلى وجه الخصوص إذا كان الأمر يتعلق بقانون على درجة قصوى من الأهمية في مستوى قانون المالية السنوي. أوجه الموافقة بين المادتين 8 و10 إذا كانت الأسباب والدواعي الموجبة للمادتين 8 و10 متماثلة إلى حد التطابق، فإن ذلك أفضى إلى سن تدابير قانونية بأوجه تشابه يمكن إبرازها في التماثلات التالية التي لا تنفي قيام مواطن الخلاف في نقط أخرى غير ما ذكر سلفا: 1 - حصر الديون المعنية داخل أمد يختلف حسب طبيعة الديون التي تقبل التصنيف إلى طائفتين كما ورد في نص المادتين، وبالتالي يكون كل دين واقع، بعد التاريخين المحددين تشريعيا، غير مشمول فرعه، أو ما يتصل به، بالإعفاء مع مراعاة المعيار المتبنى في كل مادة على نحو ما سيأتي بيانه. لئن كانت المادتان تشتركان في حصر المدى الزمني للديون المعنية، فإنهما تختلفان في المعيار المعتمد لإقامة التمييز بين الحالات المشمولة بالإعفاء من عدمه، حيث إن المادة 8 أكثر شمولية في اعتماد معيار الاستحقاق، في حين كانت المادة 10 أكثر دقة في تبني معيار صدور الأمر بالتحصيل أو تاريخ الشروع في التحصيل؛ إذ إن مقياس الاستحقاق يمكِّن من توسيع دائرة المدينين وتصفية أكبر قدر ممكن من الباقي استخلاصه من خلال شموله للديون، سواء كانت محل الشروع في التحصيل أو لم تكن كذلك بعد، وهو ما يجعل لائحة المستفيدين والديون المعنية قابلة للتوسيع عبر إصدار سندات التحصيل في سنة 2013 بشأن ديون حالة الأداء قبل نهاية سنة 2012 في المادة الجمركية. ومن جهته، انفرد الإعفاء المنصوص عليه في الجزأين الأول والثاني من المادة 10 بتبني المشرع لمعيار «إصدار أمر بالتحصيل» الذي يتخذ من طرف الآمر بالصرف في صيغة أوامر بالمداخيل الجماعية أو أوامر بالمداخيل الفردية استنادا بالأساس إلى أحكام الفصل 68 من المرسوم الملكي رقم 330.66 بتاريخ 21 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية، وكذا المادة 4 من مدونة تحصيل الديون العمومية. ومؤدى ذلك أن الديون المعنية بالإعفاء هي التي كانت محل أوامر بالمداخيل قبل فاتح يناير 2012 بصورة تستبعد معها كافة الديون الواقعة تصفيتها اعتبارا من فاتح يناير 2012 ولو كانت تقبل التصفية قبل ذلك. غير أن هذا المبدأ لم يرد على إطلاقه في المادة 10، إذ سنت فقرتها الرابعة معيارا ثالثا مفاده «عدم الاستخلاص إلى غاية 31 دجنبر 2012» بخصوص المراكز القانونية المدينين فقط بالغرامات والزيادات وصوائر التحصيل وفوائد التأخير، وذلك دون ربط الدين المعني بأي قيد آخر، وبالتالي يمكن الخلوص، في نهاية التحليل، إلى أن المعيار الثالث مطابق لمعيار الاستحقاق. وإذا كان معيار الاستحقاق أكثر استجابة لدواعي العدل والمساواة ولحاجات تصفية متأخرات الباقي استخلاصه، فإن تحديد مفهوم الاستحقاق على وجه الدقة ليس بالأمر اليسير؛ الشيء الذي يؤشر على احتمال قيام منازعات تنصب حول مدى أحقية هذا الملزم أو ذاك في الاستفادة من الإعفاء، وما يؤكد ذلك أن مؤسسة الاستحقاق تعرف تشعبات بين مختلف ديون المادة الجمركية في ظل ما يعتري النصوص المنظمة من حالات الفراغ في تحديد موعد الاستحقاق، مع عدم ارتقاء هذه المقتضيات، في حالات أخرى، إلى الوضوح الكافي لحسم تاريخ الاستحقاق الذي يتفرع إلى الأصناف التالية: - حلول أجل استحقاق الدين في الأنظمة الاقتصادية في الجمرك: يتحقق مبدئيا باستيفاء شرط عدم تسوية الحساب الجمركي وفقا للشروط النظامية بحلول الأجل القانوني الممنوح للقيام بالتسوية، بيد أن هذه القاعدة يرد عليها الاستثناء المتعلق بالشطط في استعمال النظام الاقتصادي الجمركي، حيث إن تاريخ ارتكاب الغش يكون محددا في حلول أجل الاستحقاق، وإن تعذر ذلك فاعتبارا من يوم اكتشاف الغش الذي لا ينبغي أن يكون خارج الأمد الممنوح لتسوية الحساب الجمركي، كما يحين موعد الاستحقاق عند عرض البضاعة الموقوف استيفاء رسومها على الاستهلاك بناء على ترخيص يصدر عن جهة الإدارة. كما أن ديون الأنظمة الاقتصادية في الجمرك، كديون معلقة على شرط عدم التسوية داخل أمد النظام الموقف، قد يطرأ عليها سبب من الأسباب الخمسة الواردة في المادة 19 من مدونة تحصيل الديون، من قبيل التوقف عن النشاط وانتقال الملزم خارج دائرة اختصاص المحاسب دون إشعاره، فتصير حالة الأداء خروجا عن القواعد الثلاث السابق ذكرها، مع أن ثمة وجهين إضافيين لصيرورة دين الأنظمة الاقتصادية مستحق وحال الأداء، ويتعلق الأمر: أولا، بصدور مخطط التفويت الكلي للشركة المدينة الذي يترتب عنه حلول أجل استحقاق الديون المؤجلة بموجب المادة 615 من مدونة التجارة؛ وثانيا، بفتح مسطرة التصفية القضائية التي تفضي إلى صيرورة الديون المؤجلة حالة الأداء بصريح المادة 627 من مدونة التجارة. - حلول أجل الاستحقاق في نظام الاستيراد العادي: يتحدد في 3 أيام من تاريخ إصدار سند التحصيل بصريح نص الفصل 93 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وأي تقويم للوضعية الجبائية في إطار التصفية التكميلية للضرائب والرسوم، في ما يقرره الفصل 86 مكرر من نفس المدونة، يجعل الدين مستحقا من تاريخ إجراء التصفية الأولية للرسوم كما هو مستنبط من الفصل 99 المكرر من ذات المدونة. ويطرح إشكال الاستحقاق بخاصة في ما يلي: عندما يتعلق الأمر ببضاعة متخلى عنها في الجمرك، حيث إن المشرع لم يتصد بوضوح لبيان المفهوم في حالة التخلي المقرون بالإفضاء بتصريح مفصل لدى الجمارك، ويفترض أن عملية الشروع في التحصيل تتم بقيام الآمر بالصرف بإصدار سند المدخول، ويتحقق الاستحقاق بعد مرور 3 أيام على هذا الإصدار؛ في ما يتصل بالتصفية المجراة بشأن دين مقترن بتقديم المدين لوديعة على أساس عناصر الضريبة المعتمدة من طرف إدارة الجمارك وفق ما يقرره الفصل 98 من مدونة الجمارك، حيث إن النص المنظم لم يحدد موعد الاستحقاق، ويبقى السؤال قائما حول ما إذا كان يتأسس انطلاقا من تاريخ التصريح الجمركي أم من تاريخ إيداع الوديعة أم من تاريخ إجراء التصفية النهائية للرسوم والمكوس. وتكمن أهمية إشكال الاستحقاق عندما تجد الإدارة نفسها إزاء حالة تستدعي إعمال البند 4 من الفصل 98 السابق ذكره. - ديون الأنظمة الخاصة: يعتري القانون في هذه الحالة فراغ في تحديد بداية الاستحقاق. غاية ما هنالك أن المشرع، في الفصل 166 مكرر مرتين من مدونة الجمارك، رتب على تغيير وجهة البضاعة المستفيدة من الإعفاء جزاء احتساب فائدة التأخير من تاريخ تسجيل التصريح بصورة يُطرح معها التساؤل حول ما إذا كانت الفائدة تعويضا عن الحرمان من الانتفاع بأموال مستحقة من تاريخ اكتتاب التصريح الجمركي أم إن الفائدة لا تعدو أن تكون سوى جزاء يقترن بالغرامة على فعل تغيير الوجهة أم إن تاريخ الاستحقاق يتحدد من تاريخ ارتكاب الفعل أو تاريخ إثباته.
سعيد اولعربي أستاذ زائر بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط