المخبرين ومسدساتهم الكاتمة للصوت، لا يمكن بالضرورة كل لاجئ من النوم على وسادة مريحة، ففي أرض اللجوء معاناة أخرى لا تمنعها مواثيق منظمة الوحدة الإفريقية ومعاهدة الأممالمتحدة لحماية حقوق اللاجئين، ومذكرات مفوضية اللاجئين وغيرها من التنظيمات الحقوقية المنبثقة عن المجتمع الدولي، التي تراهن رغم الأحوال المناخية السياسية المتقلبة، على تمتيع اللاجئ بكل حقوق المواطنة. في هذا الملف، تقدم «المساء» جردا لأشهر الشخصيات السياسية والفكرية والرياضية والدينية، التي اختارت المغرب ملاذا لها، هروبا من الاضطهاد والقهر، قبل أن تعود من حيث أتت على هودج السلطة أو في نعش محمول. للدولة مسؤولية في في حماية مواطنيها أولا، قبل حماية اللاجئين إليها، لكن حسب مواثيق منظمة الوحدة الإفريقية، فاللاجئ هو «كل شخص يغادر بلده بسبب عدوان خارجى مثل الاستعمار أو السيطرة الأجنبية أو أحداث تؤثر بشكل خطير وتعمل على إفساد النظام العام فى بلده أو فى الإقليم الإثني الذى ينتمى إليه». لذا، فكلما شعر شخص بالاختناق في وطنه وأصبح عرضة للتهديد، إلا وانتصبت أمامه اتفاقيات ومعاهدات ومواد وبنود مواثيق ملزمة أحيانا وغير ملزمة أحيانا أخرى، أشبه بعلامات تشوير مروري توجهه نحو ملاذ جديد أكثر أمنا واستقرارا، أو هكذا تبدو الطريق. ليست المواثيق الحقوقية الدولية والجهوية هي التي تدعو إلى توفير العيش الكريم للاجئين، بل إن الكتب السماوية ظلت تحث على استضافة «المستجير» حتى ولو كان كافرا خارجا عن الدين، وذلك بتوفير الأمن والأمان والكسوة والطعام، «وأما السائل فلا تنهر» بالمفهوم العام للآية. لكن شتان بين الخطاب الديني والحقوقي، وبين ما يعيشه اللاجئون في بلد فتح شرفته على نسمة الحريات العامة، فاللجوء أصناف، السياسي هو الأكثر حظوة والاجتماعي الأقل نصيبا من الرعاية ومن الاهتمام، بينما تمكن اللجوء الاقتصادي في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، من نيل كل سبل الاستضافة وأعرافها، فيما يتأرجح اللجوء الديني والفكري والفني والرياضي بين الكرم والتنكر، حسب طبيعة اللجوء وقيمة اللاجئ فيما يشبه التعامل البراغماتي مع الظاهرة. يحظى اللاجئ السياسي، لاسيما إذا كان قادما من بلد يعادي وحدتنا الترابية ويمارس في المنتظم الدولي خرجات مقلقة للديبلوماسية المغربية، بعناية خاصة ويطوق بكل طقوس الضيافة والكرم المغربيين، بل ويتحول إلى ورقة سياسية يتم تداولها على طاولة النزاع، لكن كلما لاحت في سماء العلاقات بين البلدين بوادر التطبيع، جمع اللاجئ حقائبه ووقف في طابور السفارات بحثا عن تأشيرة جديدة لملاذ جديد، خوفا من مقايضة سياسية لا تؤتمن عواقبها. يعاني اللاجئون الأفارقة القادمون من دول ما وراء الصحراء من القهر، فيسترخصون أرواحهم ويرتمون في البحر بحثا عن زورق نجاة إلى أوربا، هذه الفئة لا تحصل على صفة لاجئ، لاعتبارات «إنسانية»، وهناك مثقفون ورياضيون من دول عربية وغير عربية حلوا بالمغرب بحثا عن وطن ثالث يؤمنهم من خوف ويطعمهم من جوع، في رحلة سرية لا تخلو من مخاطر، قبل أن تتجدد في دواخلهم رغبة لجوء أخرى إلى مرفإ يحقق الحد الأدنى من الأمن والأمان والعيش الكريم. يقول الراسخون في علم اللجوء، إن اللاجئين السياسيين العرب والأفارقة هم الأكثر حظوة في المغرب، بينما المثقفون والرياضيون واللاهثون نحو الهجرة الأوربية هم الأقل مكانة في التصنيف الخاص باللجوء، ويرى البعض أن اللاجئ الاقتصادي لا يستحق صفة لاجئ، بل هو مجرد مهاجر ما دام يغادر موطنه طواعية ليبحث عن حياة أفضل، أما اللاجئ فالظروف الاقتصادية للوطن الذى يطلب فيه اللجوء هي أقل أهمية عنده وتأتي سلامته فى المرحلة الأولى. وعمليا يصعب التمييز بين الحالتين، ولكن الشيء الأساسي هو أن المهاجر الاقتصادى ما زال يتمتع بحماية الدولة التى ينتمى إليها، فهو مستثمر أكثر من لاجئ يبحث عن موطن. ومن أشهر حالات اللجوء السياسي إلى المغرب، والتي أحيطت بكل طقوس الضيافة الإنسانية والأمنية، حالة أحمد بن بلة، الذي كان لاجئا في الخمسينات في المغرب، واعتقل بعد ذلك في عملية قرصنة جوية فرنسية سنة 1956، لكنه أصبح رئيسا للجزائر بعد استقلالها من سنة 1962- 1965، ومورجان تسفا نيجيراي الزيمبابوي الجنسية، وكان لاجئا سياسيا في المغرب لمدة عامين من 1999 إلى 2001، قبل أن يعود إلى جنوب إفريقيا بدعوة من مانديلا ويصبح رئيسا لوزراء حكومة زمبابوي سنة 2008، لاسيما وأن هذا البلد كان «ميالا» لأطروحة البوليساريو، على غرار الدول المحيطة بنظام بريتوريا. ومن السياسيين الذين مزجوا بين اللجوء السياسي والاقتصادي، هناك أحمد بوضياف الذي لجأ سياسيا واقتصاديا بشكل مبكر إلى المغرب قبل أن تشرق شمس الاستقلال في الجزائر، ثم أصبح رئيسا للبلاد، لتتم تصفيته بعد مقام قصير في كرسي الرئاسة. ويمكن تصنيف مقام عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الحالي للجزائر بالمغرب، في خانة اللجوء السياسي، رغم أنه ولد في مدينة وجدة الحدودية سنة 1937، لأب من اللاجئين الجزائريين في المغرب، إضافة إلى أمير طوارق تمبكتو، محمد علي الأنصاري، الذي كان لاجئا في مدينة الرباط وأصبح وزيرا في الحكومة النيجيرية، وحين استبد به المرض، عاد إلى المغرب وعاش آخر أيامه في مدينة تمارة التي دفن فيها. هناك لاجؤون اختاروا المغرب مكرهين بعد أن اجتاحت بلدانهم ثورات أجبرتهم على التخلي عن السلطة، كالشاه الإيراني السابق رضا بهلوي وعائلته، والرئيس الزاييري دفين الرباط موبوتو سيسيسيكو، بينما لجأ سياسيون من الدرجة الثانية للمغرب سرا وغادروه جهرا. لم يبال كثير من اللاجئين بمناخ سنوات الرصاص، وأصروا على ركوب الأهوال إلى مغرب يقبع بعيدا في خريطة العرب وإفريقيا، مطلا على قارة تنبعث منها نسائم الحرية والعدالة الاجتماعية، بل إن أغلب الوافدين على المملكة الشريفة، صدقوا وصفة جبر الضرر وطي صفحة سنوات الرصاص، فدخلوا المغرب بمجرد أن عين الحسن الثاني وزيرا لحقوق الإنسان، دون أن يسألوا عن أي حق يتكلمون ولأي إنسان. ولأن اللاجئين أصناف، فمنهم من يمر عبر القنوات المتعارف عليها ويخضع للمساطر المعهودة في بناية صغيرة وجدت بالصدفة في حي المستشفيات في الدارالبيضاء، وهي عبارة عن كنيسة قديمة وضعت تحت تصرف منظمة غوث اللاجئين، حيث يحول مجموعة من الموظفين إلى مكتب للإنصات يسمعون آهات الفارين من ظلم حكام قبل أن يتم جبر الضرر بإعانات مادية وأخرى معنوية، وفي أسوء الحالات كلام حلو يخفف ما نزل. لكن الحكومة المغربية، لا تتردد في إرجاع بعض اللاجئين أو صدهم بعيدا عن المغرب، رغم أن معاهدة الأممالمتحدة لسنة 1951 المتعلقة بحقوق وحماية اللاجئين، تنص بصريح العبارة فى المادة رقم 33 على أنه «يجب على الدول الموقعة على هذه الاتفاقية أن لا تطرد أو تعيد لاجئا مهما كانت الطريقة، إلى حدود المناطق التى قد تكون فيها حياته مهددة بالخطر بسبب جنسه أو دينه أو عرقه أو عضويته فى مجموعة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية»، إلا أن ما حصل مع المعارضين، خاصة الليبيين، يتعارض وهذا البند، بل إن أغلب حالات «الإرجاع» تتم لعدم حصول اللاجئين على تأشيرات دخول للتراب المغربي حتى ولو كان بلون الوحل.
تاريخيا، كانت ولاية تمبكتو جزءا لا يتجزأ من الدولة المرابطية ودولة الموحدين والسعديين، كما أن بعض قبائل ولاية تمبكتو من أصول أندلسية مغربية، سياسيا كان الأمير محمد علي الأنصاري أمير طوارق تمبكتو، مقاوما شرسا للاستعمار الفرنسي ومهندس السياسة الخارجية للطوارق. وطد الأمير محمد علي الأنصاري علاقاته مع المغرب منذ عهد الملك محمد الخامس في إطار ما كان يسميه المغاربة في الأربعينات عمقهم الجنوبي وثغرهم في الصحراء الكبرى، وقد خلت كتابات كثير ممن دونوا تاريخ المغرب الحديث من أية إشارة من قريب أو من بعيد لأي دور للأمير محمد علي الأنصاري أو بقية القادة الجنوبيين للحركة الوطنية للمغرب الكبير في الخمسينات، أمثال أمراء قبائل الصحراء الكبرى وشيوخ الصحراء المغربية. عمل الأمير محمد علي الأنصاري مع الملك محمد الخامس خلال السنوات الحرجة من تاريخ المغرب عندما تكالب الفرنسيون و"القومجيون" البعثيون ضد المملكة، وهو ما أغضب فرنسا التي فصلت تمبكتو عن الحكم المغربي وضمتها إلى داكار. لقد كان الأمير محمد علي الأنصاري يناضل من أجل مغرب عربي كبير يمتد من البحر المتوسط إلى نهر النيجر أو ما يعرف بالمغرب الأوسط، هو الاسم القديم للجزائر وكان الطوارق في شرق الصحراء الكبرى يقاتلون على جبهة ثالثة في إقليم فزان الليبي، بالتنسيق مع عمر المختار والأسرة السنوسية في إقليم برقة، وكان الأمير محمد علي الأنصاري مهندس السياسة الخارجية للطوارق على الجبهات الثلاث وحلقة وصل بينهم وبين العالم العربي وبقية حركات التحرر. و أمضى قادة أزواد في سجون مالي ما بين 1963- 1977، بعدها عاد الأمير محمد علي بن الطاهر الأنصاري للمغرب بعد أداء فريضة الحج، حيث أكرمه الملك الحسن الثاني وأسكنه في حي اليوسفية في الرباط، ثم في تمارة غير بعيد عن العاصمة، حيث قضي آخر حياته حتى انتقل الى جوار ربه عام 1995 ولازال أنصاره يترددون على قبره إلى الآن.
أحمد بن بلة: بين مسقط الرأس والقلب
رغم أن مقامه بالمغرب كان قصيرا، إلا أن الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة، فجر قبل وفاته مفاجأة من العيار الثقيل، حين قال إنه مغربي الانتماء، وهو ما جعل المغاربة يتلقون العزاء في فقدانه على غرار الجزائريين. يقول أهل منطقة زمران بإقليمقلعة السراغنة نواحي مراكش، إن أصول الرئيس أحمد بن بلة، من هذه التربة، التي يرقد في أحشائها أجداده، وهو ما جعله من أبناء المغرب الأوفياء، رغم أنه من مواليد مدينة مغنية، التي لا تبعد عن وجدة إلا ببضعة كيلومترات، بينما تلقى تعليمه الثانوي في مدينة تلمسان المتاخمة للشريط الحدودي للمغرب مع الجزائر. لم يخف بن بلة انتماءه للمغرب، حيث أقر لجريدة "الحرية الجزائرية"، بكونه مغربي الجذور، وقال: "نعم أنا مغربي ولدت حقا في الجزائر، وترعرعت بها، لكن والدي ووالدتي مغربيان"، مؤكدا أن ذلك لم يؤثر على حبه للجزائر وخدمته لشعبها طوال فترة حكمه. بعد 132 سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، وبعد كفاح مرير ضد المستعمر ونضال دام منذ التحاقه بصفوف الحركة الوطنية، جلس بن بلة على كرسي الرئاسة وأمسك بزمام الحكم في الجزائر من سنة 1962 إلى 1965، وظلت والدته تقطن مدينة وجدة وتتنقل إلى العاصمة الرباط للقاء ابنها كلما حل بالمغرب، بل إن الزعيم الجزائري استقبل من طرف جنود التحرير الوطني الجزائري، الذين كانوا يرابطون في مدينة وجدة، كما حظي مرارا باستقبال شعبي في شوارع الرباط. ورغم أنه تلقى تعليمه في مغنية وتلمسان، إلا أن لبن بلة ذكريات بمدينة وجدة، مهد الثوار الجزائريين، حيث كان بعض أفراد عائلته يقيمون فيها مع والدته من قبيل أختيه وعمه، وهناك بعض الكتابات التي تحدثت عن تنقلات الزعيم الجزائري بدراجة هوائية بين مغنية ووجدة، من أجل زيارة العائلة ولعب مباريات في كرة القدم، بعد أن ارتبط بعلاقات صداقة متينة مع لاعبي المولودية الوجدية، من قبيل المدني وبلخير والشلال والداي وكعواشي والعزاوي وغيرهم من لاعبي الجيل الذهبي. ويقول قدماء الفريق الوجدي إن بن بلة بمجرد الإفراج عنه مع بداية عهد الشاذلي بن جديد، بلغ إلى علمه الوضع المادي المتردي لصديقه اللاعب الدولي الوجدي السابق بنبراهيم الشيباني، فأرسل له شيكا من فرنسا بقيمة 6000 فرنك فرنسي. لذا كان الرجل محقا حين قال قبل سنة عن وفاته: "أنا ذو أصول مغربية"، مع ما ترتب عن هذا التصريح من "بوليميك" سياسي.
محمد بوضياف: خرج ولم يعد
محمد بوضياف هو أحد مفجري الشرارة الأولى للثورة الجزائرية وأحد أعضاء نواتها الصلبة، والذي غاب عن الجزائر لمدة ثلاثين سنة قضى أغلبها في مدينة القنيطرة، فرارا من حكم إعدام صدر في حقه من طرف حكومة أحمد بن بلة، باعتباره "يشكل خطرا على الأمن القومي الوطني". قصد الرجل المغرب هاربا من مطاردة السلطات الاستعمارية، واختار المقاومة السرية في إطار تنظيم عسكري تابع لحزب الشعب الجزائري، قبل أن يساهم رفقة رفاق دربه أحمد بن بلة ورابح بيباط والحسين أيت أحمد وآخرون في خلق نواة لمقاومة شرسة ضد المستعمر الفرنسي.، لكن تاريخه النضالي لم يشفع له، حيث اعتقل سنة 1963 بالجزائر وحكم عليه بالإعدام، بتهمة التآمر على أمن الدولة. وبعد تدخل العديد من الوسطاء، أفرج عنه لماضيه النضالي فسافر إلى باريس ومنها إلى مدينة القنيطرة حيث قضى فيها قرابة ثلاثين سنة، بعد أن استثمر أمواله في إنشاء معمل للآجور بالقرب من قنطرة أولاد برحال، قبل أن تستغيث به المؤسسة العسكرية في الجزائر ليكون رئيسا للجمهورية خلفا للشاذلي بن جديد. كان محمد بوضياف، طيلة مقامه بالقنيطرة، محط رعاية الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، كما كان محل احترام وتقدير كل القنيطريين. حيث تمكن بعمله وجهده من تحقيق ثروة تكفل له ولأبنائه وزوجته العيش بكرامة، بل إنه حين عين على رأس المجلس الأعلى للدولة في مطلع سنة 1992 رفض أن يتقاضى راتبا، تأكيدا على نزاهته ورغبته في إخراج الجزائر من الأزمة. أقنع الجيش محمد بوضياف بضرورة العودة إلى الجزائر التي كانت على وشك الاختناق السياسي، علما أن قادة الجيش الجزائري آنذاك كانوا يرغبون في تجنب الكارثة، باللجوء إلى شخصية محورية في ثورة التحرير الجزائرية، معتقدين أن شرعية محمد بوضياف بإمكانها إلغاء الشرعية الانتخابية، لكن تمت تصفيته بعد 166 يوما فقط من عودته. ويروي شاهد عيان تفاصيل الخلاف الذي اندلع بين بوضياف والمؤسسة العسكرية، حينما قرر الراحل بوضياف، أسابيع بعد عودته الى الجزائر، القيام بزيارة خاصة لأسرته المقيمة بالمغرب، لكن الجنرال نزار عارض إرادة بوضياف متذرعا باحتمال استغلال المغرب للزيارة الخاصة لرئيس الدولة الجزائرية لإثارة موضوع الصحراء، واقترح نزار على بوضياف ترتيب زيارة سرية للرئيس مع أسرته بهوية مستعارة، وهو ما رفضه بوضياف بإصرار، مطالبا بعدم إقحام أفراد عائلته في قضايا سياسية أو خلافات بين البلدين. وتفيد الروايات أن بوضياف دعا جنيرلات الجيش الجزائري إلى تبني مقاربة جديدة في ملف الصحراء، وأشار إلى ضرورة تصحيح المسار المتخذ وبقرارات جريئة، لأن الجزائر في هذا الظرف ليس في وسعها تحمل أعباء الصحراويين، ولا عداوة المغاربة، مما أثار حفيظة القيادات العسكرية، التي وقفت على مواقف الرئيس الجديد، قبل أن تخطط لاغتيال رجل قدم حياته ثمنا لإرادته وحرصه على طي ملف الصحراء وإنهاء "حدوثة" البوليساريو، بموازاة مع كشف الفساد والمفسدين.
المحيشي المعارض الليبي التعيس
في شهر دجنبر من سنة 2009، وجهت عائلة المعارض الليبي واللاجئ السياسي، عمر عبد الله المحيشي، ومجموعة من الفعاليات السياسية الليبية، رسالة إلى شكيب بن موسى وزير الداخلية السابق، حول الاختفاء القسري للاجئ المملكة المحيشي، تساءلت مضامينها حول مصير اللاجئ السياسي الليبي بالمغرب الرائد عمر عبد الله المحيشي، الذي منح حق وحماية اللجوء السياسي بالمغرب سنة 1980، لتختفي كل الأخبار عنه وحوله بعد ثلاث سنوات من الضيافة. كان الرائد عمر المحيشي عضوا في مجلس قيادة الانقلاب على النظام الملكي في الفاتح من شتنبر، وهو الانقلاب الذي جاء بالعقيد معمر القذافي للسلطة في ليبيا. وحتى انشقاق الرائد عمر المحيشي عن نظام العقيد القذافي، في غشت 1975، تولى المحيشي مناصب قيادية وسيادية منها منصب وزير. وعلى إثر إحباط المحاولة الانقلابية، استقر المحيشي كلاجئ سياسي في تونس أولا، فمصر ثانيا، قبل أن ينتقل إلى المغرب في عز الخلاف السياسي بين العقيد معمر والحسن الثاني، لذا كان من الطبيعي أن يحظى المعارض الليبي بترحيب وضمانة من الملك الراحل الحسن الثاني، خلال فترة تولي إدريس البصري لوزارة الداخلية، لكن حين دب الدفء في شرايين العلاقات المغربية الليبية، اختفى الرائد عمر المحيشي وغابت أخباره إلى الآن. ولأن الرائد عمر المحيشي كان معارضا ومناوئا لحكم العقيد القذافي، وبالنظر إلى انعدام أي أخبار موثقة عنه، فإن حالة اختفائه، حسب الرسالة الموجهة للداخلية، "هي حالة اختفاء قسري" حسب تعريف القانون الدولي، لكن الأقاويل تناسلت وأكثرها تداولا هي تسليم السلطات المغربية ضيفها للسلطات الليبية، "ضمن تسويات سياسية واتفاقيات اقتصادية"، على حد تعبير عائلة المحيشي، وحين تمت إبادة نظام القدافي، تجدد الحديث حول قضية اللاجئ المختفي، حيث أصبح مطلبا للهيئات الحقوقية وليس شأنا عائليا كما كان في السابق، رغم وجود أخبار غير موثوقة تتحدث عن مقتل الرائد من طرف اللجان "غير" الشعبية للنظام البائد.