حضر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في خطوة لافتة، إلى ملاح فاس، صباح أمس الأربعاء، لتدشين معبد يهودي جديد بالعاصمة العلمية، التي تقدم بكونها من أكبر المعاقل التاريخية لليهود المغاربة قبل أن تتفرق بهم السبل بعد فترة الاستقلال، وتساهم الحركة الصهيونية في جر عدد منهم في اتجاه إسرائيل. وترأس بنكيران وفدا رسميا رفيع المستوى ختلط بأفراد الجالية اليهودية، التي قدمت من مختلف أرجاء العالم لحضور حفل «إعادة الاعتبار» للمكون اليهودي المغربي، والمساهمة في الحفاظ على «ذاكرته الثقافية»، عن طريق تدشين هذا المعبد اليهودي. وضم الوفد الرسمي المغربي، الذي حضر تدشين المعبد، كلا من رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزيره في الداخلية، امحند العنصر، ووزير الثقافة، والمستشار الملكي أندري أزولاي، وعمدة فاس، حميد شباط، ووالي جهة فاس، محمد دردوري، وعمال أقاليم كل من صفرو ومولاي يعقوب وبولمان، ورئيس الطائفة اليهودية العالمية، ورئيس الطائفة اليهودية المغربية، وبعثات دبلوماسية بالمغرب، من أبرزها سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية وعقيلته. وكان لافتا حضور شباط إلى جانب بنكيران، في أول لقاء مباشر لهما بعد أزمة مذكرة التعديل الحكومي لصاحبها عمدة فاس. كما كان لافتا أن الوفد المغربي حضر للتدشين باللباس المغربي التقليدي. ولا تزال فاس تحتفظ بحضور عدد قليل من اليهود، لكن المؤسسات الدينية والثقافية اليهودية أصابتها عوامل «تعرية». وتقرر إنشاء معبد في ملاح فاس، وهو الفضاء الذي ظل اليهود يقطنونه إلى وقت قريب، قبل أن يعرف «هجرة» شبه جماعية لليهود في اتجاه مدن مغربية كبرى، أو في اتجاه أوربا أو أمريكا أو مباشرة نحو إسرائيل. ومع ذلك فضل عدد منهم عدم بيع منازلهم. ويتكلف يهود آخرون بتحصيل مستحقات الكراء. ويستجيب المعبد الجديد الذي تم بناؤه في ملاح فاس لمعايير البناء الحديثة. وقالت المصادر إنه سيكون، في المستقبل، قبلة لليهود المغاربة في مختلف بقاع العالم، مما سيساعد على تنمية السياحة، وترسيخ قيم التعايش. وكان بنكيران قد حضر عددا من المناسبات اليهودية منذ توليه رئاسة الحكومة. وقُرئ هذا الحرص على حضور مناسبات الطائفة اليهودية بأنه رسالة من الإسلاميين المعتدلين المغاربة للطوائف الأخرى، الغرض منها تفنيد الأحكام الجاهزة التي تعمم على الحركات الإسلامية بخصوص نظرتها للمكونات الدينية المغايرة. ويوجد ملاح فاس بالقرب من القصر الملكي. وتقول الدراسات إن الحي اليهودي (الملاح) ظهر أول ما ظهر في مدينة فاس، وأصل تسميته بالملاح يعود إلى عهد المرينيين في الثلاثينيات من القرن الخامس عشر الميلادي. وكان الملاح بفاس يعد «القلب النابض» للمدينة، ولا زال إلى حد الآن يعرف حركة تجارية مهمة، بالرغم مما فعلته به نوائب الدهر.