انتقد محمد نجيب بوليف، وزير الشؤون العامة والحكامة، التشتيت الحاصل في بعض السياسات والبرامج العمومية، من خلال الإستراتيجيات ذات الأهداف القطاعية، والتي تتسبب في بعض الأحيان في عدم تحقيق الأهداف المسطرة. واعتبر بوليف، في افتتاح أشغال المناظرة الوطنية الأولى للحكامة حول موضوع «التقائية، الإستراتيجيات والبرامج القطاعية»، صباح أمس في الصخيرات، أنّ «أي برنامج لا يكون مفعوله ملموسا على المواطن فإنه لا يمكن القول إنه يؤتي أكله». وشدّد بوليف على ضرورة استحضار بُعد الزمن، سواء المتعلق بالولاية الحكومية أو الولاية البرلمانية، في إنجاز البرامج، على اعتبار أنهما محدّدان في الزمن، متسائلا في السياق ذاته «إنْ كانت مختلف الأهداف الخاصة بكل قطاع تحقق الهدف العام الذي نريده لبلدنا، وتحقيق التنمية والرخاء». وأشار الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة إلى أن تجميع الفرص والبرامج يؤدي إلى تقليص تكلفة التدبير، مستدلا بمثال إنشاء مدرسة في قرية نائية دون توفير الطرق التي سيسلكها التلاميذ للوصول إلى المدرسة ودون توفير الماء والكهرباء الضروريين لسير المؤسسة، حيث أكد أنه لا يمكن إنجاز برنامج ما دون وجود تنسيق وتكامل بين مختلف القطاعات المتدخلة. وأوضح بوليف أن المغرب يعرف تنوعا في طرق عمله من خلال إستراتيجيات قطاعية ومجموعة من الرؤى، كرؤية القطاع السياحي والصناعة التقليدية، ومجموعة من البرامج، كالسكن الاجتماعي، وبرامج أفقية، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث شدّد على ضرورة تجميع مختلف هذه الإستراتيجيات. وأكد الوزير أنّ «الحكامة تأخذ بُعدا مركزيا في العمل الإصلاحي والبناء الديمقراطي، الذي نعمل على إرساء قواعده، وهي قبل أن تكون آلية فهي فلسفة في التدبير، ولكونها فلسفة فهي أيضا سلوك في التنزيل، لا يمكن الأخذ بجزءٍ في قطاع معين وترك الجوانب الأخرى». من جهته، سجل عبد الله باها، وزير الدولة، أن الحكامة تكتسي في الظرفية الحالية التي تمر منها بلادنا أهمية بالغة نظرا إلى التأكيد الذي حظيت به الحكامة الجيدة في الدستور، الذي اعتبرها ركيزة أساسية للحفاظ على الحقوق ودولة والحق والقانون، وأيضا في البرنامج الحكومي وفق ثلاثة مرتكزات، هي العمل المندمج والمتكامل والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأكد باها أنّ تفعيل هذه التوجهات يستدعي التدبير الأمثل للشأن العام واستحضار الضرر الناتج عن اختلالها على المالية العمومية والاقتصاد الوطني والتوزيع العادل لثمار النمو، حيث سجل أن هناك ارتباطا وثيقا بين الحكامة والتنمية والأثر الإيجابي للحكامة الجيدة على سير القطاعات والمؤسسات الحكومية، مؤكدا في الآن ذاته ضرورة اعتماد أساليب جديدة في تدبير الشأن العام، تساهم في محاربة الفساد والريع، بمختلف أشكاله. وسيتم تعميق النقاش في ورشات موضوعاتية بهدف اقتراح إجراءات وتدابير وآليات عملية لتذليل العقبات وتحقيق الانسجام والالتقائية المتوخاة، حيث ستركز على ثلاثة محاور تهمّ الإستراتيجيات والبرامج القطاعية، مجالات التكامل وآليات الالتقائية وآليات التمويل واندماج الإستراتيجيات والبرامج القطاعية ومحور آليات تتبع وتقييم الإستراتيجيات والبرامج القطاعية. وينتظر أن تتلوّ مناظرة الصخيرات مناظرتان ستخصَّصان لتناول جوانب أخرى، كالحكامة المؤسساتية والحكامة المحلية.