عاد قاموس عالم الحيوانات ليؤثث المشهد البرلماني، بعد أن نحت عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، مصطلحا جديدا خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، المنعقدة مساء أول أمس الاثنين، حينما وصف الديمقراطية المغربية ب«ديمقراطية الحيوانات». فيما حول عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، جلسة مساءلته حول ارتفاع كلفة المعيشة والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين، إلى منبر لمخاطبة من سماهم «خوتي لمغاربة» عوض نواب الأمة، وتمرير رسائل الطمأنة بأن لا زيادة في الأفق في أثمان المواد الأساسية. وشن رئيس الفريق النيابي ل«البام» هجوما حادا على بنكيران، مشيرا إلى أنه لا يمكن الإصلاح بلغة العفاريت وديمقراطية الحيوانات، وقال: «لا أحد يشوش على الحكومة، نريد فقط أن ندفع بالديمقراطية نحو الأمام، ولا يمكن أن يكون ذلك بلغة الحيوانات من تماسيح وعفاريت، بل هناك من أضاف حتى الوزراء ووصفهم بالضفادع الصماء التي لا تسمع للأغلبية وللمعارضة». وتابع وهبي تدخله بلهجة تهكمية قائلا: «هي خطوة إيجابية إلى الأمام حقا أهنئكم عليها السادة الوزراء، فديمقراطيتنا أصبحت ديمقراطية الحيوانات». رئيس فريق «البام» اتهم بنكيران ب«التهام» الديمقراطية بشكل كبير، وب«افتقار» حكومته إلى أجوبة عن الواقع الاقتصادي ولسياسة اقتصادية»، مشيرا إلى أن على الحكومة ألا تعتبر مواقف المعارضة تشويشا، «فنحن نريد أن نحمي وطننا، ونريد الاستقرار لوطننا، لأن المزايدات السياسية والكلامية وتبادل الاتهامات حول من يمثل الديمقراطية هي التي قتلت شكري بلعيد في تونس». إلى ذلك، اتهم عبد الهادي خيرات، القيادي الاتحادي، حكومة بنكيران بالتشويش على نفسها وزعزعة الاستقرار، محذرا من تكرار سيناريو أحداث شهداء الكوميرة بالدار البيضاء في سَنة 1981. واعتبر خيرات أن التصريحات التي أطلقت حول إصلاح صندوق المقاصة من قبل كل من نجيب بوليف، الوزير المنتدب المكلف بالحكامة، ونزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، وكذا عادل الدويري، القيادي الاستقلالي، التي تحدثت عن رشوة سياسية، من شأنها أن تعيد سيناريو 1981. وقال خيرات، في معرض حديثه عن إصلاح صندوق المقاصة: «من العار استفادةُ أصحاب السيارات رباعية الدفع من البنزين والكازوال، بالأسعار نفسها للسيارات العادية، التي يمتلك معظمها المنحدرون من طبقات في أصلها متوسطة أو أقل من متوسطة.. ومن العار أن نستفيد كبرلمانيين من البوطا غاز بثمن 40 درهما، الذي تستفيد منه الطبقات الفقيرة.. كما لا يعقل أن يستفيد أصحاب المقاهي الكبرى من السكر، بالثمن نفسه، الذي تدفعه الأسر الفقيرة». وفيما تحدى خيرات الحكومة أن تقدم إحصاء للفقراء بحي سيدي مومن الصفيحي فبالأحرى فقراء المملكة، انتقد عبد العزيز عماري، عن حزب العدالة والتنمية ما سماه «ليضوضان» الذي تضعه بعض الجهات في طريق الإصلاح، محذرا من التعامل مع ملفات حساسة بأساليب فيها محاولات اللعب بالنار وتأجيج وتأليب الشارع المغربي على هذه الحكومة لتخفيض وتيرة سرعة الإصلاح، محملا المسؤولية لرئيس الحكومة في ضبط إيقاع وسرعة إنجاز أوراش الإصلاح الحقيقية. من جهة أخرى، لم يتوان بنكيران عن مهاجمة المعارضة وبشدة، وقال: «أتألم عندما نسمع أن إصلاح صندوق المقاصة هو رغبة منا في احتكار الإصلاح والحصول على أصوات الناخبين. واش بغيتو نطيروها للناس كاملين باش حتى واحد ما يصوت علينا. مايمكنش الإنسان يبدا غير كيشير.. قولو لي شنو بغيتيو؟ بغيتو تغرقو البلاد باش تكونو فرحانين؟ وتقولو للناس حنا مزيانين معاكم؟». وكان لافتا خلال تدخل بنكيران حرصه على تحويل منصة مجلس النواب إلى منبر لتوجيه رسائل مباشرة إلى المواطنين عوض البرلمانيين لنفي عزم حكومته الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، إذ قال: «خوتي المغاربة كيفاش تقثوا بلا البوطة دايرة 120 درهم ونتوما كتشريوها ب 40 درهم عند مول الحانوت.. ردو البال، مقصودهم يخسرو ليكم هاد التجربة الحكومية الناجحة، ردو البال يا خوتي المغاربة». واستدرك قائلا: «تفرسوا جيدا في الوجوه لتعرفوا من يأتي بالإشاعات ومن يقول الحقيقة.. وإذا رأيتم وجوها غريبة وعجيبة تخاطبكم فاحذروا». وأثار تحوير بنكيران جلسة الأسئلة الشهرية لمخاطبة الرأي العام حفيظة عدد من الفرق البرلمانية، من بينها الفريق الاستقلالي، التي لم تخف امتعاضها مما سمته عدم احترام المؤسسة الدستورية. مصادر برلمانية أكدت أن بعض الفرق تعتزم توجيه مراسلة إلى كريم غلاب رئيس مجلس النواب من أجل تنبيهه إلى تحوير جلسة المساءلة الشهرية لمخاطبة الرأي العام. ولم تخل آخر جلسة لمساءلة رئيس الحكومة خلال الدورة الخريفية من طرائف، كان من أبرزها اختصار ممثل إحدى المجموعات النيابية تدخله في 3 كلمات: «أعانكم الله ووفقكم» ليهم بعدها بالنزول من المنصة، فيما اختار النائب الاستقلالي أحمد مفدي اعتلاء منصة البرلمان وهو يعتمر قبعة، وهو ما أثار رئيس المجلس كريم غلاب الذي طالبه بإزالتها، فرد عليه النائب الاستقلالي بالقول: «ذلك شأن خاص».