خيم اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، والأوضاع في دول الربيع العربي، على اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أول أمس السبت، حيث توقفت تدخلات بنكيران وعدد من أعضائها كثيرا عند الحادث وانعكاساته، فيما بدا لافتا خلال تلك المناقشات مهاجمة قيادة الحزب الإسلامي للتدخل الفرنسي في الشؤون التونسية، ورفضها تصريحات وزير الداخلية الفرنسي، التي قال فيها إن «الأمل في الانتخابات التي تسمح للقوى الديمقراطية والعلمانية، التي تحمل قيم ثورة الياسمين أن تفوز بها غدا»، مشيرا إلى أن هذه «مسألة رئيسية ليس بالنسبة للتونسيين فحسب، ولكن لمنطقة البحر المتوسط بأسرها، وأيضا بالنسبة لفرنسا». واعتبرت تدخلات إسلاميي المغرب أن تلك التصريحات خارجة عن النص، وأن ما يحاك ضد تجارب الإصلاح في العالم العربي التي يقودها الإسلاميون واحد، لكن بأشكال مختلفة. وأدانت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية جريمة اغتيال المناضل التونسي شكري بلعيد، القيادي في الجبهة الشعبية، معتبرة هذا «العمل العدواني الجبان عملا مرفوضا وغريبا عن ثقافة الشعب التونسي والوجه السلمي والحضاري للثورة التونسية». ولم تتوان قيادة الحزب، في بلاغ لها، من توجيه رسائل إلى الداخل كما إلى الخارج، بالقول إن الذين يقفون وراء عملية الاغتيال والمستفيدين منها والساعين إلى توظيفها يلتقون جميعا في استهداف مسار الانتقال الديمقراطي في المنطقة، داعية جميع القوى السياسية الوطنية والدولية إلى الرد الحازم على نزعات الغلو والتطرف بالمزيد من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز الوحدة الوطنية وتغليب صوت العقل والحكمة وتحقيق إرادة الشعوب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وكان عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، قد لمح إلى إمكانية مناقشة موضوع التعديل الحكومي، خلال لقاء «المكاشفة والمصالحة» الذي سيجمعه مع حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، وزعماء حزبي التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية. وترك بنكيران الباب مواربا، وهو يرد على تساؤلات أعضاء الأمانة العامة لحزبه خلال اجتماعهم، الذي انعقد أول أمس السبت بشأن مطلب الاستقلاليين بإجراء تعديل حكومي، حيث أوضح أن جدول أعمال لقاء رئاسة التحالف الحكومي لا يتضمن نقطة التعديل، قبل أن يستدرك قائلا: «ما عندناش شي حاجة في جدول الأعمال اسميتها تعديل حكومي ولكننا سنتناقش». بنكيران وصف اللقاء المنتظر عقده مع زعماء الأغلبية، بعد أشهر من بقاء رئاسة التحالف جامدة بسبب الخلافات بينه وبين شباط، ب«العادي»، وأنه «سيحاول تصحيح الاختلالات»، كاشفا بالمقابل أن حكومته ستعرض خلال الأيام القادمة المخطط التشريعي، وهو المخطط الذي طال انتظاره وخلق غيابه إشكالا على المستوى البرلماني بين الأغلبية والمعارضة في ظل تقدم كل واحدة منها بمقترحات قوانين ومقترحات مضادة. وحسب مصدر مطلع من الأمانة العامة، فإن قرب إفراج الحكومة عن المخطط التشريعي سيمكن من تجاوز «البلوكاج» الذي يعرفه التشريع حاليا، وسيكون مناسبة لوفاء الحكومة بما التزمت به، فيما «سيتوجه البرلمان إلى وضع مخطط تشريعي خاص به لنكون أمام منطق التكامل لا التقاطع». وفي الوقت الذي أكد بنكيران، حينما سئل عن أجندة الانتخابات، أن الأمر لم يحسم بعد، وأنها مازالت تخضع للمناقشة، استهجن عدد من أعضاء الأمانة العامة مهاجمة أطراف في الأغلبية الحكومية وصفة الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة التي عرضت بعض ملامحها خلال اليوم الدراسي، الذي نظم الثلاثاء الفائت بالرباط. ووفق مصادر «المساء»، لم يخف المتدخلون استغرابهم من تلك التدخلات التي سددت سهام النقد اللاذع، واصفين الانتقادات الصادرة «تشويشا سابقا للأوان» على الإصلاح، وأكدوا أن الحكومة لم تحسم إلى حد الساعة في سيناريو بعينه من سيناريوهات الإصلاح.