تكتب الروائية العراقية لطيفة الدليمي في رواية «سيدات زحل»، ما يلي «لم يكن الفصل خريفا لكن رسائل ناجي كانت تستدعي المطر والفصول، إنه الصيف، الصيف تيه الغراميات المحرمة، فصل العشق المتخفف من الحذر، في الصيف أنام كمعظم الناس على سطح البيت تحت عباءة من نجوم وغمامة من حشرات فوسفورية لا أميز بينها وبين النجوم/سطوح بيوتنا ميدان لذة وحلم، سطوح مجلوة بضوء القمر وتأوهات اللذة، رذاذ ماء نرشه في الغسق على الأشجار فيطلق شميم التراب الشهي وتطير الفراشات الصغيرة من خمائل الياسمين وداليات العنب وأنصت لخفق قلبي ودمدمات الجسد، من الطرف القصي لبغداد من جهة مبهمة في الليل ينهمر عليّ غناء امرأة هو ليس بغناء، هو أي شيء آخر سوى الغناء، امرأة تتلظى في الشوق من ألف عام، نشيج جسد شمسي ولوعة أنثى قمرية، صوتها العباسي مختنق بالنحيب، نبرتها جرح ليلي، آهاتها تمط الوقت في ليل مكلل برماد الحب وعظام الموتى، ماهذا الغناء القاتل؟؟ اردد معها الكلمات وارتجف في عويل الريح تحت نجوم تموز الراعشة، (......) أسمعها مع هدير الدبابات وأرتجف، لصوت المغنية أذرع ومجسات تمتد نحوي وتحاول احتضاني لتؤنس وحشتي، مغنية لا يعنيني من تكون، صوت المرأة هو جسدها وجسدها هو نورها وعتمتها، المغنية تغرقني في العتمة وتزجني في ممرات النور فأبكي». أقرأ هذه الشذرة لهذه الكاتبة الكبيرة، بينما تتطاير الجثث في شاشات التلفزيون العالمية، ويسقط المزيد من القتلى في بلد السياب، وكأن تلك البلاد مقدودة من شريعة الدم. وأومن بأن النصوص والأدب يسبق الدبابات، يتكهن بحدوث الغرنيكا البشرية، في حين تتغذى الأخبار على مزيد من الضحايا وتنتشي بصور التشوهات البشرية.