عادت لغة «العفاريت» و«التماسيح» لتلقي بظلالها على مداخلات «الخلوة العلمية حول القوانين التنظيمية» التي نظمها مركز الشروق والإعلام وحقوق الإنسان، والتي تحدث فيها كل من بنكيران وبنعبد الله والشوباني ولشكر ومزوار وساعف. وجرى الحديث عن وجود «ريع تشريعي» وعن قوى داخل البرلمان تستفيد من هذا الريع، إلى غير ذلك من الترميزات التي أشبع بها الحقل السياسي المغربي، ولم تعد تؤدي وظيفتها الاستعراضية التي أطلقت من أجلها. فهناك الكثير من الحقائق على الأرض، ومن بينها أنه في عام تشريعي واحد لم يجر إنتاج إلا قانون تنظيمي واحد، وهذا يعني حالة العطالة التي توجد عليها الآلة التشريعية، والتي من المفروض أن تكون فرق الأغلبية وقودها الأساسي. في حين أن الكثير من المبادرات والمقترحات التشريعية تأتي من المعارضة، ولو دخل البرلمان بغرفتيه إلى هذا النفق من الاتهامات لما استطاعت حكومة بنكيران، ولو أكملت ولايتها حتى النفس الأخير، تنزيل كل القوانين التنظيمية المؤطرة للدستور والشارحة له. وداخل هذه الدوامة من التوصيفات «الميتافيزيقية والغيبية» لمشكلات تدبير الواقع السياسي، تتحول غرفة الانتظار التي توجد فيها البلاد إلى خيبة أمل تكبر مع الوقت، لتصبح حكومة بنكيران جزءا من المشكلة وليس طرفا في الحل. الفاعل السياسي مطالب، اليوم، بنهج شفاف ولغة واضحة وتوجه مباشر إلى مَواطن الخلل والمسؤولين عنه، حتى يكون المُواطن المغربي على بيِّنة من خصوم الديمقراطية ومناكفي حركة الإصلاح، وحتى تكون المحاسبة ليس من خلال صناديق الاقتراع فقط، وإنما بالمتابعة اليومية لعمل الحكومة والمعارضة وكشف الحساب كما يقتضي ذلك السلوك الديمقراطي، وليس بالهروب إلى الأمام أو الاختباء خلف قصة «علي بابا والأربعين حرامي».