أصدرت محكمة التمييز بنيفيل، جنوببروكسيل، حكم السجن المؤبد على الأم البلجيكية التي ذبحت أبناءها الخمسة في فبراير 2007، حيث اعتبرتها هيئة المحلفين «مذنبة» وأنها اقترفت فعل «القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد»، وأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن أفعالها، دون أن تأخذ بعين الاعتبار تقرير الخبراء الذي سعى إلى تبرئتها بحجة إصابتها ب«خلل عقلي»، أو العناصر التي تقدم بها الدفاع للاستفادة من ظروف التخفيف. وقد وصف القاضي ما قامت به بكونها «أفعال عنيفة للغاية». «أنا لا أعير اهتماما للعقوبة. فأنا سأظل حياتي كلها في حزن». هذا ما قالته جونفياف ليرميت، 42 سنة، للمحكمة، حسب جريدة «لوسوار» البلجيكية، قبل أن تنسحب من قاعة المحكمة حتى تتم مناقشة العقوبات التي ينبغي فرضها عليها. فيما نقلت الجريدة البلجيكية رد فعل زوجها المغربي الأصل، بوشعيب مقدم، على الحكم، حيث صرح قائلا: «لقد كان الحكم عادلا. لا توجد عقوبة أشد على الذين يقتلون الأطفال»، أما الدكتور ميشال شار، والد بوشعيب المقدم بالتبني، الذي أتى به من المغرب وهو لايزال بعد طفلا، فقد قال: «هذا الحكم ليس جائرا لأنه تم اعتبار جونفياف مسؤولة عن أفعالها. ما بقي هو محاولة الاستمرار في العيش». وتعود وقائع الجريمة إلى 28 فبراير 2007، عندما قامت جونفياف بقتل بناتها الأربع وطفلها من زوجها المغربي، والمتراوحة أعمارهم ما بين 3 و14 سنة. وحاولت بعد ذلك وضع حد لحياتها عبر محاولة طعن نفسها بسكين. وكانت الأم قد اعترفت بتفاصيل الجريمة خلال الاستماع إلى أقوالها الأولى على سرير المستشفى، حيث قالت إنها كتبت رسالة لصديقة لها تقطن بالقرب منها لتطلعها على «حالتها المضطربة»، وأنها خرجت بعد ذلك لترسلها ولدى عودتها اشترت سكينا بشفرة يبلغ طوله أكثر من 20 سنتيمترا. ولدى وصولها إلى المنزل، قامت بالمناداة على أطفالها، الذين كانوا يشاهدون التلفاز، الواحد تلو الآخر، لتقوم بذبحهم، كل واحد في غرفة منفصلة. وبعد ذلك حاولت الانتحار عن طريق طعن نفسها في الصدر قبل أن تتصل بالإسعاف، وتقوم بكتابة رسالة قصيرة على باب المنزل تقول فيها: «اتصلوا بالشرطة». وقال أحد المحققين إن عملية الذبح استغرقت نحو ساعة ونصف، فقد نودي على ياسمين (14 سنة) ونورا (12 سنة) ومريم (10 سنوات) ومينة (8 سنوات) والمهدي (3 سنوات)، الواحد تلو الآخر في الحمام وفي غرفة ثانية وثالثة. وصرح ممثل الإدعاء العام، خلال ندوة صحافية عقب اكتشاف الجريمة وإلقاء القبض على الأم القاتلة، بأن الجانية قامت بتنفيذ فعلها ما بين الساعة الواحدة ظهرا والساعة الثانية والنصف، موضحا أن الأطفال لم يكونوا على بينة مما كانت تقوم به والدتهم إلا البنت الكبرى التي حاولت وحدها مقاومة والدتها بناء على الآثار التي تمت معاينتها في مكان ارتكاب الجريمة. وقع هذه الجريمة البشعة كان كبيرا على الشارع البلجيكي وعلى معارف جونفياف التي كانت تعرف بكونها امرأة هادئة وخجولة وكتومة. الأم أكدت أنها لم تكن في حالتها الطبيعية عند ارتكاب الجريمة، إلا أن عددا من المراقبين لجلسات المحكمة قالوا إن تغيير الغرفة التي تتم فيها الجريمة، وارتداء الأم ملابس سوداء حتى لا تظهر بقع دماء على ملابسها، يعني أن الأم كانت تنفذ الجريمة وهي في حالة وعي بما تفعله، وأنها خططت للأمر. كما أن الزوج الذي وصل إلى بلجيكا قادما من المغرب في اليوم الذي تم فيه اكتشاف الجريمة، أكد أنه لم يلاحظ أبدا وجود المشكلات العائلية التي تحدثت عنها زوجته لتشرح سبب فعلتها الرهيبة، مضيفا في تصريح نقلته عنه صحيفة «لو سوار» البلجيكية: «زوجتي لم تظهر يوما أن هناك مشكلة. أنا لم ألاحظ أن هناك مشكلة في حياتنا المشتركة». ونفى الزوج أنه كان عنيفا أو معظم الوقت غائبا أو غير مبال بحالة الاكتئاب التي قالت زوجته إنها كانت تعاني منها. وتجدر الإشارة إلى أن جثامين الأطفال المغاربة الخمسة قد ووريت الثرى في مقبرة حي بن سركاو بأكادير بعد أن أدى حشد كبير من المواطنين صلاة الجنازة على أرواحهم بعد صلاة الظهر في مسجد محمد الخامس.