أغرب ما عشته في مساري خلال نهائيات كأس إفريقيا التي قمت بتغطية وقائها، هي تلك العلاقة الوجدانية التي تجمع جمهور الرأس الأخضر بعناصر المنتخب المغربي. في مقر إقامتنا بجوهانيسبورغ، شاءت الصدف أن يتقاسم معنا الفندق مناصرون من الرأس الأخضر، جاؤوا إلى جنوب إفريقيا من هولندا لمؤازرة منتخب بلادهم، كانوا رحماء في ما بينهم، وكانوا حريصين على المساندة الهادئة لفريقهم الوطني، دون تعصب أو صخب، حتى أنك تعتقد أنهم صم بكم لا يتواصلون. تبادل معنا مشجع من الرأس الأخضر التحية بفرنسية فيها لكنة برتغالية، وقبل أن نرد التحية بمثلها أخبرنا بأنه مقيم في مدينة روتردام الهولندية، وأن له شبكة علاقات مع المهاجرين المغاربة في المدينة التي أنجبت الحمداوي، قلت على الفور: -لهذه الاعتبارات سيكون الحمداوي رحيما بكم كما كان أمام أنغولا -ملعب كرة القدم ليس معبدا أو مزارا أو جمعية خيرية أو مستشفى للمعوزين توزع فيه الرحمة. لا يعيش مناصرو الرأس الأخضر تحت الضغط، فإذا هزمونا فتلك مفاجأة وإذا هزمناهم فهذا أقل من الواجب، بل إن مناصرين القرش لا يزورون مقر إقامة منتخبهم إلا نادرا. -المدرب لويس أنطونيوس هو الذي يزورنا بين الفينة والأخرى، معنا ثلاث صحافيين يلتقي بهم هنا دون أن تنتبهوا إليه، فهو يفضل التنقل في سيارة أجرة بعيدا عن الأضواء، رغم أنه محبوب من الجميع ويحظى بمساعدة وإشادة من جانب البرتغالي جوزي مورينيو مدرب ريال مدريد الاسباني. -طيب على ذكر مورينيو، ألا يخشى هذا الأخير فقدان ثقة المغاربة الذين يعشقون الفريق الملكي، ويدافعون عن مدربه بالرغم من انفلاتاته؟ - أنطونيس يتواصل بشكل يومي مع مورينيو، حيث يقوم مدرب منتخبنا بتنفيذ خطة كما لو أنه ذاهب للعمل مع مجموعة من النجوم مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو في الريال، إن مدرب الريال معجب بطموحات مدرب تكاد أن تنفجر من جسده، وصرح مرارا بأن أنطونيس مدرب ذكي ولديه أفكار خاصة. انتابني نوع من القلق حول مصير منتخبنا وتمنيت لو أن رشيد الطوسي يعرف مدرب نادي لبرشلونة تيتو بيلانوفا، كي يمده ببعض الحلول التكتيكية، لنعيش أطوار مباراة يديرها مدربا الريال والبارصا من خلف الستار، لكن الطوسي فوت على نفسه مواجهة البارصا في رمضان الماضي بعد انقلاب أبيض على المنتخب المحلي. -معنى هذا أن الخطة التي سيعتمدها مدربكم ستأتي عبر البريد الإلكتروني من مدريد؟ -مدرب منتخبنا تسلم مشعل المنتخب الأول، وتبين له أنه ملزم ببناء فريق ينهي حب جماهير الجزيرة للمنتخبات الإفريقية الأخرى، أنا كنت عاشقا للكاميرون وزميلي لنيجيريا لأننا كنا نتجرع الهزائم كلما شاركنا في تظاهرة كروية، ومع مجيء هذا المدرب التحم الجميع حول المنتخب وأعاد الجمهور إلى المدرجات، بعد بنائها طبعا.