أعاد استدعاء أبو بكر بلكورة، العمدة السابق لمدينة مكناس، إلى الواجهة ملفات قضائية يتابع فيها إسلاميون محسوبون على حزب العدالة والتنمية. وتطرح متابعة هؤلاء القياديين الإسلاميين عن ملفات، منها ما هو حديث ومنها ما يعود إلى سنوات خلت، تساؤلات حول المغزى والرسائل الموجهة من خلال هذه المتابعات. وأحيل بلكورة الأسبوع الجاري، بعد أشهر طويلة من الانتظار، على قاضي التحقيق بعد الاستماع إلى زوجته ونائبه السابق محمد عدي على خلفية اختلالات رصدها تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية. وتوقعت مصادر قضائية أن تتم إحالة بلكورة على المحكمة فور انتهاء التحقيق الذي يجريه معه قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمكناس، مضيفة أن بلكورة من المقرر أن يكون آخر المستمعين إليه بعد الاستماع إلى موظفين ومستشارين جماعيين كانوا يتحملون مسؤوليات خلال فترة ترؤس بلكورة مجلس جماعة مكناس. وأكد المصدر ذاته أن قاضي التحقيق سيستمع إلى إفادات المتهمين، ومن بينهم بلكورة، بخصوص مجموعة من الملفات التي عرفت اختلالات وردت في تقرير سابق للمفتشية العامة للإدارة الترابية تسببت في عزل بلكورة من طرف وزارة الداخلية على مشارف الانتخابات المحلية لسنة 2009 بسبب خروقات متعلقة بالتعمير رصدها التقرير. وعلق عبد الله بوانو، عضو الأمانة العامة للحزب على المتابعات القضائية التي تجرى في حق قياديين في الحزب بأنه لا يمكنه أن ينتقد عمل القضاء، مضيفا في الوقت ذاته أن من قام بتحريك تلك المتابعات بشكل متزامن يسعى إلى التشويش على التجربة الحكومية. واعتبر بوانو أن أهم ما يطالب به الحزب هو المحاكمة العادلة لأعضائه، رغم تأكده من أن قرار القاضي سيكون منصفا إذا ما كانت المحاكمات عادلة. وقبل استدعاء بلكورة بأيام مَثُل زميله في الحزب الملياردير سمير عبد المولى بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بشارع الروداني بالدار البيضاء من أجل التحقيق معه بتهمة ثقيلة تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات. وتمحورت أسئلة المحقق، الذي استمع إلى عبد المولى حول تلقيه مكالمة هاتفية من مسؤول بشركة «كوماريت» التي يديرها بخصوص شكوك حول وجود مخدرات داخل حاوية للتبريد كانت على متن باخرة «البوغاز» التابعة للشركة وصلت كميتها إلى 15 طنا تطالبه بالاتصال بالباخرة التي انطلقت في اتجاه ميناء الجزيرة الخضراء وتوجيه الأمر لها بالعودة إلى ميناء طنجة، إلا أن سمير عبد المولى لم يقم بذلك. ومن المقرر أن يتم عرض الملف على القضاء بعد انتهاء الفرقة الوطنية من التحقيقات التي باشرتها حول الموضوع والاستماع إلى جميع أطراف الملف. وإذا كان عبد المولى قد غادر مقر الفرقة الوطنية بعد أن تم الاستماع إليه، فإن زميله في الحزب إدريس بوعسرية، الكاتب المحلي للحزب بجماعة دار العسلوجي، أودع سجن عكاشة بعد الاستماع إليه من طرف الفرقة الولائية الجنائية بالدار البيضاء بتهمة التهريب الدولي للمخدرات على خلفية تفكيك شبكة كانت تنشط بين المغرب وفرنسا. وتؤكد محاضر الاستماع إلى بوعسرية أنه أقر بأنه كان مسؤولا عن الشبكة التي تقوم بتهريب المخدرات عن طريق الابتلاع إلى أوربا. وجاءت تصريحات بوعسرية بعد مواجهته بتصريحات المتهمين الثلاثة، الذين أوقفوا بمطار محمد الخامس بينما كانوا يهمون بتهريب كمية مهمة من المخدرات، حيث أكدوا أنهم اجتمعوا ببيت بوعسرية وقاموا بابتلاع كمية المخدرات التي وجدت في أحشائهم. كما أفضت عملية التفتيش، التي قامت بها المصالح الأمنية لبيت بوعسرية، إلى حجز كبسولة شبيهة بتلك التي وجدت داخل أمعاء المتهمين، إضافة إلى مسهلات هضمية يستعملها المتهمون من أجل إخراج ما في أحشائهم من مخدرات. لكن الغريب في الأمر أن كشف الشبكة لم يكن نتيجة مجهود قامت به المصالح الأمنية، بل جاء نتيجة إخبارية تلقتها المصالح الأمنية من مجهول ضمت معطيات مدققة عن المتهمين الثلاثة الذين كانوا يحاولون نقل المخدرات في أحشائهم إلى فرنسا، وهو ما سهل عمل المصالح الأمنية بمطار محمد الخامس، التي اتجهت مباشرة إلى المعنيين بالأمر وقامت باعتقالهم مباشرة بعد أن قصدوا شباك تسجيل الأمتعة بالمحطة الجوية الثانية التابعة لمطار محمد الخامس. ومقابل هذا الوضع الصعب، الذي وجد الكاتب المحلي للحزب بجماعة دار العسلوجي نفسه فيه، فإن جامع المعتصم، مدير ديوان رئيس الحكومة، وجد نفسه أمام فوهة مدفع حميد شباط، الذي اتهمه، حسب تأويل العديد من المصادر، برفض الاستجابة للاستدعاءات التي وجهت إليه للحضور أمام المحكمة عندما صرح بأن هناك أشخاصا في محيط رئيس الحكومة يرفضون الاستجابة لدعوات القضاء. كما أن إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وعضو هيئة دفاع خالد عليوة، سبق أن صرح بأن جامع المعتصم «يتابع بفصول ونصوص قانونية أقوى من الفصول التي يتابع بها خالد عليوة، ورغم ذلك فهو اليوم يوجد في حالة سراح مؤقت». يذكر أن جامع المعتصم كان قد غادر أسوار سجن سلا إثر حصوله على عفو ملكي بعد اتهامه ب«الارتشاء واستغلال النفوذ والاختلاس وتبديد أموال عمومية والغدر والتزوير في وثائق رسمية وإدارية وإحداث تجمعات سكنية بدون ضوابط عقارية والمشاركة في قضية اختلالات في تسيير مقاطعة تابريكت» بسلا.