نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية، التابع لجامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك والجامعة الأمريكية CMSR ندوة حول حرية التعبير بالمغرب بحضور أزيد من ثلاثين صحفيا من دول المشرق العربي وبتنشيط من الزميل سمير شوقي المدير العام لمجموعة «المساء». وأكد المختار بنعبدلاوي، مدير المركز، على أهمية الموضوع في الظرفية الراهنة بالمغرب، خاصة بعد الجدل الذي أفرزته الأحكام القضائية ضد جريدة «المساء»، مضيفا أن ذلك دفع مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية إلى اختيار قضية «المساء» كنموذج يقدم لصحفيي المشرق العربي الذين عبروا عن حاجتهم إلى التعرف عن قرب على وضع حرية التعبير بالمغرب. وفي هذا الإطار، أكد سمير شوقي أن حرية التعبير، وحرية الصحافة خاصة، عرفت سيرورة متباينة يمكن تقسيمها إلى ما قبل عام 1999 وما بعده. فعلى عهد الملك الراحل الحسن الثاني، عرف المغرب ما اصطلح عليه بسنوات الرصاص والتي عرفت بمواجهة قوى المعارضة وصحافتها للنظام، الشيء الذي أفرز قمعاً للحريات استمر حتى سنوات التسعينيات، حيث لينت السلطات موقفها وابلجت أولى إشراقات الصحافة المستقلة وإلى أفول نجم صحافة المعارضة السياسية بعد التحاق المعارضة السابقة بصفوف أحزاب الحكومة. بعد بداية ما اصطلح عليه بالعهد الجديد، عرفت حرية الصحافة انتكاستين أساسيتين: الأولى جاءت بعد منع ثلاث صحف دفعة واحدة سنة 2002، والثانية ابتدأت مع التفجيرات الإرهابية سنة 2003 والتي كانت مطية لبعض الأوساط لتقييد حرية الصحافة والدفع بالعديد من الصحف إلى المحاكمات وبمدرائها إلى أداء غرامات، وأحيانا إلى السجن. بخصوص قضية «المساء»، أعاد سمير شوقي شريط الأحداث منذ إنشاء هذه التجربة الصحفية، وفسر الخطوط العريضة لخطها التحريري، وكيف أن هذا الخط يزعج كل الأوساط التي تريد السكوت عن اقتصاد الريع و عن الامتيازات وعدم فضح الفساد وعدم توجيه النقد اللاذع إلى أوساط الحكومية والمؤسسات التي تدور في فلكها، وشرح لصحفيي المشرق العربي، بحضور المسؤولين عن الجامعة الأمريكية، كيف أصبحت «المساء» تعاني اليوم من حصار على جميع الأصعدة، إذ أصبحت حساباتها محجوزة، ومشروع إنشاء مطبعتها متوقفا، ومساهموها يتعرضون لكل أشكال المضايقات. وكان النقاش غنيا بتبادل الأفكار ومحاولة فهم ما يجري بالمغرب، وعبر معظم الصحفيين عن كون ما سمعوه عن قضية «المساء» يتناقض مع ما يصلهم من أخبار حول ما أسماه خالد، من اليمن، ب«ربيع الصحافة بالمغرب»، مؤكدا أنه غير رأيه كليا عندما سمع بمبلغ التعويض (750 ألف دولار) قائلا إنه عندما تعرضت صحيفة يمنية لحكم بغرامة تبلغ 2500 دولار قامت قيامة الصحافة باليمن، معبرا عن تخوفه من أن تسمع سلطات بلاده بهذا الحكم فتصاب بالعدوى، وأضاف أن «هذا الحكم القاسي ضد «المساء» اعتراف صريح بنجاحها وبإزعاجها للسلطات». أما حكيمة الطالعي، من عمان، فحيت تجربة «المساء»، مشددة على أن عامل الشباب الذي يميز طاقم تحريرها وتسييرها، وراء ديناميتها، وأكدت أن هذا الشباب بحاجة إلى دعم وليس إلى محاولة تدمير. وتساءلت نورة يونس، من مصر، ولبنى، من البحرين، عن توجه جريدة «المساء»: هل هو ليبرالي أم علماني أم محافظ، فرد سمير شوقي بأن «المساء» منذ عددها الأول رسمت لنفسها تعاقدا يلزمها أمام قرائها بالاستقلالية التامة عن الأحزاب السياسية والساسة ومصادر المال والأعمال في احترام تام لثوابت المملكة الثلاثة ورغبة من جيل الشباب في أن يصبح المغرب ملكية عصرية تسود فيها حقوق الإنسان وحرية التعبير والمبادرة. وفي الأخير، أثنى المشرفون على الندوة على تجربة «المساء»، فيما عبر مجمل الصحفيين عن رغبتهم في عودة المغرب إلى موقعه الريادي في حرية الصحافة كما وصف ذلك جهاد من لبنان قائلا: «نتمنى أن تكون سحابة صيف ليعود المغرب كقاطرة لباقي الدول العربية».