سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عصمان: المنصوري ومزوار لم يدفعا بالتجمع الوطني للأحرار في الاتجاه الجيد قال إنه التقى بمقرب من عبد السلام ياسين وأقنع الحسن الثاني بإشراك إسلاميي بنكيران في العمل السياسي
يتحدث أحمد عصمان، صديق دراسة الحسن الثاني وصهره، ووزيره الأول لثلاث مرات متتالية ورئيس البرلمان من 1984 إلى 1992، في كرسي اعتراف «المساء»، عن الكيفية التي وقع عليه بها الاختيار للدراسة رفقة الأمير مولاي الحسن، والكيفية التي استقبله بها المهدي بنبركة في محطة القطار بالرباط؛ كما يحكي قصة اعتقاله بعد نفي العائلة الملكية في غشت 1953 إلى كورسيكا، وذهابه إلى بوردو من أجل متابعة دراسته، حيث حصل على الدكتوراه في القانون سنة 1955؛ ويروي أيضا كيف أنه كان، خلال تعيينه سنة 1961 سفيرا للمغرب في ألمانيا، أصغر سفير في العالم؛ ثم يأتي عصمان إلى سرد تفاصيل زواجه من الأميرة لالة نزهة، ابنة محمد الخامس في 1964، وكيف عاش صدمة وفاتها سنة 1977، ثم صدمة وفاة ابنهما الوحيد نوفل في 1992، وكيف عاش مع الملك الراحل انقلاب الصخيرات في يوليوز 1971، وما دار بينه وبين الحسن الثاني في الطائرة التي أراد الجنرال أوفقير إسقاطها في غشت 1972؛ إضافة إلى كواليس مفاوضاته مع الحكومة الإسبانية حول الصحراء، وإشرافه على انطلاق المسيرة الخضراء، وخبايا تأسيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي بقي عصمان على رأسه 29 سنة، منذ تأسيسه سنة 1978 إلى 2007، والانشقاقات التي عرفها. - كنت من بين الشخصيات الوطنية التي زارها عبد الإله بنكيران قبيل تشكيل الحكومة. كيف عشت، إلى جانب الحسن الثاني، عملية إشراك جزء من الإسلاميين في العمل الحزبي «الشرعي»؟ أنا كنت دائما أدعو إلى السماح للإسلاميين بالعمل السياسي العلني، واستقبلت في بيتي مرارا أسماء أصبحت بارزة الآن في حزب العدالة والتنمية، مثل سعد الدين العثماني ولحسن الداودي وغيرهما، وكانت تجمعنا نقاشات مستفيضة، ولن ينكروا أبدا أنني دافعت عنهم بشدة حين كانوا مقصيين من المشهد السياسي وكانت وزارة الداخلية تحاربهم. لقد كنتُ مصرا على إقناع الملك بأنه إذا لم يأخذ إسلاميي بنكيران بعين الاعتبار فسيلتحقون بجماعة عبد السلام ياسين وسيشكلون كتلة خطيرة في المغرب، وقد اقتنع بذلك بالفعل وبدأ يجري بهم اتصالات من حين إلى آخر. - هل كان لك دور في التحاق حركة التوحيد والإصلاح بحزب عبد الكريم الخطيب؟ لقد أقنعت الملك بوجهة نظري والمتمثلة في إشراك هذه المجموعة في المشهد السياسي، وعندما اقتنع الحسن الثاني بذلك شجع انضمامهم إلى تكتل ذي أهداف وتصور واضح وذي مرجعية إسلامية. - هل سبق لك أن التقيت ببعض قادة جماعة العدل والإحسان؟ حدث مرة أن التقيت بواحد من المقربين من عبد السلام ياسين، لكن اللقاء لم يكن ذا أهمية من حيث الخلاصات التي ترتبت عنه. - ما رأيك في مواقف جماعة العدل والإحسان واختياراتها السياسية؟ لقد توفي عبد السلام ياسين مؤخرا، وأود أن أقول إنه في الآونة الأخيرة كان معتدلا في خطابه. - كيف نظرت، كواحد من جيل الحسن الثاني، إلى الربيع العربي والتحولات التي عرفتها معه المنطقة العربية؟ هذا شتاء عربي وليس ربيعا، مع الأسف؛ لأن العالم العربي كان بإمكانه أن يلعب دورا مهما في خلق التوازن بين القوى الكبرى في العالم، ولا زال ذلك ممكنا لكنه أصبح صعبا في ظل عدم وجود اتحاد حقيقي بين الدول العربية التي مازالت تعرف صراعات في ما بينها، مثل مشكل المغرب مع الجزائر. ولو تغلب العالم العربي على خلافاته لكان بإمكانه أن يشكل قوة كبرى. - يعني أن الربيع العربي لم يساهم في تخفيف وطأة هذه الصراعات؟ لم يفرز الربيع العربي حكومات ديمقراطية. أنا أتمنى أن يعي العالم العربي بضرورة الاتحاد والتلاحم، لأن ذلك هو ما سيمكنه من تشكيل قوة توازي القوى الكبرى في العالم، ولكن هذا رهين بإنصات الدول العربية لبعضها البعض ومناقشة المقترحات الجادة. - سبق لك، عندما كنت في موقع المسؤولية إلى جنب الحسن الثاني، أن تعرفت على الرئيسين المطاح بهما في ثورتي تونس ومصر، أقصد: زين العابدين بنعلي وحسني مبارك.. التقيت بزين العابدين مرارا في زيارات رسمية كنت أترأس فيها وفودا مغربية إلى تونس، وحسني مبارك كنت ألتقي به هو الآخر في زيارات رسمية في مصر أو عندما كان يأتي إلى المغرب أو حتى في بعض المحافل الدولية. - ما الذي تذكره عنهما؟ كنا نلتقي في إطار رسمي. ويمكنني أن أقول إنه جمعتني بحسني مبارك بعض اللقاءات المهمة والغنية على مستوى النقاش. - أنت بدورك تمت الإطاحة بك من على رأس التجمع الوطني للأحرار في 2007.. لقد قضيت فترة كبيرة من حياتي على رأس التجمع الوطني للأحرار الذي كنت أحد مؤسسيه الرئيسيين (حوالي 30 سنة). وفي مرحلة معينة، قررت أن أضع حدا لتلك المرحلة التي قضيتها داخل الحزب، أشتغل على تطويره وأتحمل المسؤولية داخل هياكله، وقد بعثت برسالة إلى الحسن الثاني أخبره فيها بأنني نويت أن أعتزل العمل السياسي. - رسالة إلى الحسن الثاني وليس إلى أطر الحزب وقواعده..؟ أعضاء الحزب كانوا مطلعين على نيتي مغادرة الحزب. - كيف تقيِّم مسار التجمع الوطني للأحرار بعد مغادرتك له؟ الكل يجمع على أن المسار الذي يسلكه الحزب الآن ليس مسارا قويما. بالتأكيد، فإن التجمع الوطني للأحرار لم يعد كما كان في سابق عهده. - سواء تحت قيادة مصطفى المنصوري أو برئاسة صلاح الدين مزوار؟ أنا لا أحبذ كثيرا ذكر الأسماء في مثل هذه المواقف، لكن هذا أمر بديهي، مع الأسف فكلاهما لم يدفع بالحزب في الاتجاه الجيد. - هل المغرب في حاجة إلى حزب ليبرالي قوي؟ طبعا، هذا مما لا شك فيه. من جملة الأشياء التي تميزت بها تجربتي، منذ بداية تأسيس التجمع الوطني للأحرار، ترسيخُ مبدأ الديمقراطية الاجتماعية، فقد كنا أول حزب مغربي يطلق هذه المبادرة، وقد تلقينا حينها تهنئة وتنويها كبيرين من الحسن الثاني. ويمكنني القول إننا كنا من جملة الأحزاب القليلة في العالم التي ركزت على مبدأ الديمقراطية الاجتماعية، هذا المبدأ الذي صار الآن مَعلما للعديد من الدول والتجارب. - قام ادريس البصري سنة 1996 بخوض حملة تطهير تم خلالها اعتقال عدد كبير من الأشخاص؛ كيف عشت هذه الحملة؟ الحقيقة أن عددا كبيرا ممن تعرضوا للاعتقال خلال هذه الحملة تعرضوا للظلم، بل إن اعتقال بعضهم كان في حد ذاته ظلما. والمعلوم أن ادريس البصري قام بمجموعة من التجاوزات، حتى في الصحراء حين قام باعتقال أفرادا من بعض القبائل إرضاء لقبائل أخرى كان على اتفاق معها، وكل هذه التجاوزات تنعكس سلبا اليوم على القضية الوطنية. - خلال حملة التطهير كذلك تم اعتقال شخص اسمه عبد العزيز اليخلوفي، كانت تربطه بالرئيس الكوبي فيديل كاسترو علاقات متميزة، كما كان يتدخل لصالح المغرب في مسائل تهمُّ علاقة كوبا بجبهة البوليساريو، وقد اتصلت بكَ سيدة صحراوية تسمى السالكة حنين تطلب تدخلك لإنصاف اليخلوفي؛ ما الذي يمكنك قوله عن هذه القضية؟ لا أذكر أكثر مما قلته. - ماذا؟ (صمت).