عاش حي الدهاري العشوائي، في منطقة بئر الشفا، في طنجة، منذ يوم السبت الماضي، على وقع «هيجان» المئات من قاطني الأكواخ البلاستيكية والخشبية الذين أفرِغوا منها قبل أن تقوم السلطات المحلية بهدمها، حيث إن العملية، التي انطلقت يوم الجمعة الماضي، بشكل عادي دون حدوث اشتباكات تستحق الذكر، ما فتئت أن تحوّلت إلى مواجهات عنيفة، حيث عمد بعض المفرغين إلى حرق آلية هدم وتدمير سيارة للقوات المساعدة.. وشرعت ولاية طنجة، منذ يوم الجمعة الماضي، في عملية هدم استمرت ليومين وطالت ما يناهز 400 كوخ عشوائيّ بُنيت بالبلاستيك والخشب والقصدير، أقيمت على أرض جلها مملوك للدولة وبعضها في ملكية خواص. ولجأت العشرات من الأسر، القادمة في أغلبها من خارج طنجة، إلى تل مرتفع يسمى «خندق الورد»، قسمته إلى مساحات وأقامت عليها أكواخها. وانطلقت الاشتباكات يوم السبت الأخير، عندما وجدت الأسر المُهجَّرة من الأكواخ نفسها مضطرّة إلى المبيت في العراء، حيث قامت بعضها، في اليوم الموالي، ببناء عشرات الأكواخ الجديدة بدل التي هدمتها السلطات، ليقدم العشرات من المُفرَغين على مواجهة القوات العمومية لمنعها من هدم باقي الأكواخ، إذ عمدوا إلى حرق الجرافة المستخدَمة في عملية الهدم، كما استهدفوا سيارة للقوات المساعدة، مطالبين بتوفير سكن ملائم لهم قبل إفراغهم. وحسب مصادر مطلعة، فإن ولاية طنجة وجدت نفسها أمام فضيحة جديدة، تتمثل في حيّ من الأكواخ البلاستيكية والقصديرية مترامي الأطراف، نشأ في ظرف وجيز وفي غفلة من السلطات، بل إنّ ما زاد الطين بلة هو أن عددا من السماسرة كانوا يقنعون أسرا كادحة ب«اقتناء» مساحات بأثمنة متفاوتة، حيث قاموا ب»تقسيم» الأرض المملوكة للدولة وأراضي الخواص إلى بقع تباع لهذه الأسر، وأغلبها فقيرة، في غفلة من السلطات، الأمر الذي جعل تلك الأسر تعتبر أن الأرض أصبحت في «ملكيتها» فعليا، فيما تم إقناع عائلات أخرى بأنّ السلطات لن «تجرؤ» على هدم الأكواخ المقامة في هذه المنطقة التابعة لمقاطعة بني مكادة،ذ إلا بعد تعويض ساكنيها. وضبطت السلطات المحلية، حين كانت تقوم بعمليات الهدم، محاولات ل»تجزئة» مساحات أخرى، تتراوح مساحتها بين 50 و100 متر، تحدد بواسطة أكياس الرمل والجير والخشب، تمهيدا للسمسرة فيها. وحسب مصادر مسؤولة، فإن عملية الهدم جاءت لتحُول دون نشوء حيّ عشوائي مبنيّ بالآجر والإسمنت فوق أراضي الدولة أو الخواص، على غرار ما حدث في أحياء قريبة من المنطقة، في مقدمتها حي المرس، الذي أدت عملية هدم منازله قبل أشهر إلى «انتفاضة» سكانه، الذين واجهوا عناصر القوات المساعدة والأمن بوابل من الحجارة وبحرق الآليات، وردّت عليهم سلطات الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع. وأوضحت المصادر ذاتها أن تحقيقا سيفتح في الوضوع لمعرفة من يقف وراء عملية «تجزئة» الأراضي، علما أن معطيات تشير إلى أسماء تشغل مناصب سياسية لها يد في عمليات السمسرة أو «تتستر» عليها. وأضافت مصادر «المساء» أن عددا كبيرا من الأسر القاطنة في هذا الحي «الصفيحي -البلاستيكي» كانت أصلا ترغب في الحصول على مساكن أو بقع أرضية كتعويض، في حين أن بعضها حصلت، في وقت سابق، على أراضٍ في مناطق أخرى من أجل إخلاء مساكنها الصفيحية، لكنها أنشات مسكنا صفيحيا جديدا للحصول على بقع أخرى..