شهد مسرح محمد الخامس، مساء أول أمس، لحظات مؤثرة في حفل تأبينيّ بمناسبة أربعينية آسية الوديع، التي «أطلّت» على الحاضرين في فيلم وثائقيّ عن شخصها، اختزلت فيه رسالة امرأة مناضلة من أجل المهمَّشين . قالت فيه الراحلة، والدموع تملأ عيون الحاضرين: «من الأنانية أن يعيش الإنسان فقط من أجل نفسه». ومن بين الذين حضروا حفل التأبين زليخة نصري، مستشارة الملك، وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، ومصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وإدريس لشكر، الكاتب العام الجديد للاتحاد والاشتراكي، وفعاليات من عالم الفكر والسياسة وحقوق الإنسان ووجوه من التيار السلفي وعائلة الفقيدة وآخرون من مشارب مختلفة. وقد عرف الحفل تلاوة زليخة نصري، مستشارة الملك، رسالة ملكية عبّر فيها الملك محمد السادس عن «تقديره لشخص الراحلة آسية الوديع وعطائها المتميز في خدمة القضايا الإنسانية النبيلة». وأكدت الرسالة الملكية أن «الراحلة كانت -رحمها الله- رمزا مضيئا من رموز المرأة المغربية التي نذرت حياتها للمشاركة المواطِنة في بناء المجتمع المغربيّ الذي نتوخاه ونسهر على تحقيقه، مجتمع التضامن والكرامة وحقوق الإنسان، فوفتْ بما عاهدت عليه ضميرَها الإنسانيَّ، دفاعا عن الفئات الهشّة، وخاصة نزلاء المؤسسات السجنية وإعادة الإدماج، وسعيا في سبيل إسعادهم، وعملا دؤوبا لانتشالهم من مسالك الجنوح».. وقال الملك، في الرسالة الموجهة للمشاركين في الأمسية التأبينية، إنه «في مثل هذه اللحظات المؤثرة، يستحضر المرء مسار الراحلة على درب نضال متميز، من أجل قضية قلما تملكت شخصا مثلما تملكتها، قناعة وفكرا ومراسا وعملا يسكنها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وكأنها خُلِقت من أجل هذه الرسالة الإنسانية النبيلة». إلى ذلك، أكد صلاح الوديع، شقيق الراحلة ، في تصريح للصحافة، أن «العائلة استشعرت -من جديد- في مناسبة التأبين مدى المحبة والتقدير ومدى تثمين كفاح آسية الوديع.. إننا نشعر بالافتخار وممتنّون للجميع، فهذا كنز حقيقيّ وأمانة في عنقنا ونلتزم بتلقينه لأبنائنا وأحفادنا». وأضاف الوديع أن «لحظة الرسالة الملكية كانت لحظة خاصة جمعت أبعادا متعددة، حضارية إنسانية ووجدانية، حيث لخّصتْ كل العواطف النبيلة التي عبّر عنها الجميع في هذا الفقدان.. وهي في الواقع مؤشر ومناسبة لتأكيد هذه القيم وضرورة الاستمرار في العمل والتضحيات.. هي رسالة للأجيال كلها.. رسالة ستستمر اليوم وغدا، لأنه طموح الإنسان من أجل الرقيّ إلى اعتباره كإنسان أساسا وكأخ في الرابطة البشرية التي تربط جميع الناس فوق وجه الأرض.. هذا الطوق لن يتوقف، وبالتالي فالرسالة مستمرة».