بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    التنويه بإقالة المدرب العامري من العارضة الفنية للمغرب التطواني    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



21 دجنبر 2012.. هكذا تنبأ شعب المايا بنهاية العالم
نشر في المساء يوم 20 - 12 - 2012

ما الذي سيحدث يوم ال 21 من دجنبر 2012؟ هذا السؤال أضحى أحد أكثر الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح مع اقترابنا من نهاية هذه السنة.
كل شخص يرى الموضوع وفقا لوجهة نظره الخاصة؛ فقد توقع شعب المايا «نهاية العالم مع حلول سنة 2012»، و «بداية حقبة جديدة» في الكون. لكن من يا ترى ينبغي تصديقه، وأية رؤيا هي الأصدق، وهل في الإمكان توقع اللحظة التي سيفنى فيها العالم. لنكتشف إذن حقيقة ما أثير حول «الرؤى» التي تنبأ بها شعب المايا، وما يقوله النص الديني في الإسلام عن هذا الموضوع، وتحديدا عن علامات الساعة ال 150.
أمام الكم الهائل من المعلومات المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، يصعب على الشخص المبتدئ التفريق بين الحقائق التي تنهل مما هو تاريخي محض، وتلك التي تنبع من التأويلات. ولأجل معرفة ما الذي سيحدث يوم ال 21 من هذا الشهر، ومدى صدق تنبؤ شعب المايا بنهاية العالم لحظة حلول هذا التاريخ، يستوجب التدقيق في بعض الحقائق التي ضاعت وسط الزوبعة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت بخصوص الموضوع. ورغم أن سماع مثل هذا الأمر لن يروق للمهتمين غير المتمرسين بنظريات نهاية العالم، لا يوجد شيء اسمه نهاية العالم لدى شعب المايا. فشعب المايا لم يتطرق أبدا لما سيجري سنة 2012. علاوة على ذلك، لم يتوقع ذلك الشعب «نهاية الكون» ولم يعلن عن أي أحداث كارثية ستقع تزامنا مع «نهاية التقويم التاريخي» الخاص بهم.
ولأجل العودة لأصل ظهور هذه الإشاعات واستيعاب طريقة عمل التقويم التاريخي الذي اتبعه شعب المايا، وتداعيات ذلك فيما يخص ظاهرة 2012، من المهم جدا العودة إلى عدة نقط. وفي هذا الصدد ينبغي الإشارة إلى أن معارفنا بخصوص التقويم الذي اتبعه شعب المايا مرتبطة بشكل وثيق بتاريخ فك رموز الكتابات التي خلفتها هذه الحضارة. فمع قرب نهاية القرن التاسع عشر، تمكن علماء الآثار المختصون في حضارة شعب المايا من إزالة الغموض عن أولى الخطوط الهيروغليفية، وتم الانتباه إلى تواجد أسماء الأيام، ودورات الحياة والتواريخ في كل مكان. وفي فترة ازدهار هذه الحضارة (ما بين سنة 300 و 900 ميلادية)، كانت تتواجد تلك الكتابات بالغالبية العظمى على صدر اللوحات التذكارية التي تم نصبها داخل أماكن العبادة. وبفضل استيعاب تلك التواريخ تمت جزئيا إعادة رسم ملامح تاريخ هذه الحضارة.
كان رجال الدين من شعب المايا يستعينون بتقويم تاريخي يمتد ل 260 يوما، مرتبط بسنة شمسية تدوم 360 يوما، وتنضاف إليها 5 أيام مستخدمة في التقسيم. هذا النظام في التقويم التاريخي تتشارك فيه كل الحضارات التي رأت النور بالمنطقة الممتدة بين المكسيك والهندوراس. وتظل تلك الحضارات الوحيدة في العالم التي اخترعت نظاما للتقويم التاريخي يمتد ل 260 يوما. وفي الواقع، لا تتطابق هذه المدة الاستثنائية مع أي ظاهرة قمرية أو شمسية، وهو ما تسبب في حيرة أجيال عديدة من علماء الآثار. لكن اليوم، أزيح النقاب عن هذا اللغز، وذلك من خلال المعلومات التي تم تجميعها لدى طوائف شعب المايا بغواتيمالا، التي مازالت تستعمل نفس التقويم لحدود اليوم؛ حيث يرتبط ذلك التقويم بفترة الحمل (9 أشهر، أي 270 يوما).
التأويل
لدى ولادة كل طفل، كان يعتبر شعب المايا بأنه من المجدي الذهاب لزيارة رجال الدين، وبفضل معرفتهم الجيدة بالتقويم التاريخي، كان يتم تحديد القدرات المهنية والنفسية للطفل بناءا على تأويل تاريخ ميلاده... اليوم أصبح هذا الفن في التأويل متناقلا عن طريق العادات الشفهية. وفي الفترة ما قبل الاسبانية، كان يتم تدوين علم التقويم هذا على مخطوطات ملونة، مصنوعة من لحاء نبات الصبار. ومن تلك المخطوطات لم تنج سوى ثلاثة من الاجتياح الاسباني. وفضلا عن استخدام تلك المخطوطات كتقويم للتنبؤ، كانت تشير كذلك إلى دورات القمر وكوكب الزهرة. لكن لم تتطرق أي من تلك المخطوطات إلى النبوءة المرتبطة بسنة 2012.
النقاش الذي أُثير حول الموضوع برمته لم يأت من المعارف المرتبطة بالتقويم التاريخي الذي اتبعه شعب المايا، وإنما من التأويلات التي همت الطريقة الفريدة من نوعها لشعب المايا في تسجيل الوقت، الطريقة التي ورثوها عن الأولمك، وقاموا بتطويرها في فترة ازدهار حضارتهم.
انبهر جميع الباحثين الذين درسوا هذا النظام المتبع في التأريخ لدرجة تعقيده الكبيرة. فبخمس دورات مضروبة في 20 مرة، تضاف إلى بعضها البعض انطلاقا من تاريخ لازال الغموض يلفه يعود إلى سنة 3114 قبل الميلاد، يعد هذا التقويم التاريخي أحد أكثر الطرق تعقيدا في عد الأيام التي عرفها التاريخ البشري. وفي كل تاريخ مسجل على التقويم، تحسب الأيام (كين)، والأشهر التي تتألف من 20 يوما (وينال)، والسنوات التي تضم 360 يوما (تون)، بالإضافة إلى فترات تتألف من 360 يوما مضروبة في 20 (كاتون)، وفترات 360 يوما مضروبة في 400 (باكتون) التي مضت منذ التاريخ الأصلي.
ويظل السبب وراء اختيار 11 غشت 3114 قبل الميلاد كتاريخ بداية للتقويم أمرا يشوبه الكثير من الغموض؛ إذ تظل هذه الحقبة سابقة لأي حضارة ظهرت بالمنطقة الممتدة بين المكسيك والهندوراس، ولا تتزامن مع أي حدث طبع تاريخ شعب المايا أو الأولمك، أو أية ظاهرة كونية خاصة.
لكن النقطة الجوهرية تظل هي أنه ينظر للتاريخ الطويل على أنه سيرورة ضخمة ستنتهي عندما تصل إلى 13 باكتون، أي حوالي 5125 سنة. وهو الأمر الذي يأخذنا بالتحديد إلى تاريخ 21 ديسمبر 2012. هذا التاريخ لم تتنذر بشأنه أي تنبؤات لشعب المايا، لكنه يحمل في طياته حقيقة تاريخية تتطابق، وفقا للحسابات التي أجراها شعب المايا، مع نهاية التاريخ الطويل. ولهذا السبب بالذات شرع البعض في الحديث عن «نهاية التقويم التاريخي لشعب المايا». لكن وقبل إصدار أي أحكام متسرعة ينبغي العودة إلى نقطتين مهمتين.
حقيقة ما صار
النقطة الأولى التي ينبغي التطرق إليها هي أن طوائف شعب المايا التي تعيش في العصر الحالي لم تعد تعتمد على التاريخ الطويل منذ حوالي القرن الحادي عشر ميلادي. وهذا ما صعب كثيرا مهمة المتخصصين في تفكيك الرموز الهيروغليفية، الذين شرعوا منذ بداية القرن العشرين في التنقيب داخل الوثائق والنبوءات التي كتبت إبان الفترة الاستعمارية أملا في إيجاد نقطة تاريخية تساعدهم على الربط بين التقويم التاريخي لشعب المايا مع التقويم الميلادي. وكحصيلة لسنوات من البحث والاختلاف، استقر رأي ثلاثة خبراء متخصصين في المجال(جون غودمان، وخوان مارتينيز هيرنانديز، وإيريك تومبسون) على تاريخ 11 غشت 3114 قبل الميلاد. لكن ذلك الأمر لا يعدو كونه اتفاقا بين هؤلاء الخبراء، ولا يمكن بأي حال اعتبار ذلك التاريخ حقيقة مطلقة. ومن الوارد جدا أن يكون ذلك التاريخ قد مضى أو سيقع بعد مرور سنوات عدة على 21 من ديسمبر 2012.
أما النقطة الثانية التي يتوجب أخذها بعين الاعتبار فهي كون فكرة بداية دورة ونهايتها ليس لها أي بعد مرتبط بزوال العالم لدى شعب المايا، على خلاف الصورة التي أعطتها وسائل الإعلام للموضوع. فكرة زوال العالم وفنائه تنبع أساسا من الإرث الديني المرتبط بالديانتين المسيحية واليهودية، ولذا فالحديث عن «نهاية التقويم التاريخي لشعب المايا»، أو «نهاية الزمن» يظل أمرا تعوزه الدقة.
من جهة أخرى، كان ينظر لنهاية كل دورة على أنها مرحلة بداية دورة أخرى. وقبل أي شيء آخر، كان شعب المايا يهتم أساس بالانتقال السلس بين الدورات. ومن خلال الطقوس المرتبطة بنهاية كل دورة، كان شعب المايا يتوقع في أفضل الأحوال وصول أسياد جدد سوف «يسود حكمهم» خلال حقبة الموالية. وفي هذا الصدد يصبح تاريخ 21 ديسمبر 2012 ذا مغزى لأنه يطبع مرحلة الانتقال بين دورتين هامتين وكبيرتين تتألف من 13 باكتون، أي 5125 سنة، تماما كما حدث قبل تاريخ 11 غشت 3114 قبل الميلاد. وفي الواقع، لا يتزامن ذلك التاريخ لا مع بداية العالم ولا مع نقطة «الصفر» في الطريقة التي اتبعها شعب المايا في عد التاريخ، لأن كل الكتابات تشير إلى أن ذلك التاريخ سيطبع نهاية دورة سابقة. وحسب الفكر الذي خلفه شعب المايا، فالوقت يمضي ويتكرر من جديد إلى ما لانهاية. إذن فالدورات الزمنية تتداخل، وتتضافر، وتتسلسل بشكل سلس، ويكون لكل حقبة طابعها الخاص وتأثيرها الخاص. كيف ستكون إذن الحقبة التي ستلي 21 ديسمبر 2012؟
علميا .. كم من الوقت تبقى لنا
لطالما خشي الإنسان الساعة التي سينتهي فيها العالم، كما تناسلت التصورات بشأن اختفاء الحياة من على سطح الأرض وإمكانية خمود لهيب الشمس في المستقبل. لكن التطورات العظيمة التي حققتها العلوم مكنت من نفض الغبار عن هذه التخوفات، وأصبح في استطاعتنا الآن معرفة عمر الكواكب، والنجوم، وحتى الكون. فمنذ نشأة الأرض منذ أزيد من 4.55 مليارات سنة وظهور الحياة عليها بعد مرور 750 ألف سنة على ذلك التاريخ، ظهرت واختفت مخلوقات عدة. وجاءت نهاية تلك السلالات إما جراء سقوط النيازك من السماء وانفجارها فوق سطح الأرض، أو الانفجارات البركانية العنيفة، أو التحولات المناخية والجوية. ومن أبرز المخلوقات التي عاشت على سطح الأرض نجد الديناصورات التي عمرت لمئات الملايين من السنين، لكن ووفقا للمعطيات العلمية لا يتعدى متوسط أمد عيش أي فصيلة حيوانية على سطح الأرض أكثر من مليوني سنة. وعلى نفس هذا المقياس يعتقد العلماء بأن الإنسان لن يتجاوز كذلك عتبة المليوني سنة.
وحسب المعطيات العلمية، سيأتي يوم تتوقف فيه الشمس عن بعث أشعتها الدافئة. ففي غضون مليار سنة، ستصبح حرارة الشمس جد حارقة، وستختفي المياه من على سطح الأرض، وبذلك ستصبح الحياة مستحيلة عليها. لكن ذلك لا يبعث على القلق من الناحية العلمية، حيث سيجد البشر الوقت الكافي لتدبر أمرهم ربما بالاعتماد على التطور التكنولوجي أو الرحيل للعيش على كوكب آخر. لكن الأمر الذي تشير إليه جل الدراسات العلمية هو أنه في غضون خمسة ملايير سنة، ستتحول تركيبة الشمس من الهيدروجين إلى هيليوم في المناطق الداخلية. كما ستبدأ بعض التفاعلات الطاقية الأخرى التي ستحول الهيليوم إلى مادة الكربون. وبذلك سيزداد حجم الشمس، وسيصبح مداها أكبر بكثير من المسافة التي تفصلها حاليا عن كوكبنا. لكن وبسبب فقدانها للجاذبية بشكل كبير، ستجدب نحوها الأرض بشكل أقل، وهو ما سيجعل الكوكب الأرضي خارج مدار الشمس عندما تتغير هيئتها. بعد مرحلة التحول هاته، سيتضاءل حجم الشمس وستنكمش وستتحول إلى ما يسمى ب «القزم الأبيض» (نجم قليل اللمعان في السماء)، الذي سيبرد تدريجيا إلى أن يكف عن بعث الضوء بعد مرور حوالي عشرين مليار سنة.
إذن يبدو بأن توسع الكون أمر لا مفر منه، وفي غضون الملايير من السنين، لن تبقى في الكون مجرد ثقب سوداء ضخمة لا يصدر عنها الضوء. ربما يكون مصيرنا هو العتمة المطلقة.


اينشتاين: إذا انقرض النحل سيموت البشر
للعالم الفيزيائي ألبيرت اينشتاين العديد من المقولات الشهيرة، لكن واحدة من تلك المقولات تظل جد مثيرة للجدل، نظرا لراهنيتها وتحدثها عن نهاية الحياة على سطح الأرض، حيث اعتبر أن بقاء البشر على سطح الأرض مرتبط بتواجد النحل. وبناءا على هذه الرؤية لأب النسبية، لاحظ العلماء أن ظاهرة الموت المفاجئ للنحل بأعداد كبيرة أصبحت تهدد الحياة على كوكب الأرض، حيث قال أينشتاين عنها: «إذا اختفى النحل من الأرض فإنه سيبقى للإنسان 4 سنوات فقط ليعيش عليها.»
وعلى هامش السيناريوهات التي تتحدث عن نهاية العالم، يبقى الضمور الكثيف للنحل أمرا يبعث على الكثير من القلق. ففي مستهل هذه السنة اكتشف فريق من الباحثين وجود حشرة تدفع النحل المربى إلى ترك خليته، وبعدما تتيه أسراب النحل ينتهي مصيرها إلى الموت. كما أن وضعية النحل البري ليست أفضل حالا؛ ففي فرنسا مثلا انقرضت أصناف عديدة من السلالات المسجلة بالبلاد، وتم تقديم العديد من التفسيرات بخصوص هذه الظاهرة التي تتداخل فيها عوامل عدة، مثل الأمراض والفيروسات، والتأثير السيء لاستعمال المبيدات الحشرية على النحل، وتناقص الموارد التي يتغذى عليها النحل. كما أن دراسة سويسرية تطرقت إلى كون استعمال الهواتف النقالة يؤثر سلبا على النحل، حيث تشوش الإشارات التي تصدر عن الهواتف النقالة على الإشارات التي يرسلها النحل، وبالتالي تتيه الكثير من أسرابه ويكون مصيرها هو الموت.
وحسب الإحصائيات الأمريكية، انخفضت نسبة النحل داخل الهكتار الواحد بأكثر من 90 في المائة. هذا الرقم يصبح مهولا إذا علمنا أن أكثر من 70 في المائة من إنتاج العالم من المحاصيل الزراعية يعتمد على التلقيح الذي يلعب النحل فيه دورا فعالا بسبب الأعداد الكبيرة للنحل وطريقة تنقله بين الحقول ونقله للقاح. لكن للمعهد الفرنسي للبحث الفلاحي والاقتصادي رأي مخالف في الموضوع، إذ يرى بأن تداعيات انقراض النحل لن تهدد حياة البشر على سطح الأرض، رغم التأثيرات الكارثية الكثيرة المرتبطة بذلك. فالمحاصيل الزراعية تعتمد على نقل اللقاح لكي تنمو وتتكاثر، ولا يوجد أفضل من النحل ليقوم بهذا العمل. ويرى نفس المعهد الفرنسي أن 30 في المائة من الطعام الذي نتناوله يتأتى بفضل هذا التلقيح الجوي المجاني، وبدونه ستتراجع المردودية الفلاحية وجودة المحاصيل في الآن ذاته. وكنتيجة مباشرة لذلك سترتفع أسعار المنتجات الغذائية. وبهذا تأخذ مقولة اينشتاين معناها الكامل، فقد كان محقا فيما يتعلق بالنحل.



علامات الساعة وفق المنظور الإسلامي
عن آنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من علامات الساعة الكبرى «أن يرفع العلم ويثبت الجهل، ويظهر الزنا، ويشرب الخمر، وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد.» لأجل فهم ميقات نهاية العالم في الإسلام، الذي يصفه هذا الحديث النبوي بشكل جيد، يتعين على المرء العودة إلى بداية ظهور القرآن الكريم. ففي القرن السابع الميلادي، ومع بداية نزول القرآن الكريم لم يكن في وسع أتباع الرسول استيعاب الوحي الإلهي إلا في صورة القطيعة مع العالم «الآيل إلى الزوال» الذي كانوا يعرفونه، وتلقي الوعد باستقبال عالم جديد، سيكتشفونه بالتدريج. ولم يكن في وسع الخالق إذن إنزال الوحي بالاستعانة بالمصطلحات المتداولة داخل النظام القبلي، ولذلك كان يتعين ترجمة المعنى عبر لغة رمزية ومبدعة. وبالتالي، ولكي يتم استيعاب العقاب الإلهي، كان يتعين أن ينخرط ذلك العقاب في إطار أحد تمظهرات الحقيقة الإلهية الجلية، والمتعارضة مع تركة الوثنية لقبائل البدو.
وهذه الرؤية حول العالم الآخر في حد ذاتها تتحكم فيها أفكار الخلاص بشكل قوي؛ مثل «المطهر» (لم يرد هذا المصطلح في النص القرآني، لكننا نستطيع استخلاص وجوده)، ويوم الحساب، وميزان الآخرة، والصراط المستقيم، الذي يقود المصطفين نحو الجنة، ويترك المغضوب عليهم يتهاوون في النار. وفي المقام الأخير تأتي ساعة الحساب الأخير. وبينما كانت قبائل البدو تؤمن بالتسلسلات الرئيسية الكبرى للطبيعة، وتعبد الشمس والريح، وتنحني أمام الأصنام والتماثيل، وتخشى المياه الراكدة وتتوجس من السحرة، جاء القرآن ليعلمهم حقائق تفوق كل ما هو حسي، حقائق مجردة وتفوق قدرة الإنسان على الإدراك. كما أشار النص القرآني بصفة خاصة إلى وجود عوالم متراكبة يستطيع المرء الصعود إليها من خلال الزهد الذي ينبني على الامتناع عن الشهوات ونيل الجزاء، وليس بالاستعانة فحسب بالتفكير العقلاني.
نهاية العالم
تأخذ نهاية العالم معناها الكامل في هذه التراتبية بين ما هو حسي وظاهر، وما هو غيبي ومجرد. كما تأخذ معناها في نهاية المطاف في إطار نبوءة يتم فيها دائما إرجاء ما سيحصل في الغد إلى تخوم العالم في وقته الراهن. إن الرهبة والخوف من النهاية تمنع التجاوزات البشرية وتكبحها، بنفس الحدة التي ترفع من خلالها الصور المفزعة درجة الرهبة الجماعية لدى الأولين من الأتباع؛ فالجنة موجودة بدون أدنى شك، لكن جهنم هي من تنال القسط الأوفر من التوصيفات جد المرعبة. إنها المكان الذي تتواجد به الشجرة اللعينة، أو الزقوم، التي سيأكل منها كل جائع، إنها الحطمة (النار التي تلتهم الأحشاء)، إنها القدر التي تفور منها ألسنة النار والتي سيلقى داخلها الهالكون من الأعلى. كما تتلاقى كل الظروف النفسية المرتبطة بفناء الدنيا في بعض الآيات القرآنية، ويظل الخوف الحدسي، والشنيع، والمتعاظم المحرك الأساسي وراءها. كما أن الطريق التي تؤدي إلى النار أسهل من تلك التي تفضي إلى الجنة. ومنذ تلك الوهلة، وقبل أن يقدم الرسل المنذرين بالسوء على الإفراط في رسم صورة للغيب من خلال تمثلاتهم، شرع المؤمنون الصادقون والمتورعون في التنقيب بشكل حثيث عن العلاقات الدالة على حلول الساعة ونهاية العالم. لقد انفتح النص القرآني على كل هذه التكهنات، وتطرق شفهيا وكتابيا للأسباب التي تفسر بشكل بديهي التوجس من جهنم.
وفي هذا الصدد، تشير سورة التكوير، وبشكل خاص من خلال عملية الكسوف، إلى مآل الذين سينالون العقاب: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)».
كل هذه التمظهرات تتوقع زوال العالم وبعث الروح (تم ذكر مفردة القيامة أكثر من ثلاثمائة مرة في القرآن الكريم). ويتم أخذ تلك التمظهرات بشكل حرفي، ويكفي فقط أن يظهر زلزال أشد من الزلازل السابقة، أو النار الشديدة، أو أي كارثة، أو أن تظهر عاهة بيولوجية لكي يشتعل لهيب الشهوات، ولكي يتذكر كل شخص الأهوال المقلقة لجهنم الهاوية. وفي بعض السور الأخرى، ترد عدة تفاصيل أخرى وتظهر بصفة متكررة... وبما أن تلك التمظهرات تسري على جميع البشر وليست تخص المسلمين فحسب، فذلك يمنحها قوة جبارة.
النهاية ستكون كونية
وبالتالي كما ورد في سورة الحج، الآية 2: «يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى»، ستكون ساعة الفناء ذات بعد كوني، ولن تكون فقط ذات بعد محلي. وفي سورة أخرى يرد الحديث عن السماء التي يغطيها السواد الدامس غير المعتاد. وفي المقام الأخير، ستحل بعض الظواهر التي تخالف المنطق في غفلة من الجميع، وسيبعث الموتى من قبورهم، وستعيش الجزيرة العربية على وقع هزة عظيمة وسيصبح أسفلها أعلاها، وسيختفي المشرق والمغرب تزامنا مع ظهور يأجوج ومأجوج اللذين سيتحكمان في العدم.
إن هذين الكائنين المنتميين للعالم السفلي يجلبان الكثير من الخوف لدرجة أنه لم يستطع أي نص حتى اليوم تقديم توصيف لهما. إن وقع تسميتهما المرتبطة بالسحر تثير لوحدها الفزع... وبشكل خاص، يتم كذلك ملاحظة ما يجري على الأرض بشكل جد دقيق، لأن العلامات الأرضية لها تأثير جد كارثي على الكائن البشري. وفي هذا الصدد، يرد تحذير أول في بداية سورة الحج: «(1)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (2) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ». كما أن النص القرآني كان واضحا في هذا الموضوع في سورة «الزلزلة» في آياتها الأربع الأولى: «(1) إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا(2) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (3) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا(4) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا». أما الرسول فقد قال في هذا الصدد: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا». حينها سيدرك البشر بأن نهاية العالم وشيكة. لكن، وفي ما وراء هذه العلامات ذات البعد الرمزي الكبير (لأنها متقلبة الأوجه)، حاولت بعض النصوص، التي نستطيع تحديد تاريخها بدقة، أن تتطرق لهذا الموضوع من خلال توسيع أفقه لكي يشمل حدود الخيال البشري.
الدجال والجساسة
كما تم التطرق كذلك إلى الدجال (الذي يدعي بأنه المسيح)، والجساسة (الدابة التي تتجسس على الناس وتأتي بالأخبار للدجال)، وبعث المسيح، وهو الأمر الذي يعد حسب القرآن الكريم إحدى العلامات الأكيدة على قيام الساعة. وفي سورة المرسلات، وبالضبط في الآيات 7، و8، و9، و10، نستطيع أن نقرأ بأن قيام الساعة سيحدث وفقا للمشيئة الإلهية كما فسر ذلك القرآن: «إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10).»
إذن فاحتمال كشف الحجاب (نهاية العالم) أمر جد وارد حسب النصوص الدينية الإسلامية. وسيحدث ذلك الأمر في اللحظة التي ستسبق فناء العالم الذي نعيش فيه. كما تم تحديد 13 واقعة سترتبط مباشرة بنهاية العالم (أحوال الآخرة)، وبتحقيق الإرادة الإلهية في إنهاء ما خلقه: « فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)». (سورة الحاقة الآيات 13-16). لكن، لم يرد بأي حال ذكر ميقات حصول هذا الأمر، ولا يوجد أي شيء يفيد بأن الزمن الإلهي يساوي الزمن كما هو معروف بين البشر. أحد التفسيرات المرتبطة بهذا الأمر تقول بأن الزمن الإلهي لا منتهي. ويظل الأمر الأكيد هو أن الخالق تحدث بشكل مستفيض في القرآن وفقا لآليات هذا الزمن الذي لا ينفذ، لكن من المستحيل تحديد هذا الزمن وفقا للمدد الفيزيائية، ناهيك عن تحويله إلى زمن يمكن تحديد مدته تاريخيا.
من جانب آخر لم تتطرق النصوص الإسلامية لما يصطلح عليه عند المسيحيين ب «نوستراداموس»، ولكن تمت بكثرة الإشارة إلى الكهن، وازدهر بشكل كبير علم التنجيم. ومن ذلك المنطلق، أدى خلق هذا الحقل المتشعب إلى تواتر العديد من التكهنات، التي تتراوح بين بضع كلمات وهمية، وبدون أية جذور، إلى المئات من النظريات التي تميل إلى التوكيد. وبما أن عامة الناس تواقون وقلقون في طبيعتهم، ونظرا لضرورة إعدادهم بشكل مسبق للحظة التي سيفنى فيها العالم، فقد انشغل بهذا الأمر عدد كبير من العلماء، وأحيانا بعض الأولياء، وبعض الأئمة والدعاة، وكانت المنهجية التي اتبعوها جد متينة، حيث تم ترتيب علامات الساعة حسب أهميتها: فمنها البعيدة، والقريبة، والوشيكة. لكن المرجعية المتبعة ظلت نفسها، حيث تتم العودة إلى النصوص التي تركها العلماء الأولون في الإسلام، وأصحاب التفسير القرآني، وكلهم يقدمون ميزة عدم تخصيصهم لجهدهم لأجل الرد بالحجج المعاكسة، أو تصحيح الأفكار التي قد يرون بأنها خاطئة. كما أن أفكارهم كانت أحيانا غريبة الأطوار، وظلت تهتم أساسا بالبعد الأخلاقي، وفساد تلك الأخلاق، وتبني قيم دخيلة على الدين الإسلامي. وبالتالي، يتم الحديث عن انتشار اللواط بشكل واسع، واستباحة الزنا، وتبرج النساء.
رفضها البعض
وبدون أن يكون في ذلك الأمر أي شكل من أشكال تقييد الحرية، يرمي هذا الخطاب إلى «الحفاظ» على العلاقات الاجتماعية القائمة في حالتها، وذلك من خلال التنديد القبلي بالتحولات المرتبطة بالحداثة. وفي هذا الصدد، يظل حديث الرسول الآتي نموذجا واضحا على المفارقة التاريخية: «سيأتى زمان على أمتى يستحلون فيه الحرا و الحرير و الخمر و المعازف.» لكن، وفي ظل الخلافة العباسية التي حكمت ببغداد من سنة 750 م (أي بعد قرن واحد فقط من نزول الوحي الإلهي) إلى حدود سنة 1258، كانت كل هذه الأمور منتشرة على نطاق واسع، إن لم يكن يتم التشجيع على القيام بها.
وبالاستعانة ببعض الآيات القرآنية قام عدة فلاسفة مسلمين، مثل المحاسبي، والغزالي، ومحمد أبدوح (الذين يصنفون ضمن العقلانيين) بمناقشة هذه المعتقدات على نحو متحمس، وقاموا بالدفاع عنها. لكن السواد الأعظم كان له الذكاء الخارق والقدرة على عدم المبالاة بكل أشكال الفكر أو الإيمان التي لا تتلاءم مع عقيدته. كما ينبغي الإشارة إلى أن لحظة قيام الساعة ظلت قابلة للتحيين في أي لحظة من قبل المجموعات المختلفة التي تؤمن بالخلاص، والتي ظل اهتمامها الرئيس هو القضاء على الدجال، الذي جسده الأعداء التاريخيون للإسلام، والذي يظل بالنسبة لهم العدو المتخيل الذي يقف ضد إقامة عالم إسلامي أفضل حالا. ومن بين تلك الجماعات ظهرت مجموعة العتيبي، الموظف المتقاعد في الحرس الوطني السعودي، وهي واحدة من أكثر تلك الجماعات التي حظيت بمتابعة إعلامية كبيرة، وذلك بالرغم من أن بعض مصادر المعلومات تظل غير واضحة. قام هذا الأخير رفقة مجموعة صغيرة باحتلال المسجد الحرام سنة 1979، وهو الأمر الذي خلف حماما من الدم داخل هذا المكان المقدس جدا. وعلى امتداد عدة ساعات وعدة أيام، تم تبادل إطلاق النار الكثيف على مشارف الكعبة، القلب النابض للإسلام، وداخل الممرات المتعددة وسط المبنى.
التقى جهيمان العتيبي بمحمد بن عبد الله القحطاني في المدينة المنورة، وتزوج محمد القحطاني بأخت جهيمان العتيبي لتبدأ بعدها حادثة الحرم المكي الشهيرة. وقبل حادثة الحرم رأى جهيمان ورفاقه في المنام أن المهدي المنتظر هو محمد القحطاني. شكل أتباع القحطاني جماعة سلفية دولية تضم العديد من الأفراد المتحدرين من السعودية، ومصر، واليمن، والسودان... تواجهت تلك المجموعة مع أفراد من القوات الأمنية السعودية، وعناصر من الدرك الفرنسي، ومجموعة من المستشارين التقنيين من عدة دول غربية، بمن فيهم الأمريكيون، الذين يضعون السعودية دائما نصب أعينهم. وحسب الشيعة، ستكون لعودة المهدي المنتظر على الأرض وظيفتان. أولا، سيدل ذلك الأمر على نهاية العالم، وثانيا سيضمن للأتباع مرورا أكثر يسرا في الرفيق الأعلى، وقبول دخولهم إلى الجنة. يوضح هذا الأمر بأن المساعي الخطيرة للعتيبي وإخوانه في السلاح داخل مكة كانت تهدف نوعا ما إلى تطهير المكان من كل أشكال الفساد البشري التي استشرت في المكان. أما الأمر الأكثر إثارة، فهو أن الشخص الذي ادعى بأنه المهدي المنتظر، والذي توفي حاملا سلاحه بين يديه، بعدما مزقت قنبلة أطرافه، يتحدر من أحد أقدم القبائل التي عاشت بشبه الجزيرة العربية. تلك القبيلة تدعى «قحطان»، ويعود تاريخ وجودها بشبه الجزيرة العربية إلى القرن الثالث الميلادي، أي حوالي قرنين أو ثلاثة قبل ظهور الإسلام. إذن شاءت الصدف أن يكون الشخص الذي ادعى بأنه المهدي المنتظر، وكان في طريقه ليصبح كذلك لولا إيقافه من قبل «قوى الدجال»، من قبيلة ذات جذور تاريخية جد قديمة، وموغلة في القدم لدرجة أن المخطوطات والملحمات التي سبقت الإسلام تذكرها بالاسم.
في وسعنا إذن القول بأن بعث المسيح وانتصاره ليس في نهاية المطاف سوى فصل من فصول التاريخ البشري الذي يدور على محور ثابت، تقريبا كما لو أن أطلس قرر مؤقتا تغيير الكتف التي تحمل الكرة الأرضية، مجازفا برؤيتها تنشطر إلى آلاف الأجزاء. ومع مرور الزمن، سنرى حتما بعض المظاهر الأخرى المرتبطة بهذا القلق الإنساني حيال نهاية العالم.
عن مجلة «إيستوريا»
مالك شبل
إعداد: محمد حمامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.