الالتزام ‬الكامل ‬للمغرب ‬بمبادرات ‬السلام ‬‮ ‬والاستقرار ‬والأمن        الطلب العالمي على الفحم يسجل مستوى قياسيا في 2024    بنك المغرب…توقع نمو الاقتصاد الوطني ب 2,6 بالمائة في 2024    استهداف اسرائيل لمستشفيات غزة يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية    وكالة بيت مال القدس الشريف تنظم ندوة في "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"    اتهم ‬باريس ‬بزعزعة ‬استقرار ‬الجزائر ‬ووجه ‬لها ‬تحذيرات ‬غير ‬مسبوقة ‬الحدة:‬    بعد سقوط الأسد.. السورية للطيران تنظّم أول رحلة من دمشق إلى حلب    مجلس الأمن الدولي يدعو لعملية سياسية "جامعة ويقودها السوريون"    الوداد البيضاوي يعلن عن منع جماهيره من حضور مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي لأسباب أمنية        إحصاء 2024… تباطؤ ملحوظ في معدل النمو الديمغرافي    بعد يوم واحد على مقتل شرطي.. إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من المخدرات ببني ملال    بنموسى: تحسن متوسط مدة الدراسة لدى السكان البالغين 25 سنة    إجراءات تسليم بودريقة إلى المغرب مستمرة وفق إفادة النيابة العامة بهامبروغ ل"اليوم 24"    المكتب المديري للرجاء يتخذ قرارات جديدة لتصحيح المسار    مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي    المغرب يتجه نحو الريادة في الطاقة المتجددة... استثمارات ضخمة    هل تساهم كميات اللحوم المستوردة في خفض الأسعار بالسوق الوطنية؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية        مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة لغة الخطاب السياسي بالمغرب.. مخاطر حدة اللفظ وبشاعة المعنى
نشر في المساء يوم 19 - 12 - 2012

تحتاج لغة الخطاب السياسي في المغرب، اليوم، إلى رصد موضوعي وإلى انخراط مختلف الفاعلين في التنبيه إلى مخاطره الآنية والمستقبلية، والبوح الصريح برفض معجمه الذي أصبح يعكس تشنجات في المواقف وعداء مزمنا لفلسفة الحوار ومخاصمة عنيدة لأصول الذهنية الديمقراطية.
يؤكد تنامي هذا الخطاب وجود أزمة حقيقية في الممارسة السياسية بالمغرب، وأزمة أكبر لدى المتابع لهذا الخطاب؛ ذلك أن مزالق الممارسات لا تعلل صمت الباحث والإعلامي والفاعل المدني وغيرهم ممن يعتبرون أنفسهم أصحاب موقف يدافع عن القيم الإيجابية، وضمنها آليات الحوار التي ينبغي أن تطبع باحترام الرأي المخالف، لأن الآراء لا تعدو، في نهاية المطاف، أن تكون اجتهادا بشريا واقتراحا لحلول أمر الحسم في وجاهتها، موكول إلى المواطن، وليس إلى الشفتين القادرتين على التلفظ بالمعجم القدحي أو التبخيسي.
نحن في حاجة ماسة، اليوم، إلى هذه الدراسات التي تخوض في أزمة لغة الخطاب السياسي، لأن انعكاسات مواقفها ونتائجها وتنبيهاتها ستكون إيجابية على المحترف السياسي الذي قد تشغله (الغنيمة) عن وجاهة الخطاب وعقلانيته. ولسنا في حاجة إلى التذكير بالاجتهادات التي قدمتها نظريات تحليل الخطاب من خلال اشتغالها على لغة خطابات سياسية في المجتمعات التي تعتبر العلوم الإنسانية موجها للممارسات ومكيفا للذهنيات ومغنيا لمكونات هذه الخطابات، وليس مثل تلك التصورات التي أصبح يكررها بعض مسؤولينا بالحكم على مؤسسات العلوم الإنسانية باعتبارها خارج دائرة فضاءات الإنتاج المعرفي والاقتصادي؛ فمثل هذه التصورات تجعل المغرب يفتقد تقدير قيمة هذه العلوم (الإنسانية) التي تلين مفاصل الذهن وتمنعها من التكلس والتحجر، وبدونها يكون المجال مفتوحا أمام الممارس السياسي ليجعل خطابه موسوما بالصراخ وحدة اللفظ وبشاعة المعنى؛ لذلك ينبغي ألا تصدمنا المفاجأة غدا إذا ما عم هذا الاختيار، وأصبح النموذج الأمثل في الأحزاب والنقابات والجمعيات، بل وفي العلاقات الأسرية والتعليمية... وكيف لا يكون كذلك، وقد أصبح نمطا تعبيريا مهيمنا في المؤسسات تنقله وسائل الإعلام المرئية وتتسابق على إعادة نشره المواقع الإلكترونية، وقد يتباهى به صاحبه باعتباره تعبيرا عن حزم تدبيري وجرأة سياسية وشجاعة لا تقاوم وخطابة مفوهة تضمن موقعا حزبيا أو مسؤولية حكومية.
هذه المكاسب العابرة لا تشفع لأصحابها بانتهاك حرمة المجتمعات، وتكريس تمثل سلبي عن الممارسة السياسية، والسماح لمعجم الابتذال بالرواج داخل المؤسسات وفي وسائل الإعلام. ولسنا في حاجة إلى ضرب الأمثلة لأن ذلك لم يعد مجديا، إذ تكفي متابعة هذا التنافس غير الإيجابي في النهل من معين هذا المعجم؛ مما يؤدي إلى تغييب النقاش الحقيقي للقضايا الحقيقية. ورغم أن المواطن لا يسعده التراشق المعجمي، ولا يتلذذ بالعنف اللفظي الذي يواجهه في الشارع وفي الساحات العامة... فإن إدمانه ذلك سيجعل الأمر يتحول إلى فرجة مرعبة، وسيؤدي إلى انكسارات وفقدان ما تبقى من ثقة، والاعتقاد بأن الأمر اختيار مقصود. وفي ذلك خطر على السياسة والسياسيين، وقبلهما وأهم منهما، خطر على المجتمع، ونجاعته الديمقراطية، وتفاؤله بالمستقبل الذي يعد حصنا منيعا أمام ظواهر التطرف والغلو.
إن على الممارسين السياسيين أن يعيدوا النظر في معجمهم وتراكيبهم، وأن يجعلوهما جزءا أساسيا من لغة خطابهم. وإذا كان خطابهم ،اليوم، يشدد على ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن هذا الربط لا يتعلق بالمواقف والقرارات فقط، بل باللغة أيضا؛ إذ مسؤولية الكلام تقتضي المحاسبة على معجمه وتركيبه كذلك.



جمال بندحمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.