خصص البرلمان الفدرالي البلجيكي جلسة أول أمس الاثنين، للاستماع إلى شهادات مؤثرة لمجموعة من المغاربة ضحايا التهجير القسري من الجزائر حول المأساة التي عانى منها أبناء وطنهم الذين طردتهم الجزائر سنة 1975. وتحدث الضحايا عن مأساتهم بعد أن طرد النظام الجزائري، بشكل تعسّفيّ ودون أي مبرّر يذكر وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي، حوالي 45 ألف أسرة تضمّ أكثر من 350 ألف مواطن مغربي كانت تقيم فوق ترابها بصفة قانونية منذ عقود٬. وذكرت الشهادات كيف تم اقتياد ما بين 35 ألفا و45 ألفَ مغربيّ بالقوة وبطريقة لا إنسانية من طرف مختلف السلطات الأمنية الجزائرية، من عناصر الشرطة والدرك والمخابرات والعسكر الجزائري، إلى مراكز الاعتقال السرية في الجزائر، حيث أمضوا أزيدَ من شهرين في ظروف مأساوية، قبل أن يُرَحّلوا إلى المغرب، تاركين وراءهم عددا من أفراد عائلاتهم وممتلكاتهم، بعد أن تم تشتيت الأسر والعائلات والسطو على ممتلكاتهم.. إضافة إلى التعذيب النفسيّ والبدني الذي عانوا منه، والذي ما تزال جراحه لم تندمل بعدُ وآثاره محفورة في ذاكراتهم. وتوقف الضحايا عند النتائج الوخيمة لهذا الترحيل من الناحية الاجتماعية المرتبطة بهذه المأساة٬ لاسيما سلب الممتلكات وفقدان المساكن والحرمان من الحقوق الاجتماعية من التوقف عن الدراسة وفقدان الوظائف والعمل وتأثيره على المسار التعليمي والعملي وصعوبة الإدماج المهني، مع الإشارة إلى الخرق السافر لحقوق الأطفال والنساء ضحايا التهجير القسري٬ واصفين الخطوة التي أقدمت عليها السلطات الجزائرية آنذاك بالعمل الشنيع وبكونه جريمة ضد الإنسانية. وموازاة مع التركيز على خطورة ما جرى، وجّه الضحايا نداء إلى الهيئات الدولية لدعمهم بهدف تسليط الضوء على معاناتهم وتحقيق العدالة في هذا الملف. وتميزت جلسة الاستماع هذه بعرض شريط وثائقيّ حول مأساة المغاربة ضحايا التهجير القسري. وعقب انتهاء المعنين من الادلاء بشهاداتهم، قال النائب البلجيكي المتخصص في القضايا الأوربية والدولية دينيس دوكارم إن الدراسة التي أنجزها حول هذا الموضوع تؤكد أن التعذيب الذي تعرّضَ له المُهجَّرون المغاربة أمر حقيقيّ، وأضاف أنه يعتزم على ضوء الشهادات المدلى بها تقديمَ تقرير في الموضوع إلى وزارة الخارجية البلجيكية، إضافة إلى النواب الأوربيين البلجيكيين قبل ربيع سنة 2013.، وقال: «سأضمِّن الشهادات المُقدَّمة من طرف الضحايا في تقرير سأرفعه إلى وزارة الخارجية الأوربية والنواب البلجيكيين في البرلمان الأوربي»، مذكرا بأنّ معاناة المغاربة ضحايا الطرد القسري من الجزائر نوقشت في إطار لجنة الأممالمتحدة من أجل حماية العمال المهاجرين، التي أعربت عن قلقها إزاء انتزاع ملكية ممتلكاتهم المشروعة، وهي اللجنة التي أوصت الدولة الجزائرية بإعادة الممتلكات المصادرة إلى الضحايا ومنحهم تعويضا منصفا ومناسبا. وأشار النائب البلجيكي، من ناحية أخرى، الى أن جلسة الاستماع هذه، والمنظمة عشية اليوم العالمي للعمال المهاجرين وذويهم، مكّنتْ من معرفة وفهم تفاصيل التهجير الجماعيّ القسري للمغاربة المقيمين في الجزائر سنة 1975.