غاب الخطاب السياسي المباشر عن وصية الراحل عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، الذي وُوريَّ الثرى يوم الجمعة الماضي في مقبرة الشهداء في الرباط، باستثناء عبارة «الصحبة في الجماعة»، التي تحيل على أن الجماعة ليست عبارة عن زاوية ولا تسير بمنطقها وإنما هي تسير وفق عمل المؤسسات التي يخضع تسييرها لقوانين مضبوطة ومحددة بطريقة مدققة. وعلق قيادي في الجماعة على خلو وصية مرشد من أي توصيات تتعلق بالجوانب السياسية لأعضاء الجماعة بكون جميع الأمور المتعلقة بالتنظيم تم التنصيص عليها في القوانين الداخلية المنظمة لعمل الجماعة وأجهزتها، موضحا أن الوصية تم تسجيلها في بيت المرشد في عام 2002 وليست جديدة. وأوصى المرشد الراحل أتباعه ب»إقران العدل بالإحسان في تدبير أور الجماعة»، وقال بهذا الخصوص: «وأوصي أن العدل قرينُ الإحسان في كتاب ربنا وفي اسم جماعتنا، فلا يُلهنا الجهاد المتواصل لإقامة دولة العدل في أمتنا عن الجهاد الحثيث لِبلوغ مراتب الإحسان». وفي سياق متصل، وصف محمد المرواني، الأمين العام ل»حزب الأمة»، غير المرخص له، الراحل الشيخ عبد السلام ياسين، المرشد العام لجماعة العدل والإحسان، ب»المناهض للاستبداد والفساد». وأكد المرواني، في كلمة خلال حفل تأبينيّ في بيت الشيخ عبد السلام ياسين في الرباط، مساء يوم الجمعة، أن «القيمة الأساسية في هذا الرجل هي قيمة الثبات على المبادئ والقيّم والموقف السياسي، إذ لم يبَدّل ولم يغيّر وأدى الثمن، وقد كانت المكائد والمؤامرات والحصار والسجن، ولم يَفُتَّ كل هذا من عضده، حيث كان رجلا ثابتا بامتياز في زمن تضعف فيه النخب وتبحث فيه عن الحلول الوسطى مع الاستبداد، لكنه كان صامدا طوال حياته.. عاش شريفا ومات شريفا وعاش عزيزا ومات عزيزا». من جهته، أكد محمد لحبابي، أحد مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، أنه تعرَّفَ على الشيخ عبد السلام ياسين في منزله، وأنه قد وجد أمامه «أكثرَ من رجل»، لأنني «وجدتُ فيه الثقة في النفس وفي التاريخ، وكنت أقول له إننا سنمر، فكان يرد بأن أفكارنا لن تموت، لأننا مسلمون ونثق في مستقبل المسلمين، ومعه الحق، فهو لم يمت في قلوبنا». وأوضح لحبابي أنه «في هذا القرن ستفتح أبواب الإسلام في العالم كله، فسورة الرعد أجد وكأنها قيلت اليوم، ولذلك أظن أن أبواب الإسلام ستفتح، وكثير من الأمم ستصبح مسلمة».. إلى ذلك، أكد مولاي امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، أن «المرحوم المجاهد سيدي عبد السلام ياسين استطاع أن يتحلى بصفة يحبها الله وهي قوله تعالى «الله مع الصابرين»، فقد كان عبد السلام ياسين يجسد في العقود الأربعة الأخيرة مثال المؤمن الصابر. وقد توجه عبد الله الشيباني، العضو في مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، في كلمة باسم عائلة الشيخ ياسين، بشكر خاص لمجلس الإرشاد في جماعة العدل والإحسان، «الذي أمّنهم أبونا على أعظم ميراث تركه هو جماعة العدل والإحسان، فندعو الله لهم بالسداد والتوفيق والعون في هذا التكليف العظيم الذي ابتلاهم الله به». وعلمت «المساء» أن صلاح الوديع، القيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، حلّ ببيت عائلة الشيخ عبد السلام ياسين صباح أول أمس لتقديم واجب العزاء، في الوقت الذي أجرت خديجة الرويسي، القيادية في الحزب، اتصالا هاتفيا مع العائلة. كما حضر وفد نسائيّ من حزب العدالة والتنمية، برئاسة بسيمة حقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن، إلى جانب النائبة البرلمانية، جميلة مصلي، ووجوه أخرى. إلى ذلك، علّق قيادي في جماعة العدل والإحسان على الرسالة التي توصلت بها الجماعة من محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليزاريو، بالقول إن الوفاة لحظة إنسانية وليست سياسية، مضيفا أنه «في تلك اللحظة تزول جميع الاعتبارات السياسية فاسحة المجال للاعتبارات الإنسانية التي تكون لها الأولوية، وفي هذا السياق جاءت رسالة البوليزاريو إلى الجماعة خارج أيّ سياق سياسي».