- ما هي التحديات التي تنتظر الاتحاديين في مؤتمرهم التاسع؟ التحدي الرئيسي الذي يواجه حزب الاتحاد الاشتراكي في مؤتمره القادم هو النموذج الحزبي، فالحزب وصل إلى نهاية نموذجه الثاني (النموذج الأول الذي أسس له "بوعبيد" و"المهدي بنبركة" انتهى مع الدخول إلى تجربة التناوب، والنموذج الثاني الذي أضعف الحزب بناه "اليازغي" و"عبد الواحد الراضي" بالدخول الى الحكومات تحت قيادة إما تقنوقراطية (ادريس جطو) أو حزبية (عباس الفاسي)، تحدي النموذج، بمعنى أن الاتحاد إما أن مؤتمره سيقود إلى بناء نموذج حزبي ثالث يعيد تشخيص الواقع السياسي باشتراكية إصلاحية جديدة تنتج أثرا إيديولوجيا في الحقل السياسي المغربي، أو أنه سينهي مع موروثه التاريخي وبقايا نموذجه المستمد من الحركة الوطنية ونضال سنوات الرصاص، ويتحول الى نموذج جديد شبيه بالجيل الثاني من الأحزاب السياسية المغربية، أقصد الأحزاب غير التاريخية، فالاتحاد الاشتراكي في المؤتمر التاسع سيكون في مواجهة قضية واحدة هي التاريخ السياسي للاتحاد الاشتراكي نفسه. أضف إلى ذلك، تحديا ثانيا مرتبطا بتأثيرات النموذج، وهو النموذج الذي سيقدمه للشارع الذي هرب منه ، فالاتحاد الاشتراكي، هو الحزب الوحيد في التجارب الحزبية الاشتراكية العالمية الذي ظل يحمل ماضيه أمامه وأمام الشارع، رغم أن حاضره لا علاقة له بهذا الماضي ويبدو أن هناك انتباها إلى هذه الظاهرة. - هل يحتاج المرشح للأمانة العامة للحزب إلى كاريزما تاريخية؟ أعتقد أن زمن القيادات التاريخية لم يعد له وجود، لقد تجاوزنا في المغرب الظاهرة القديمة التي كان فيها المناضلون ينتظرون زعيم قادم من المكتب السياسي أو اللجنة التنفيذية، ينتظرونه ساعات طويلة قرب علامة (40) خارج المدينة، فالجيل الجديد داخل الأحزاب لم يعد منبهرا بالتاريخ أو الكاريزما وإنما بالفعل في الميدان ومراقبة درجة تطور الحزب ونتائجه الانتخابية وغنائمه، وقد سبق أن طرح سؤال على أحد قيادات الاتحاد المرشحة اليوم للأمانة العامة، وقال إن الأمر لاعلاقة له بالسن وإنما بالخبرة والمشروع الذي يجب حمله للحزب، وهذا التشخيص يمكن أن يكون صحيحا، على اعتبار أن الاتحاد الاشتراكي منذ تأسيسه هو تعاقب لخمسة أجيال لحد الآن جيل "بوعبيد" و"اليوسفي" و"اليازغي" وجيل "المالكي" و"ولعلو" و"الراضي" وجيل "لشكر" و"خيرات" و"الأشعري" وجيل "لكحص"(الذي لم يعد موجودا حاليا) و"علي بوعبيد" وجيل "حسن طارق" و"المزواري" ،هذا التراكم من الأجيال الذي قرب المسافة بين القيادات القديمة والجيل الجديد، وجعل القيادة القديمة تنتج خطابا جديدا لاعلاقة له بالكاريزما التاريخية. - ما هي السيناريوهات المحتملة في هذه المحطة؟ رغم بعض حالات الصراع الموجودة اليوم في عملية انتداب المؤتمرين (فاس مثلا)، فإن الاتحاد الاشتراكي لم يعد مهددا من حيث الالتزام التنظيمي، فاشتغاله بقضية التيارات جنبه ظاهرة الانشقاقات أو الانسحابات، وهي ظاهرة صحية، وعلى مستوى سيناريوهات الأمانة العامة، يبدو أنها ستنحصر بين "فتح الله ولعلو" و"إدريس لشكر"، فالأول يمثل التاريخ وهو قادر على المرافعة بالنموذج القديم للحزب، والثاني (لشكر) له قدرة تنظيمية قوية وتواصل قوي مع كل الأجيال، ولكن في الواقع سنكون أمام مسارين مختلفين للحزب، ف"فتح الله ولعلو" سيكون في حالة فوزه أكثر تاريخية في بناء التحالفات على عكس "ادريس لشكر" الذي عادة ما يكون برغماتيا في التعامل مع وقائع المشهد السياسي، وهما مساران أو توجهان لهما أنصارهما من نفس الوزن.