أيها العرب المستهلكون النُّوَام... أفيقوا، لقد وصل ال»تْسُونَامي» إلى حدودكم، وهزت عاصفته الهوجاء أركان مضاجعكم، أين رجولتكم وفحولتكم التي تتباهون بها أمام نسائكم وجواريكم أو ما ملكت أَيْمانكم... قاطعوا منتجات الأمريكان والصهاينة، فأجدادكم أَلِفُوا شظف العيش... تناولوا حليب جِمَالكم وكُلُوا تمر نخيلكم، ليس لديكم ما تخسرونه سوى بطونكم... أضعتم العزة والنخوة والكرامة تحت أقدام نسائهم وزعمائهم، تارة يدغدغون عواطفكم في خطبهم الجوفاء حين تفرغ خزائنهم... وتارة أخرى يلعبون دور الوجيه النبيل (الجنتلمان) ويدغدغون عواطف الشعوب ويُضْمِرُونَ لكم شرا حين لا تصلهم جِزْيَتكم، لقد رَمَّلوا وثكلوا نساءكم وتركوا أطفالكم يتامى مشردين ومستضعفين وأنتم تنظرون من ثقب الباب نتيجة ما يحصدون، كانت الغلبة لهم والخزي والعار لكم... أعطيتموهم وزنهم ذهبا وضاعفتم لهم الكيل، فطمعوا في ضمائركم، يوقفونكم في صف طويل وعريض (لأن أجسامكم ضخمة)، وينزعون كوفياتكم وعمائمكم وجلابيبكم قطعة قطعة وأنتم واجمون، لن تجدوا ما تستروا به عوراتكم، حتى أوراق التوت لن تجدوها، لقد اقتلعوا النباتات والأشجار بدباباتهم وقنابلهم ودنسوا بأقدامهم أراضيكم المقدسة، ومحوا آثار نِعَال أجدادكم من على الرمال... لم تعد أشجار الزيتون شامخة ولا الصحراء عذراء، حتى الجِمَال والإبل لم تعد آمنة، لقد دمرتم، بصمتكم وجهلكم وتجاهلكم، منجزات وبطولات الأجداد وأدخلتمونا مزابل التاريخ، ودفنتم رؤوسنا رغما عنا في مزابل الأرض كالنعام، جعلتمونا «روبوهات» لا تفكر إلا بعقولهم ولا تأكل إلا بأفواههم ولا تتصرف إلا بإملاءاتهم... لم تعد البلاغة والفصاحة والشعر من اختصاصكم، فقد أَلِفْتُم الإملاء حتى النخاع، أين خطب قس بن ساعدة؟ وسهيل بن عمرو؟...أين عزة النفس وشجاعة المعتصم حين دك مدينة عمورية لما استنجدت به امرأة (وْلِيَّة) أصابها الظلم... فما بالكم بشعب أعزل قد جار عليه الزمان والمكان وخذله الأهل والإخوان؟ أين الانتصارات الخالدة لصلاح الدين الأيوبي؟ وحكمة وعدل عمر بن الخطاب؟ أين قصائد الفخر الخالدة للمتنبي؟ أين كرامتكم وعزتكم وشرفكم... أين... أين؟ أيها العرب التائهون... لقد لفظكم التاريخ، ونبذتكم السنين، لم تعودوا مُصَنَّفِين في قواميسكم العربية ولا مدونين في فهارس كتبكم ومؤلفاتكم... أعمالكم دائما مبنية للمجهول، تعربون أفعالا ماضية ناقصة أو مضافين إلى غيركم أو نعوتا تابعة لمنعوتيها (الآخرين) في كل شيء إلا الفكر... أنتم شبه جملة في جمل الحياة العديدة، لم تعد تربطكم بأجدادكم إلا جلابيبكم ونعالكم التي تحكي عروبتكم التي كانت يوما ما... لقد أضعتم أموالنا وأرزاقنا في البورصات، وعلى موائد القمار والميسر وتحت أرجل الغانيات والمومسات. أغرقتمونا في مستنقعات الديون والذنوب وأرسلتم إلينا دعاة يطلون عبر قنواتكم الموقرة ليشنفوا مسامعنا بكلام عن التوبة والحلال والحرام وعن عذاب القبر الذي ينتظرنا، لقد كان الأحرى بكم أن تسمعوهم أولا فأنتم قدوتنا ورعاة لأحلامنا وحماة لشرفنا... لكنكم كالراعي الذي رعى غنما على أرض ونام عنها فتولى الأسد رعيها. لقد تركتمونا في أيدي السباع تَفْتِك بحضاراتنا وتنتقم لهزائمها وتعيث في أراضينا فسادا، تارة باسم القضاء على الإرهاب وتارة أخرى باسم حقوق الإنسان... أيها العرب الصامتون... أنتم قوم تصارعوا مع العلوم فغلبتهم، وتَصَدَّوْا للجغرافيا فقسمتهم، وتطاولوا على الحضارة فجَزَّتْ رؤوسهم، ولعبوا بالتاريخ كما يحلو لهم فلم يحرك التاريخ ساكنا، فالتاريخ هو مَطِيَّتُكُم التي ركبتموها وأنتم سعداء وصنعتم لها هودجا من هالات وأكاذيب، تحكون القصص في مجالسكم عن الفروسية وكأنكم أبطال ك»عنترة»، وعن الكرم الزائد وكأنكم كلكم «حاتم الطائي»، وعن العلوم والفلسفة وكأنكم «الفارابي» و»ابن رشد»... أيها العرب النوام... استيقظوا من سباتكم، إنها مجرد أضغاث أحلام، لقد ولى زمن المجد والخلود وفاتكم القطار... فاتكم القطار وتُرِكْتُمْ على رصيف الحياة ضائعين، أنظروا إلى منزلتكم وموضعكم بين الأمم، فأنتم مصنفون في مؤخرة الحضارة وفي ذيل التنمية، تنتظرون كل سنة بشوق ولهفة أن تضاف إلى سجلكم درجة في لوائح التنمية المستدامة، أو الحصول على درجة «تنويه»من الأبناك العالمية، يا الله!! أين ذهبكم الأسود (البترول) الذي سَوَّدَ ماضيكم وحاضركم ولَطَّخَ مستقبلكم... الذي لن ينفعكم في اليوم الأبيض (يوم الحساب). أين ثرواتكم البشرية التي هشمتم رؤوسها وبعثرتم أفكارها بهراوات أغبى من فينا... أفيقوا إن كنتم نياما أو اخلدوا النوم السرمدي إن كنتم أمواتا واتركونا نعيش فنحن نحب الحياة، احلقوا ذقونكم وشواربكم وتجملوا وتعطروا كالنساء واكتبوا قصائد المدح والغزل واجلسوا بجوار «جميل بتينة» وهو يبكي شوقا وعشقا أو قرب «قيس» وهو يناجي ليلاه... واتركونا نُرَبِّي ذقونا وشوارب أخرى علّ وعسى... نجاة رئيف