اختلست نزيلات السجن المحلي بالدارالبيضاء، مساء أول أمس الخميس، لحظات فرح عابرة أنستهن معاناة الاعتقال وراء أسوار السجن الباردة، بعد أن حج فنانون إلى سجن «عكاشة» لتقديم فقرات فنية وأغاني ألهبت مشاعر النزيلات وجعلتهن ينخرطن في موجة ضحك ورقص جماعي. وقالت نزيلة معتقلة على خلفية إصدار شيك بدون رصيد إنها رزقت بطفلتها آية في السجن بعد أن دخلته حاملا، مشيرة إلى أن عمر رضيعتها لا يتعدى ستة أشهر. هكذا، تحول «حي النساء»- المشيد سنة 1991 والذي يؤوي 313 نزيلة، ضمنهن 10 مرفقات بأطفالهن- إلى ساحة للرقص والطرب. أما المناسبة فهي تخليد اليوم الوطني للسجين الذي يصادف سادس دجنبر من كل سنة. حسب محمد عبد العاطي بلغازي، مدير السجن المحلي بعين السبع، فإن إدارة سجن «عكاشة» ارتأت أن تحتفل بيوم السجين الوطني بدعوة فنانين وصحافيين لمشاركة النزلاء فرحتهم. مشيرا إلى أن السياسة الجديدة لمندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج تعتمد سياسة «الأبواب المفتوحة» أمام كل فعاليات المجتمع المدني ومختلف الفعاليات التي تعتبر أن السجين يستحق حياة أفضل عندما يغادر السجن ويندمج في المجتمع كي لا يعود إلى الانحراف مجددا. من جانبها، أعربت خديجة عميرة، رئيسة «حي النساء»، عن اعتقادها بأن ظروف إيواء السجينات تحسنت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرة إلى أن الحي المشيد على مساحة 4300 متر مربع يؤوي حاليا 313 نزيلة، ضمنهن 17 من جنسيات أجنبية و25 من النزيلات الأحداث، أما عدد النساء المرفقات بأطفالهن فيصل إلى 10، بينما توجد ضمن المعتقلات امرأتان في وضعية حمل. وبدا «حي النساء» نظيفا، أما ممراته فقد زينت بمنسوجات تقليدية خاطتها أيد مدربة، كما شوهدت الموظفات يتبادلن الضحكات مع النزيلات، فيما انبرت أخريات لمتابعة مقطع هزلي من مسرحية «الخطبة» التي قدمتها فرقة «قدام الرباح» المكونة من خمسة شبان يقطنون بحي سيدي مومن. إلى ذلك، حصدت الفنانة نجوى عتاب تصفيقات النزيلات بعد أن رددت مقاطع مؤثرة من ربيرتوار يتغنى بالغربة وتمنت إطلاق سراح كافة المعتقلات. كما انبرى الفنان محمد فلان والفكاهي محمد عطير للتحدث إلى النزيلات ومواساتهن في محنة الاعتقال. وقالت إحداهن لفلان: «دبر على ختك بشي عشرين درهم»، فرد عليها فلان بالقول: «أدعو الله أن يطلق سراحكن»، فردت عليه النزيلة بصوت جهوري: «أرسل لينا شي دعوة تكون دوبل روشارج»، وهو ما أغرق القاعة بالضحك. اللافت أن المنسوجات التقليدية التي عرضت برواق حي النساء هي من صنع نزيلتين، الأولى اسمها منى وتقضي حكما بالسجن لمدة25 سنة، تمتعت بظروف التخفيف وقضت 14 سنة وراء القضبان، والثانية هي نادية المتهمة بالتزوير والتي حكم عليها من أجله بالسجن 10 سنوات، قضت منها ستة أعوام خلف القضبان. بالنسبة إلى كل من منى( رقم اعتقالها 71587) ونادية (رقم اعتقالها 47963)، فإن الحياة داخل السجن علمتهن الكثير: التحلي بالأخلاق الحميدة والندم على ما اقترفتاه في حق المجتمع من جرائم، لكنهما أكدتا بالمقابل أنهما تابتا توبة نصوحا وتأملان في الحصول على عفو ملكي، لأن الحياة في السجن لا تطاق، ورغم أن تحسن الوضع الداخلي لحي النساء فإن الحرية لا ثمن لها. اغرورقت عينا منى بالدموع وغالبت رغبتها في البكاء كي لا تسيل الدموع على خديها، وسرعان ما ردت على سؤال ل«المساء» حول حياتها في السجن قائلة: «الحبس أخويا متبغيهش لعدوك، الله يعفو علينا، أنا ارتكبت جريمة في لحظة طيش، وها أنا قد ندمت على ما فعلته وأسعى الآن إلى أن أكون سيدة صالحة لأسرتي ومجتمعي وأشتغل في التطريز وصناعة الأثواب، ألا أستحق العفو، إنني أريد مغادرة السجن وألتمس من الملك محمد السادس أن يرأف بي». حجز حشيش وأقراص هلوسة وهواتف ضبطت إدارة السجن المحلي عين السبع كيلوغرامين ونصف من مادة الشيرا حاول بعض الزوار تسريبها إلى ذويهم المعتقلين خلال الفترة الممتدة مابين فاتح يونيو الماضي والثاني من دجنبر الجاري. وحسب مصدر مسؤول بإدارة سجن عكاشة، فإن مهربي الممنوعات يلجؤون إلى حيل كثيرة لإدخال الممنوعات إلى المؤسسة السجنية، مشيرا إلى أن الإدارة أحبطت محاولة تهريب نصف كيلو من مادة الشيرا معبأة بعناية داخل مسحوق التصبين «تيد»، كما أوقفت شخصا حاول إدخال علبة غاز مسيلة للدموع. وصادرت الإدارة كميات كبيرة من علب «النيبرو» المخصصة لإعداد لفائف الحشيش، و11 هاتفا نقالا حاول بعض الزوار إعطاءها لأقاربهم المعتقلين. وصادرت الإدارة كذلك 400 قرص مخدر من نوع «ريفوتريل»، وجدت 98 منها يوم 24 شتنبر الماضي داخل نعلين من نوع «فييلا»، إضافة إلى كميات من المعجون. والطريف، تؤكد مصادرنا، أن إدارة السجن أوقفت أما كانت تحمل معها 573 قطعة بسكويت في زيارة لابنها المعتقل وعندما سألها حراس السجن عن الهدف من جلبها لهذه الكمية من البسكويت ثارت في وجوههم وأخبرتهم بأنها جلبتها لابنها ليتاجر فيها داخل السجن على أساس أنها ستعود في الأسبوع المقبل لتسلم النقود منه، مضيفة أن أسرتها لا تتوفر على أي مورد رزق اللهم عائدات تجارة البسكويت التي يبيعها ابنها المعتقل لنزلاء سجن عكاشة.