«سنة بعد أخرى يزداد عدد المغاربة المقبلين على الانتحار».. التصريح لرئيس قسم الأمراض النفسية والعقلية بالمركز الاستشفائي ابن رشد، البروفيسور إدريس الموساوي، الذي كشف ل«المساء» أن المركز الاستشفائي استقبل الثلاثاء المنصرم حالة جديدة لطفلة تبلغ من العمر 14 سنة أقدمت على محاولتين للانتحار وكادت تفقد حياتها «لولا أنه تم إنقاذها في آخر لحظة بعد أن نقلت إلى المستعجلات في حالة حرجة». هكذا بدأ المغاربة ينسجون علاقة جديدة مع الموت عنوانها العريض هو الانتحار. وإلى حدود صبيحة الثلاثاء المنصرم، ظل الشريط الذي يبث الآن على موقع «يوتوب» لفتاة مغربية تحاول أن تقذف نفسها من نافذة بيت عائلتها، الأكثر مشاهدة بسبب الصور الصادمة التي نقلها أحد المارة بعد أن التقط بهاتفه المحمول مشهد هذه الفتاة الشابة وهي تصرخ في وجه أفراد أسرتها «خليوني نموت بعدو مني»، بينما والدتها وأفراد أسرتها يمسكون بيدها ويحاولون جرها إلى داخل البيت. كما لم ينس المغاربة الخبر الذي تداولته أغلب الصحف الوطنية عن الأم الحامل التي لقيت مصرعها رفقة أطفالها الثلاثة بعد أن داسهم القطار، بين محطتي زناتة وعين السبع في الدارالبيضاء. وأفاد شهود عيان آنذاك بأن القطار داس الأم الحامل وأطفالها الثلاثة (سنة، وست وسبع سنوات)، في حدود السادسة والربع مساء من يوم الأربعاء 29 أكتوبر الماضي، حيث أكد رجال الأمن والمكتب الوطني للسكك الحديدية أن الأم أقدمت على الانتحار رفقة أبنائها. وحسب الدراسة التي أنجزتها وزارة الصحة رفقة أخصائيين نفسانيين مغاربة سنة 2007 حول «الأمراض النفسية في المجتمع المغربي»، فإن 16 في المائة من الشريحة التي شملها البحث والمحددة في 15 سنة وأكثر تفكر في الموت والخلاص من الحياة، سواء بالانتحار أو بالموت العادي. وقد فسر البروفيسور الموساوي هذا المعطى قائلا: «إذا اعتبرنا أن عدد ساكنة المغرب حسب آخر إحصاء رسمي هو 30 مليونا فإن النتيجة تكون هي أن 3 ملايين مغربي يريدون الموت». «ليست هناك أية إحصائيات رسمية حول الموضوع، لأن الانتحار في المغرب ما زال يدخل في خانة الطابوهات، لكن الأمر بدأ يتحول إلى ظاهرة»، التصريح أيضا للبروفيسور الموساوي. وبعملية حسابية بسيطة اعتمادا على دراسة وزارة الصحة التي ذكرت في تقريرها أن 320000 من المغاربة مصابون بالسكيزوفرينيا، ومادام أن القاعدة الطبية، حسب الموساوي، تقول إن 10 في المائة من المصابين بالفصام يموتون انتحارا، فإن 32000 مغربي ومغربية بالتالي قد يكونون انتحروا أو في طريقهم إلى الانتحار بين 2007 و2008. حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإنه في كل 40 ثانية ينتحر شخص واحد في العالم، وفي كل ثانيتين يحاول شخص الانتحار بطرق مختلفة ولأسباب مختلفة، وفي المغرب فإن أبناء المملكة يقررون الانتحار لسببين رئيسيين: الأول هو الاكتئاب، وهو السبب الرئيسي لمحاولة الانتحار والانتحار الفعلي في كل أرجاء المعمور، علما بأن نسبة المصابين بالاكتئاب، حسب دراسة وزارة الصحة، تصل إلى 26 في المائة؛ والسبب الثاني يبقى بدون منازع هو المشاكل العائلية، وخصوصا بين الآباء وأبنائهم، «مما يجعل فئة المراهقين المغاربة هي الأكثر إقداماً على الانتحار»، حسب الموساوي دائما.