قررت الحكومة منع الأطباء العاملين في القطاع العام من الاشتغال في القطاع الخاص، وأرفقت القرار بإجراءات عقابية في حق كل من ثبتت مخالفته له، سواء من الأطباء أو المصحات الخاصة. ويأتي هذا القرار، الذي كان ينبغي اتخاذه قبل مدة طويلة وحتى قبل الحكومة الحالية، في الوقت الذي أصبح فيه قطاع الصحة في بلادنا كارثة حقيقية على مستويات متعددة، وأصبح المواطنون يجأرون بالشكوى من هذا الوضع المتردي الذي تحول فيه بعض أصحاب المصحات الخاصة إلى أثرياء على حساب فقراء هذا البلد ومرضاه البسطاء. لقد كانت هذه الازدواجية المنتشرة في قطاع الصحة مصدرا للعديد من المشكلات بل المخاطر، لأن الوضع وصل لدى بعض الأطباء والمصحات إلى حد التلاعب بحياة المريض وابتزازه في أقصى لحظات ضعفه، في غياب أي إجراءات زجرية، بسبب سيطرة لوبيات معينة، ذلك أن بعض الأطباء جعلوا من المستشفيات العمومية محطة لاقتناص المرضى وتهريبهم إلى مصحات خاصة قصد ابتزازهم ومص دمائهم بدون رحمة أو شفقة، وهذه ممارسات تسيء إلى مهنة الطبيب الذي كان يسمى قديما ب«الحكيم»؛ أما اليوم، وبالنظر إلى كثرة المتطفلين وكثرة أعمال النصب والاحتيال على المرضى في هذا الميدان، فلم يعد الأمر كذلك وأصبحت لبعض المصحات الخاصة سمعة سيئة. كما أن هذه الازدواجية انعكست سلبا على أداء قطاع الصحة العمومي، لأن بعض الأطباء أو الجراحين المسؤولين عن بعض الأقسام، مثلا، يفرطون في مسؤولياتهم ويرون في أي خسارة تلحق التجهيزات الطبية ربحا لهم، لأن ذلك سيدفع المريض إلى التوجه نحو المصحات الخصوصية، بل إن الطبيب نفسه هو من يوجهه إليها. قرار وزير الصحة الوردي قرار جريء وشجاع، ولكنه في نفس الوقت دفاع عن شرف وأخلاقيات مهنة الطب المقدسة.