طغى الحديث على أداء الحكم هشام التيازي في مباراة الرجاء والوداد الرياضي في نصف نهائي كأس العرش لكرة القدم، على المباراة نفسها، وعلى أداء الفريقين، بل إنه لم يعد هناك اليوم من حديث إلا عن تداعيات أداء حكم المباراة. وإذا كان من الواضح أن الحكم هشام التيازي ارتكب أخطاء قاتلة في المباراة، ولم يعلن عن ضربة جزاء صحيحة للمهاجم ياسين الصالحي كانت تستوجب طرد الحارس نادر لمياغري، مثلما منح الفريق «الأخضر» ضربة جزاء خيالية، وهدفا من شرود، يتحمل المسؤولية فيه مساعده الأول، إلا أن اللافت للانتباه هو المنحى الذي أخذته الانتقادات التي وجهت إلى حكم المباراة. بداية يجب أن نتفق على أن المباراة هربت في الكثير من اللحظات من الحكم هشام التيازي، وخصوصا في لحظاتها الأخيرة، إذ لم تكن قراراته صائبة، وكان لها تأثير على المباراة ونتيجتها، والسؤال الذي يطرح اليوم، هو هل كان التيازي جاهزا بدنيا ونفسيا وذهنيا لإدارة مباراة من هذا الحجم، وهل من المقبول أن ينزل عليه ثقل المباراة بأكمله؟ لقد أخذت الانتقادات منحى خطيرا، وأمس خرج سعيد الناصري نائب رئيس الوداد الرياضي ليطلق تصريحات نارية ضد حكم المباراة ويتهمه بشكل صريح بأن ما قام به تم بسوء نية، وأنه متآمر على الوداد رفقة العضو أحمد غيبي رئيس لجنتي التحكيم والبرمجة، وهي اتهامات خطيرة في واقع الأمر، وتفرض على من يدلي بها أن تكون لديه جميع الأدلة ليؤكد بها صدق مزاعمه وادعاءاته، خصوصا أن الحديث عن المؤامرات أصبح وسيلة يلجأ لها العديد من المسيرين ممن «قطر بهم السقف» وباتوا يقررون في مصير الفرق ويتحكمون في رقابها، بل ويتحولون إلى «حياحة» يقيمون الدنيا ولا يقعدونها. اتهامات الناصري الخطيرة تفرض على الجامعة أن تفتح تحقيقا فيها، وأن تطالب نائب رئيس الوداد سعيد الناصري بأن يقدم جميع الأدلة التي يتوفر عليها، أو فليتحمل مسؤولية تصريحاته. اتهامات الناصري تفرض كذلك على الحكم التيازي أن يدافع عن نفسه، وتفرض أيضا على أحمد غيبي العضو الجامعي أن يخرج عن صمته في ما يتعلق ب»المؤامرة» المتهم بنسجها ضد الوداد، بل وأن يلجأ إلى القضاء إذا اقتضى الحال، فليس مقبولا أن يتم توجيه اتهامات بدون أدلة، وليس مقبولا أن يتم «تحريض» الجمهور وتهييجه، بحثا عن مصالح ضيقة. لقد أخطأ الحكم هشام التيازي فعلا، ومر بجانب المباراة، لكن الخطأ الأكبر هو رد فعل بعض المسيرين ممن لا يزنون الأمور بميزان العقل، وممن يشتتون تركيز لاعبيهم، ويفتعلون الكثير من المشاكل الهامشية، فهل ستفتح جامعة علي الفاسي الفهري هذا الملف أم أنها ستكتفي بالصمت كعادتها؟