واجه شمال شرق الولاياتالمتحدةالأمريكية ارتباكا وانقطاعا في الكهرباء لفترات طويلة، بعد أن غمرت المياه مساحات شاسعة منذ أن اجتاح الإعصار ساندي المناطق الساحلية التي شهدت ارتفاعا قياسيا في منسوب البحار ورياحا عاتية وأمطارا غزيرة، فيما قفز عدد القتلى إلى 45 شخصا على الأقل وقدرت الخسائر بحوالي 20 مليار دولار. وسيقضي ملايين السكان في مدينة نيويورك والمناطق الأخرى التي تضررت بشدة أياما بل ربما أسابيع حتى يفيقوا من أثر الإعصار ساندي الذي اعتبر بالفعل أكثر تدميرا من الإعصار «أيرين» الذي ضرب نفس المنطقة العام الماضي.. وقتل ساندي 18 شخصا في مدينة نيويورك من بين 23 قتيلا في ولاية نيويورك بينما قتل ستة في نيوجيرزي، كما حدثت وفيات في سبع ولايات أخرى. وقالت وزارة الطاقة الأمريكية إن أكثر من ثمانية ملايين منزل وشركة في عدة ولايات دون كهرباء بعد أن أسقطت الأشجار التي اقتلعها ساندي خطوط الكهرباء. وقالت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية، إن الإعصار ساندي وهو أكبر إعصار تشهده الولاياتالمتحدة من حيث المساحة التي امتدت إليها الرياح، تسبب في ارتفاع منسوب البحار نحو 4.2 أمتار وسط مانهاتن مقارنة مع الرقم القياسي السابق الذي بلغ ثلاثة أمتار خلال الإعصار دونا عام 1960. واضطرت مدينة نيويورك إلى إلغاء احتفال الهالويين الذي كان مقررا أمس، كما يهدد ساندي بتعطيل سباق الماراثون لمدينة نيويورك يوم الأحد المقبل. وانقطعت الكهرباء عن المنطقة السفلى من مانهاتن بعد أن غمرت المياه إحدى المحطات الفرعية وقررت شركة الخدمات «كونسوليديتد إديسون» إغلاق محطات أخرى كإجراء احترازي. وقال رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ: «ليس من المبالغة في شيء القول إنها مثل الصور التي شاهدناها لنهاية الحرب العالمية الثانية»، وأضاف: «المنطقة كلها سويت بالأرض. كل ما بقي من كثير من المنازل هو المداخن والأساسات». وأغلقت المستشفيات في المنطقة كلها مما اضطر المرضى إلى التوجه إلى مناطق أخرى. كما اضطر مستشفى نيويورك الجامعي إلى إجلاء أكثر من 200 مريض، من بينهم رضع على أجهزة تنفس صناعي في وحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة بعد تعطل المولدات الاحتياطية. الإعصار يطيح بالسياسة وكان الإعصار ساندي، الذي تحوّل إلى عاصفة هائلة تعد الأكبر على مدى أجيال، قد حمل إلى شاطئ نيوجيرسي رياحا بقوة رياح الأعاصير أغرقت أجزاء من شبكة مترو نيوجيرسي ومنطقة وول ستريت حي المال في مانهاتن، مما أدى إلى إغلاق أسواق المال ليومين متتاليين. وعطلت العاصفة حملات انتخابات الرئاسة الأمريكية قبل أسبوع من يوم الانتخاب، وضربت الساحل في ساعة متأخرة يوم الاثنين ثم حولت غضبها إلى الداخل واستمرت في تقدمها في اليابسة حاملة ثلوجا وأمطارا مطيحة بحملة غير مسبوقة لتشجيع التصويت المبكر، وأثارت تساؤلات بشأن مدى استعداد بعض الدوائر الانتخابية لأن تفتح أبوابها يوم التصويت في السادس من نونبر الجاري. وبعد أن تدفقت المياه في شبكة مترو الأنفاق بمدينة نيويورك يحاول السكان تسيير حياتهم بدونها حيث ستظل مغلقة عدة أيام. وتعتبر العاصفة ساندي أكبر عاصفة تشهدها البلاد على مدى أجيال وكانت تحمل رياحا بقوة رياح الإعصار حين وصلت إلى اليابسة مساء الاثنين قرب منتجع أتلانتيك سيتي للقمار في نيوجيرزي وألحقت الدمار بالمنطقة السياحية جيرزي شور. وحملت المياه السيارات المتوقفة ورفعتها إلى طريق سريع مهجور. ومع توقف الحملة الانتخابية والمنافسات الحزبية زار الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني وحاكم ولاية نيوجيرزي الجمهوري كريس كريستي المناطق التي أعلنت مناطق كوارث في الولاية. وبعد تنحية السياسة جانبا في هذه اللحظة، أشاد كريستي بالرئيس الديمقراطي نظرا للاستجابة الأولية للحكومة. وقال كريستي، وهو مؤيد متحمس لرومني، إن «استجابة الحكومة الاتحادية عظيمة. أجريت اتصالا تليفونيا مرة أخرى مع الرئيس شخصيا في منتصف ليل أمس... وكان الرئيس رائعا في هذا». وجمد أوباما ورومني حملتيهما لليوم الثاني لكن المرشح الجمهوري يعتزم استئنافها بالتوجه إلى فلوريدا، ومن المرجح أن يستأنف أوباما حملته اليوم الخميس ليقوم بخمسة أيام أخيرة ومتواصلة من الجولات وحتى يوم الاقتراع. فرصة أوباما أتاحت الأزمة فرصة لأوباما لأن يظهر قدراته الرئاسية وهو يشرف على استجابة الحكومة. ونقل مساعد لأوباما عن الرئيس الأمريكي قوله لفريق التعامل مع الكارثة الذي شكله في غرفة الأزمة بالبيت الأبيض: «أريد أن يشير الجميع إلى هذا... ولا أريد أن أسمع أننا لم نفعل شيئا لأن البيروقراطية حالت دون ذلك». وأعلن أوباما في أعقاب العاصفة حالة طوارئ اتحادية في ولايتي نيويورك ونيوجيرزي. ويواجه أوباما الذي بذل كل جهد كي يظهر أنه يسيطر على الأوضاع خطرا سياسيا إذا فشلت الحكومة الاتحادية في الاستجابة بشكل جيد لما بعد العاصفة، كما كان الحال مع سلفه الرئيس جورج بوش الذي فشل في التعامل مع الإعصار كاترينا في عام 2005 . وقال أوباما، أول أمس الثلاثاء، إن الحكومة الاتحادية ستبذل ما في وسعها لمساعدة السلطات المحلية على مواجهة الأضرار الناجمة عن الإعصار. وأضاف الرئيس الذي تحدث في مقر الهلال الأحمر الأمريكي إن العاصفة التي ضربت مناطق كثيفة السكان على الساحل الشرقي الأمريكي «لم تنته بعد» ومازالت هناك مخاطر. مضيفا أنها «مازالت تتجه شمالا.. مازالت هناك مجتمعات يمكن أن تتضرر لذلك أريد أن أؤكد أنه مازالت هناك مخاطر فيضانات ومخاطر انقطاع الكهرباء ومخاطر رياح عاتية، لذلك من المهم للغاية للناس أن يستمروا في متابعة الوضع في مجتمعاتهم المحلية والاستماع إلى ما قوله المسؤولون في الولاية والمحليات واتباع التعليمات. وكلما اتبعتم التعليمات كان من الأسهل على مسعفينا التأكد من أنهم يتعاملون مع حالة طوارئ حقيقية». الإنترنت «يقاوم» ساندي رغم تعطل عدد محدود من المواقع الإلكترونية المشهورة وبطء الاتصالات الذي حدث في البلاد من حين لآخر تجاوزت شبكة الإنترنت العاصفة ساندي بعد حدوث مشكلات بسيطة نسبيا. وصممت شبكة الإنترنت لمواجهة الصعاب كما أن تبني الحوسبة السحابية يزيد من قوتها، وقال خبراء في الانترنت إن الشبكة عملت كما كان ينبغي لها خلال فترة الإعصار وتغلبت على عمليات تعطل كبيرة في أحد مواقعها المركزية وهي مدينة نيويورك. وقال جيفري يانج، وهو متحدث باسم شبكة «أكاماي تكنولوجيز» للخوادم: «لم نعد نسمع عن شركات كبرى موفرة للمحتوى تنقطع عنها الإنترنت... يمكن أن نتغلب على المشكلات التي تحدث». وقال دوج مادوري، وهو محلل في مؤسسة رينيسيس التي تتابع مدة استجابة الإنترنت، إن نيويورك بها مركزان رئيسيان حيث تتلقى شركات الاتصالات الأمريكية الرئيسية البيانات من كابلات تحت البحر. وأغلب المواقع تستخدم مراكز بيانات تجارية بدلا من أن يكون لها خوادمها الخاصة، ومن أسباب ذلك ضمان الأمن والاستقرار في حالات الطوارئ. وتتيح الكثير من مراكز البيانات خدمات احتياطية في أماكن أخرى. وتبنت الكثير من الشركات الكبيرة والمتوسطة سياسة التخطيط لحالة الكوارث بعد هجمات 11 شتنبر 2001 للتأكد من وجود نسخ أخرى من البيانات الرئيسية في مواقع مختلفة. ولجأت الشركات الأصغر للمبدأ ذاته من خلال استخدام الحوسبة السحابية.
ساندي «تدبير إيراني سوري» وصفت «صحيفة واشنطن» بوست الأمريكية ما ورد على إحدى صفحات موقع «فيسبوك» الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بشأن وقوف سوريا وإيران وراء الإعصار «ساندي» الذي ضرب الولاياتالمتحدة بأنه «أكثر ردود الفعل تسلية». وكانت صفحة أخبار القوات المسلحة السورية على موقع «فيسبوك» قد نشرت يوم الاثنين خبرا مفاده أن «هنالك مصادر تؤكد أن الإعصار ساندي الذي يضرب أمريكا حدث بتحريض من أجهزة متطورة جداً يملكها نظام إيران المقاوم البطل وبالتنسيق مع نظامنا الممانع». كما أكدت المصادر أن هنالك خبراء من سوريا ساهموا في هذا العمل، مشيرة إلى أن «هذه عاقبة من يهاجم سوريا الأسد ويهدد أمنها». وقالت الصحيفة إن الخبر لاقى رواجا كبيرا على «فيسبوك»، واجتذب تعليقات من مستخدمي الموقع وصلت إلى أكثر من ألف تعليق، كما تم إرسال الخبر بين المستخدمين لأكثر من ألف مرة كذلك. ورغم أن بعض التعليقات أتت داعمة ومؤيدة للنظام السوري والخبر المنشور، فإن معظم التعليقات استهزأت بالخبر وطغت على التعليقات الضحكات ونعت من نشره بقصر النظر والمبالغة. وقالت الصحيفة إن النظام السوري ومن يواليه يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «فيسبوك» بشكل مكثف كوسيلة من وسائل التوجيه المعنوي لحشد الدعم لموقف ورؤية النظام السوري. كما يستخدم الموالون لنظام الأسد الإنترنت لسرقة المعلومات الشخصية للقائمين على الصفحات المناوئة لكشف هويتهم.