بين إعلان الشيخ محمد الفيزازي عن تأسيس حزب سياسي (مجرد «إعلان نوايا» حتى حدود اللحظة)، وتصويت أتباع الشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي على مرشح حزب العدالة والتنمية في آخر انتخابات تشريعية بمراكش، ورغبة أتباع سلفيين في الاشتغال تحت الأضواء الرسمية من خلال طلب ترخيص جمعية تحمل اسم «الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح» (حركة «حسام»)، وظهور تنظيم سلفي جديد في السجون المغربية، ومعه بوادر تنظيم سلفي في الخارج، يحمل اسم «تنسيقية أنصار الشريعة بالمغرب» (قبل أن يُعلن عن اعتقال «متزعم» التنظيم في نهاية الأسبوع الماضي في تطوان)، الإعلان عن تأسيس «لجنة المراجعة والإدماج»، وتدعو إلى تبني مقاربة شمولية للملف، وغيرها من المبادرات، نجد أنفسنا أمام «فورة» في العمل الإسلامي الذي ينهل من مرجعية سلفية. يوجد قاسم زمني واحد على الأقل، يجمع بين مُجمل هذه المبادرات: لقد بزغت للساحة بُعيد اندلاع أحداث «الربيع العربي»، ومعها أحداث «الربيع المغربي» الذي أفرزت، في السياق المحلي حالة «استثناء مغربي»، أفرزت حكومة يقودها حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي. على أن مُجمل هذه التطورات لا تُخول لنا الحديث عن «ربيع سلفي» مغربي، على غرار السائد في الساحة المشرقية، وخاصة في مصر وتونس، وبدرجة أقل في ليبيا، بعد إعلان حركة «أنصار الشريعة» الليبية عن تطليق الخيار الجهادي والتخلي عن الأسلحة للتفرغ للعمل الدعوي، بتأثير واضح من القيادي عبد الحكيم بلحاج. «الربيع السلفي» المغربي لا زال متواضعا، ومترددا في كشف أوراقه، لأسباب مركبة تختلط فيها بالدرجة الأولى حسابات سياسية وأمنية، وبدرجة أقل حسابات حقوقية. عدم كشف الأوراق يكرس حالة الانتظارية التي لا زالت عنوان ملف المعتقلين الإسلاميين، ويفسر أيضا حالة الجفاء الحقوقي القائم منذ أشهر بين «منتدى الكرامة» المحسوب على حزب العدالة والتنمية، وبين «اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين»، والتي تعتبر أهم جمعية حقوقية تدافع عن المعتقلين، وصاحبة التفويض الأهم والموقع عليه من طرف أغلب المعتقلين. عدم كشف الأوراق، يقف أيضا وراء انخراط بعض الفاعلين الحزبيين في عقد لقاءات مع معتقلين إسلاميين في السجون أو مع معتقلين سابقين، في إطار البحث عن مخارج عملية لمأزق المعتقلين. نقول هذا ونحن نأخذ بعين الاعتبار دلالات اللقاء الذي جمع خديجة الرويسي ونبيلة بن عمر عن حزب الأصالة والمعاصرة مع حسن الخطاب وعبد القادر بلعيرج، في منتصف يوليوز الماضي، أو لقاء جمع محمد خليدي، أمين عام حزب «النهضة والفضيلة»، مع عمر الحدوشي والحسن الكتاني في منتصف الأسبوع الماضي. عدم كشف الأوراق يقف كذلك وراء الدعوة التي وجهتها السفارة الأمريكية إلى «اللجنة المشتركة» من أجل فتح حوار حول الملف السلفي، وهي الدعوة (للمفارقة) التي قوبلت بالرفض من طرف اللجنة، ليس فقط كما رَوجت لذلك بسبب مسؤولية الإدارة الأمريكية في تغذية الاحتقان بين الأنظمة العربية والتيارات السلفية، ولكن أيضا ما دمنا نتحدث عن سياق مغربي حتى يبقى الملف داخليا دونما لجوء إلى أطراف خارجية، وواضح أن رفض أعضاء اللجنة الجلوس مع المسؤولين الأمريكيين يُعتبر حالة استثناء في المشهد الإسلامي الحركي بالمغرب، لأن حركات «الإسلام السياسي» لا ترفض عموما الجلوس إلى طاولة الحوار مع ممثلي واشنطن في المنطقة، وهذا ما كشفت عنه بالمعطيات والأدلة العديد من محطات أحداث «الربيع العربي». هذه بعض عناوين تطورات المشهد السلفي في الساحة المغربية، وهي عناوين في حاجة إلى مزيد تدقيق وتفصيل. مدير موقع إسلام مغربي