يأتي «البروكلي» (القرن بيط الأخضر) المقدم في طبق العشاء على مائدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من حديقة الخضروات الملحقة بالبيت الأبيض، ويعتبر نموذجًا يحتذى به للطعام الصحي، فيما تأمل سيدة أمريكا الأولى، ميشيل أوباما، أن تكون الحديقة، وهي عبارة عن قطعة أرض مساحتها 140 مترًا مربعًا، إحدى مصادر الغذاء المهمة. ومنذ بداية تولي زوجها منصب رئيس الولاياتالمتحدة جعلت ميشيل أوباما من الطعام الصحي «معتقدًا» لها تعمل على نشره، كما تأمل أن يغير هذا الجهد العديد من العادات في الولاياتالمتحدة، حيث يعاني واحد من كل ثلاثة أطفال من البدانة. وعندما تتغير الفصول وتتساقط أوراق الأشجار يصبح من السهل رؤية الحديقة على الجانب الجنوبي للبيت الأبيض، ومن السهل تخيل أن ما ينمو فيها يشق طريقه ليستقر في النهاية داخل طبق الطعام الذي يتناوله الرئيس الأمريكي. وانشغلت ميشل أوباما بالعمل في الحديقة بعد مرور شهرين فقط من انتقالها مع أوباما إلى البيت الأبيض. ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تكون لمنزل الرئيس الأمريكي حديقة الخضروات المناسبة الخاصة به، وستكون هذه الحديقة أكثر اتساعًا من مجرد حديقة الأعشاب التي تم إعدادها في السبعينات من القرن الماضي أثناء ولاية الرئيس جيمي كارتر أو الحديقة المصغرة التي كانت في عهد الرئيس بيل كلينتون في التسعينات من القرن الماضي. وحصلت ميشيل أوباما على مساعدة 23 من أطفال المدارس في أول أيام ربيع عام 2009 عندما أمسكت بجاروفها، وفي البداية كانت تشعر بالقلق حول ما إذا كان إعداد الحديقة يعد فكرة جيدة، كما تقول في كتابها حول الحدائق بعنوانك «زرع في أمريكا: قصة حديقة المطبخ بالبيت الأبيض والحدائق عبر أمريكا»، وهو الكتاب الذي صدر منذ بضعة أشهر. ولم تكن ميشيل متأكدة من أنه سيتم السماح لهم بزراعة حديقة على أرض ملك لهيئة المتنزهات الوطنية كما تقول في الكتاب، ولم تكن تعلم إذا ما كانت التربة خصبة في وسط العاصمة واشنطن وتستقبل أشعة شمس كافية. وبدلًا من ذلك كان أكثر ما يهدد النباتات هو الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها الحديقة أحيانًا، غير أن ميشيل استطاعت حل المشكلة عن طريق وضع طبقة من القش لحماية النباتات. وتنمو جميع أنواع النباتات المستخدمة في إعداد الأطعمة في الحديقة التي تبعد بمسافة بضعة أمتار فقط عن المكتب البيضاوي، وذلك وفقًا للموسم: ابتداء من السبانخ حتى الشمندر ومن البروكلي إلى البطاطس وأربعة أنواع من الخس والرواند. وتنتج الحديقة أكثر من 330 كيلوغرامًا من الخضراوات سنويًا، وفقًا للتقديرات الرسمية، ويقدم معظم هذا الإنتاج في البيت الأبيض ويذهب جزء منه إلى أسرة سيدة أمريكا الأولى ويستخدم جزء آخر في الأطعمة التي تقدم إلى ضيوف الدولة. ويقول سام كاس، طاهي الرئيس، في مقابلة مع محطة «سي إن إن» إنه يذهب إلى الحديقة كل مساء ليلتقط بعض الخضراوات، ويضيف أن الأطعمة التي تأتي من الحديقة ولا تستهلك في البيت الأبيض تذهب إلى جهات خيرية لتوزعها بدورها على الأشخاص الذين يكونون بحاجة إليها، وتعد الحديقة بمثابة هواية أكثر من كونها أي شيء آخر، غير أن ميشيل تريد أيضًا أن تهدف الحديقة إلى تذكير الشباب الأمريكيين بأن يتناولوا الأطعمة الصحية. وقالت ميشيل أوباما في مقابلة مع محطة «إيه بي سي» التلفزيونية، وأذيعت بعد صدور كتابها: «إنه لنوع من الحب والعاطفة بالتأكيد تشجيع الأمريكيين الصغار على تناول الغذاء الصحي ومساعدة الأسر على تبني خيارات جيدة حول كيفية تناول الطعام والاحتفاظ بالنشاط». ويواجه الأطفال الأمريكيون مرض البدانة وفقًا لدراسات وتحذيرات عديدة، وتهدف حديقة ميشيل أوباما إلى تقديم المساعدة على التخلص من هذا الوباء وبدء مناقشة حول كيف يمكن أن يكون لعادات تناول الطعام الصحية تأثير جيد على الأطفال. وأضافت ميشيل أوباما، في المقابلة التي أجرتها معها محطة «إيه بي سي»، أن «ما نعلمه هو أن ما نحتاج لأن نفعله هو إعطاء الآباء والتجمعات السكانية والأسر الأدوات والمعلومات التي يحتاجونها لتبني الخيارات المناسبة لهم»، مشيرةً إلى أنه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع. ورقة رابحة يعتبر العديد من المحللين أن شخصية ميشيل تعد سندا حقيقيا لزوجها باراك أوباما الذي يتمنى أن يعيد الأمريكيون انتخابه لفترة رئاسية جديدة، فميشيل تعد واحدة من أكثر نساء العالم نفوذا لعام 2012، حسب مجلة «فوربس» الأمريكية، وكثيراً ما تجري مقارنتها في الصحافة الأمريكية بجاكلين كينيدي، من المظهر والملبس والاتجاه العام. تبلغ ميشيل من العمر 48 سنة، وهي أول سيدة أولى أمريكية من أصول إفريقية، ويعتبرها العديد من الأمريكيين امرأة ديناميكية وخفيفة الظل، وتحظى بشعبية كبيرة في بلدها. نشأت في عائلة متواضعة من 4 أفراد، وكانت تعيش في الحي الأكثر فقراً في شيكاغو في منزل من غرفتين، واضطر والدها فريزر روبنسون، الموظف في البلدية، إلى أن يعمل طيلة حياته، رغم إصابته بمرض التصلب العصبي المتعدد، وتولت والدتها ماريان تربية الولدين. أصبحت في الأشهر الماضية أفضل مدافعة عن زوجها في محاولة لتخفيف استياء الناخبين من نتائج السياسة الاقتصادية، وإقناعهم بالتصويت مجددا للشخص الذي وضعوا كل آمالهم فيه من أجل التغيير عام 2008. ميشيل محامية وخريجة جامعة هارفارد العريقة، وأم لابنتين: ماليا وساشا، 14 و11 سنة على التوالي، وكانت شخصية أساسية في الحملة الانتخابية لإعادة ترشيح زوجها لفترة ولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية، فمنذ الربيع شاركت في نحو 80 تجمعا لجمع الأموال و24 من محطات الحملة الانتخابية لأوباما. وميشيل، التي تجنبت على الدوام المواضيع الحساسة سياسيا، بنت شعبيتها على مواضيع تتوجه مباشرة للأمريكيين، مثل حملتها لمكافحة بدانة الأطفال واعتماد نظام غذائي سليم أو لدعم عائلات قدامى المحاربين. وتقول جدتها شلبي كاونتي، عن حفيدتها وخطابها الأخير لدعم زوجها، الذي نال إعجاب كثيرين: «الأمريكية الأولى كانت رائعة، كانت مثالا لكل النساء». ميشيل والأناقة ورغم أنها تحرص على أن تظهر في كامل أناقتها، كما فعلت خلال المناظرة الرئاسية الثانية، حين ارتدت فستانا ورديا يزيد ثمنه على 3 آلاف دولار وهو من قائمة أزياء العام المقبل، أي أنه لم ينزل بعد إلى السوق، فإن سيدة أمريكا الأولى لا تجد أيّ حرج في تكرار ارتداء زي واحد في مناسبات مختلفة، كما فعلت حين كرّرت ارتداء طقم أزرق جميل من «برين» لخريف 2011، خلال المناظرة الرئاسيّة الأولى. وكانت السيّدة أوباما قد ارتدت نفس الزيّ، أثناء زيارتها مدينة لندن، في شهر ماي من العام الماضي، كما ارتدته مرة أخرى خلال زيارة رسميّة لوزارة العمل الأمريكيّة في يناير 2012. وقد عمدت أوباما إلى تغيير الإكسسوارات وتسريحة الشّعر في كلّ مرّة.