سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبابي: بنبركة هو من نظم عودة محمد الخامس من المنفى وهو كاتب خطابه بطنجة قال إنه كاتب الجزائريين يطمئنهم إلى أن المغرب لن يقبل العرض الفرنسي بترسيم الحدود المغربية-الجزائرية
حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - عندما عدت من فرنسا سنة 1955، كان المغرب على مشارف الحصول على استقلاله؛ ما الذي قدمته كمساهمة في هذا الاتجاه؟ حينها، كان المغرب قد دخل في مفاوضات مع فرنسا من أجل إعادة محمد الخامس من منفاه. وينبغي أن أذكر أن من نظم عودة محمد الخامس واستقباله هو المهدي بنبركة. وللتذكير، فحينما أبدى محمد الخامس موافقته على وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، توصل بمضمون الوثيقة عن طريق المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، اللذين كانا يدخلان بشكل سري إلى القصر مختبئين في صندوق إحدى السيارات حتى لا يتعرضا للتوقيف من قبل الفرنسيين، وبهذا اطلع محمد الخامس على مضمون الوثيقة وأبدى ترحيبه بها ودعمه لها. ثم بعد ذلك وفي نفس السنة، أي 1944، ذهب إلى طنجة وألقى خطابه التاريخي هناك. ولعلمك، فالذي أعد خطاب السلطان حينها هو المهدي بنبركة. - أنت كنت حينها لا تزال منتميا إلى الحزب الشيوعي؛ ما الذي قمتم به كشيوعيين مغاربة في سبيل استقلال المغرب وعودة السلطان الشرعي؟ عندما عدت إلى المغرب سنة 1955، بدأت ألتقي، في اجتماعات مصغرة، بكل من علي يعتة والمهدي بنبركة والهادي مسواك وأبرهام السرفاتي، بالرغم من أن بنبركة كان ينتمي إلى حزب الاستقلال. وكانت المفاوضات جارية -كما قلت- لإعادة محمد الخامس من المنفى. وبما أني كنت مطلعا على الوضع السياسي بالمغرب، فقد كنت أصارح المهدي بنبركة بما يدور في خاطري؛ إذ إنني، رغم قناعاتي الشيوعية، كنت وطنيا في ما يتعلق بالقضية المغربية. - لاحقا، تكلفت بالمفاوضات مع الجزائريين حول ترسيم الحدود.. المهدي بنبركة هو الذي طلب مني الاشتغال في ديوان أحمد رضا اكديرة الذي كان مكلفا باستكمال المفاوضات مع فرنسا حول العديد من النقط التي بقيت عالقة. وكانت أول مهمة كلفت بها هي مباشرة المفاوضات مع الجزائر حول الحدود. حينها، كانت فرنسا قد اقترحت علينا أن نسوي قضية الصحراء وديا، وعرضت علينا تندوف التي كانت جزءا من التراب المغربي وليس جزءا من الصحراء التي كانت تحت الحماية الإسبانية. وقد استمرت تيندوف مغربية إلى أن تم نفي محمد الخامس في 1954. وأستحضر هنا قصة المقاوم سعيد بونعيلات الذي كان ينقل البطيخ من سوس ليبيعه في نواحي تيندوف؛ ففي إحدى المرات من سنة 1954 وصل إلى تيندوف فلاحظ غياب العلم المغربي فوق الإدارة الفرنسية، التي كانت تضعه إلى جانب العلم الفرنسي، فما كان من بونعيلات إلا أن انتظر حلول الليل وقام بإحضار علم مغربي وصعد متسللا إلى سطح الإدارة الفرنسية وعلقه ثم أسقط العلم الفرنسي. المهم، عندما اقترحت فرنسا تسليم تيندوف إلى المغرب، صادف ذلك قيام الحكومة المؤقتة في الجزائر برئاسة فرحات عباس في 1958، فكتب إلينا هذا الأخير يطلب منا أن نترك قضية الصحراء حتى استقلال الجزائر، فكتبت إليه رسالة، بعثتها باسم الحكومة المغربية، أقول له فيها إن المغرب موافق على المقترح الجزائري ولن يقوم بترسيم الحدود المغربية-الجزائرية مع فرنسا. وقد كان ذلك خطأ كبيرا، بحيث لو رسمنا الحدود المغربية-الجزائرية وقتها مع فرنسا لكنا تجنبنا كل المشاكل التي حدثت لنا ولا تزال تحدث مع الجزائر. - بعد تعيين عبد الرحيم بوعبيد وزيرا للاقتصاد الوطني، اشتغلت في ديوانه.. قبل ذلك، عرض علي أحمد رضا اكديرة العمل مديرا لديوان رشيد مولين، الذي كان رئيس حزب الأحرار المستقلين ووزير الوظيفة العمومية. وعندما تسلم عبد الرحيم بوعبيد وزارة الاقتصاد، عرضت عليه الاشتغال معه في الديوان فقبل عرضي دون تردد، مع أنني لم أكن عضوا في حزب الاستقلال؛ كما اقترح بوعبيد أن يتم تنصيبي وزيرا للتجارة في حكومة عبد الله إبراهيم، إلا أن هذا الاقتراح سيلقى معارضة من قبل بعض الاستقلاليين الذين اشترطوا أن ألتحق بالحزب قبل استوزاري، فأخبرني عبد الرحيم بوعبيد بذلك، لكنني رفضت، وبقيت ملحقا بديوانه أقوم بعدة مهمات. - اشتغلت في ديوان بوعبيد رفقة يهودييْن مغربيين هما بوريس طوليدانو وأبراهام السرفاتي؟ كان طوليدانو مدير ديوان عبد الرحيم بوعبيد، وهو الذي أشرف على المفاوضات التي أنهت الوضع الدولي لمدينة طنجة؛ أما أبرهام السرفاتي فقد كان مديرا للمناجم ومديرا لديوان كاتب الدولة المغربي للإنتاج الصناعي والمعادن، محمد مهدي بنعبد الجليل؛ أما نحن في ديوان وزير الاقتصاد الوطني فكنا نستعين به عند الضرورة، لكنه لم يكن مكلفا بشكل رسمي بمهمة في الديوان. - هل كنت، حينها، لا تزال عضوا في الحزب الشيوعي أم كنت قد انخرطت في التحضير مع عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة للانشقاق عن حزب الاستقلال وتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية؟ حينها، كانت علاقتي بالحزب الشيوعي قد عرفت نوعا من الفتور، ولم أعد أحضر بشكل منتظم لاجتماعات المكتب السياسي إلى جانب علي يعتة وأبراهام السرفاتي والهادي مسواك وعبد الله العياشي. وأذكر مرة أني أجريت اتصالا بأحد هؤلاء، وكنت مراقبا من طرف الشرطة، فاتصل بي محمد الغزاوي، الذي كان أول مدير عام للأمن الوطني، وكان صديقا لأبي وكان يلعب معه «الكارطة» في فاس، وطلب مني الابتعاد عن الشيوعيين. بعد ذلك بمدة قصيرة، حدث الانشقاق داخل حزب الاستقلال، وأحسست بنوع من الانفراج، ولاسيما حين تأسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انبنى على أسس الاشتراكية العلمية، بعيدا عن تطرف الستالينية التي لم أعد متحمسا لها. كنا أنا وعبد الرحيم بوعبيد عندما ننهي عملنا بالوزارة، نلتقي في منزله أو منزلي لنسترسل في نقاشات عميقة حول المسار الذي ينبغي أن يسلكه الحزب الجديد.