ظل البطل العالمي والأولمبي السابق سعيد عويطة يثير الجدل، سواء وهو عداء أو وهو مدير تقني أو بعدما أصبح محللا ل«الجزيرة الرياضية». عندما نجح عويطة في الفوز بذهبية ال5000 متر في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، لم يتردد الملك الراحل الحسن الثاني في التأكيد، في خطاب رسمي له، على أن العالم يعرف المغرب بعويطة أكثر مما يعرفه بملكه. نقش عويطة اسمه في قلوب المغاربة، بل ونال لقب «الأسطورة» وهو يراكم الألقاب ويطيح بالكثير من الأرقام القياسية العالمية. في «كرسي الاعتراف»، يحكي عويطة ل«المساء» عن طفولته وعن الكيفية التي أصبح بفضلها عداء لا يشق له غبار، قبل أن يقرر الاعتزال؛ كما يحكي عن الكثير من المعارك التي خاضها فوق المضامير وخارجها، وعن علاقته بالملك الراحل الحسن الثاني وبوزراء الشباب والرياضة الذين عاصرهم، ويسرد أيضا قصة ارتباطه ب«الجزيرة الرياضية»، والكثير من الخبايا التي يكشفها لأول مرة. - هل كان الكروج يرى في نفسه بطلا؟ لقد كان متحمسا، وكان يرى أنه سيصير بطلا كبيرا، لقد كان في حاجة فقط إلى من يوجهه وينصحه، علما بأنني كنت أحضر لتداريبه، وما توقعته بالنسبة إلى هشام الكروج وقع بالفعل، فعندما غيرت تخصصه من مسافة ال5000 إلى مسافة ال1500 متر وقفت على حقيقة أن لديه القدرة على ذلك، علما بأن تخصص ال5000 متر كان صعبا وقتها، وكان هناك الكثير من العدائين الأقوياء في هذا التخصص، كما أنني كنت على وعي تام بأنه يجب تهييء الخلف الذي سيحمل المشعل، خصوصا وأن العداء الجزائري نور الدين المرسلي لم يكن ليواصل بنفس الأداء وبدأ يتراجع، علما بأن مجموعة ال1500 متر لم تكن تضم الكروج فقط، وإنما عدائين آخرين كما أسلفت، بينهم عز الدين الصديقي الذي كان قويا في هذه المسافة وصلاح الغازي وغيرهما... كما أن تهييء عداء يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل، ولذلك بدأت الاشتغال مع هذه المجموعة. - وعلاقتك اليوم بالكروج، كيف هي؟ علاقة ممتازة ورائعة، فقد التقينا مؤخرا بالملعب الأولمبي في لندن خلال منافسات الألعاب الأولمبية، واستقبلني بشكل جيد.. الكروج إنسان محترم جدا، وكنت أعرف عنه الوفاء لأصدقائه. - تحدثتَ عن جهات كانت تمارس ضغوطاتها على الكروج ليتجنب الاعتراف بفضلك عليه، من هي هذه الجهات؟ إنها جهات في الإدارة التقنية الوطنية وفي الجامعة، كانت تريد في ذلك الوقت أن تشطب على اسم عويطة وتمحيه من ذاكرة ألعاب القوى ومن ذاكرة المغاربة لو استطاعت إلى ذلك سبيلا، سواء كعداء أو كمدير تقني، بل إنها كانت تهدد العدائين وتريد الوصول بأية طريقة والركوب على الإنجازات. وهذا الأمر لم يكن يحدث في المغرب فقط، بل في العديد من البلدان، بيد أنه عندنا كان يتم بقسوة وعن طريق أمور تافهة، أنا أعرف الأشخاص المقصودين وهم يعرفونني أيضا، سامحهم الله، أقولها صادقا، خصوصا وأن منهم من أصبحوا اليوم أصدقاء لي. - العداءة نوال المتوكل بدأت معك أولى الخطوات على طريق العالمية في ألعاب القوى، ضمن أولمبياد لوس أنجلوس 1984، - كيف هي علاقتك بها؟ علاقة عادية، فلكل واحد منا التزاماته ومشاغله. - ماذا كان موقفها بعد أن توليت الإدارة التقنية الوطنية لألعاب القوى عقب أولمبياد بكين 2008؟ اتصلت بي هاتفيا وهنأتني على المنصب الجديد وتمنت لي التوفيق. - وعندما طرحت مشروعك «بطل أولمبي»، ماذا كان رد فعلها كوزيرة؟ -- لم أتحدث إليها في الموضوع، لأنني عندما طرحته كان يهم بالأساس جامعة ألعاب القوى، وإذا كان هناك من يجب أن يخاطب الوزارة ونوال المتوكل آنذاك فهو الجامعة؛ لكن الأمور لم تمض، للأسف، في الاتجاه الصحيح، وظل المشروع الذي كنت أراهن عليه حبرا على ورق، علما بأننا لو طبقنا ولو جزءا بسيطا منه لكنا اليوم نسير في الاتجاه الصحيح. - عقب أولمبياد بكين 2008، توليت الإدارة التقنية الوطنية لجامعة ألعاب القوى، متى بدأ النقاش حول إمكانية عودتك إلى شغل هذه المهمة؟ في ملتقى الرباط، حيث توصلت بدعوة من الجامعة إلى حضور منافساته، والتقى بي رئيس الجامعة عبد السلام أحيزون وفاتحني في الموضوع، لكنني لم أكن متحمسا، خصوصا وأن تغييرات كبيرة وقعت على المستويين الإداري والتقني، ولم يكن هناك استقرار، بل حتى المدير التقني، مصطفى عوشار، كان يقوم بعمل جيد، لكنه لم يكن يجد المساندة والدعم. وفي أولمبياد بكين التقيت بكمال لحلو، نائب رئيس اللجنة الأولمبية، الذي هو في الوقت نفسه صديق لي، وأقنعني بقبول المهمة، قبل أن يلتقي بي أحيزون في مطعم كوري، حيث تحدثنا عن الموضوع. كنت أعتقد، حينها، أنهم يريدون فعلا الاستفادة من خبرتي وتجربتي، وأن رئيس الجامعة سيتعامل معي بكل جدية من أجل مصلحة البلاد. ولو كنت أعرف أنهم يريدون التعاقد معي من أجل إطفاء غضب الشارع وتهدئة الأمور ما كنت لأقبل المهمة، لكن نيتي كانت صادقة ومصلحة المغرب كانت فوق كل اعتبار بالنسبة إلي. - ومتى بدأت الخلافات؟ الخلافات كانت دائما موجودة، وأعتقد أن المشكل لم يكن -على ما يبدو- مع أحيزون في البداية، فهو لا يفهم أي شيء في الرياضة، لقد بدأ مع المحيطين به، فبوجودي لم يعد بإمكانهم انتهاز الفرص للتلاعب بكثير من الأشياء، ولذلك افتعلوا مشاكل بيني وبين الرئيس، ولو عدت بالذاكرة لوجدت أن كل ما كنت أطالب به كان عين الصواب، وقد أظهرت الأيام صدقه. الخطأ الذي ارتكبه أحيزون هو أنه كان ينصت لهؤلاء، والخطأ الأكبر أنه لم تكن له القدرة على مواجهتي ليتم وضع النقاط على الحروف.