عبد الصمد الصالح شهدت الندوة الدولية للتمويل الصغير في المغرب، التي جرت أشغالها في قصر المؤتمرات في الصخيرات، خلال اليومين الماضيين، إثارة عدد من التحديات والمشاكل التي تواجه القطاع، لاسيما في ما يتعلق بتنويع الخدمات المالية لذوي الدخل المحدود والانتقال من مجرد الإقراض إلى تقديم باقة متكاملة من الخدمات الموازية. وأثار المشاركون في الندوة، التي نظمتها فدرالية جمعيات التمويلات الصغرى بالمغرب، بدعم من مركز محمد السادس لدعم التمويلات الصغرى التضامنية، إشكالية الإطار القانوني، الذي لا يسمح بالجواب عن مجموع حاجيات الخدمات المالية للمقاولين الصغار ولا يمَكّن من تعبئة موارد مالية مهمة بكلفة أقل، علما أن هناك قانونا مطروحا أمام الغرفة الأولى للبرلمان قيد الدراسة. ورغم أن القطاع تمكّن من تشغيل ما يقارب المليون شخص بشكلٍ غير مباشر، فإن المعطيات المعروضة خلال الندوة توضح أن مجمل هذه المناصب لا تلتزم بالمعايير الرسمية لمفهوم الشغل، حيث لا يستفيد أصحابها من التغطية الصحية أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وذكر رضى لمريني، عضو الفدرالية، أن نحو 12 في المائة فقط من المقاولات التي يتم إحداثها بالاعتماد على التمويلات الصغيرة تشغل ثلاثة أشخاص فأكثر، حيث يكتفي المقترِض بمشروع للتشغيل الذاتي في ثلثي الحالات. وذهب لمريني إلى حد الاعتراف بأنّ جمعيات القروض الصغرى تقدّم بدائل بسيطة للفقراء، بدل أن يتوجهوا للاحتجاج وإثارة الشغب والضجيج، على حد قوله. وخلال الحديث عن التحول المقترح لجمعيات التمويلات الصغيرة إلى شركات مجهولة الاسم وفق القانون الموضوع أمام البرلمان، لم يتمكن مسؤولو الفدرالية من تقديم الضمانات التي تحُول دون احتمال ابتعاد نشاطهم المالي عن الصبغة التضامنية التي أنشئ من أجلها، كما ظل السؤال حول مُتلقي القروض وشروط تقديمها مفتوحا، حيث اعتبر بعض المشاركين أن الانتقاء ينفي صفة «التضامنية» وخدمة الفئات الأكثر احتياجا، بينما يؤدي فتح المجال أمام جميع الفئات إلى احتمال أكبر للخسارة. واستبعد طارق السجلماسي، رئيس الفدرالية، في تصريح ل»المساء» على هامش المؤتمر، أن يؤثر اعتماد التمويلات الإسلامية في المغرب في السنة المالية المقبلة على نشاط جمعيات التمويل الصغرى، وأكد أن الفدرالية بصدد دراسة مقترح لتقديم تمويلات تتوافق والشريعة الإسلامية لاستقطاب بعض الفئات التي تمتنع، لأسباب دينية، عن الاقتراض، نافيا علمه بوجود عوائق قانونية تحول دون تقديم مؤسسات التمويلَ الأصغر لهذه المنتجات. ويشغل قطاع التمويلات الصغيرة في المغرب 6000 شخص بشكل مباشر وقدّم، منذ انطلاقه سنة 1999، نحو 40 مليار درهم من القروض، استفاد منها ما يقارب 4.5 ملايين شخص، 55 في المائة منهم نساء. ويُشكّل قطاع الصناعة التقليدية نحو 40 في المائة من حجم القروض المُقدَّمة. وتستهدف الإستراتيجية الوطنية للقطاع، التي جرى عرضها خلال أشغال المؤتمر، توفير 3 ملايين منصب شغل قار في العقد المقبل ومضاعفة المبالغ الجارية 5 مرات، لتصل إلى 25 مليار درهم.