كشفت هيئة دفاع الطلبة المعتقلين في القنيطرة، في الجلسة التي عقدتها أول أمس، الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة الاستئناف في المدينة نفسها، أن ملف هذه القضية شابته خروقات واختلالات فظيعة تتطلب بطلان المتابعة، مطالِبة في الوقت نفسه بتحريك مسطرة الملاحقة القضائية ضد ممارسي التعذيب في حق موكليهم لانتزاع اعترافات قسرية منهم. وفجّر محامو المتابعين في هذه الجلسة، التي عرفت حضورا مكثفا لطلبة جامعة ابن طفيل، ما وصفوه بالفضيحة المسطرية التي ارتكبها وكيل الملك في المحكمة الابتدائية للقنيطرة، عندما مارس اختصاصا غيرَ موكول إليه، حيث أحال ملفّ الطلبة على الوكيل العام للملك، رغم أن القانون لا يمنحه هذه الصلاحية، حسب قولهم. وأوضح الدفاع، خلال تقديمه الدفوعات الشكلية، أنه كان على وكيل الملك رفع يده عن هذا الملف بمجرد إشعاره بأن الوقائع تكتسي طابعا جنائيا، عوض استمراره في الإشراف على البحث التمهيدي وأمره بتمديد فترة الحراسة النظرية ومباشرة استنطاقه المتهمين، مطالبا في الوقت نفسه بترتيب الآثار القانونية المترتبة عن هذا الخرق. واعتبر هيئة الدفاع محاضر الضابطة القضائية باطلة، «طالما أن الاعترافات المنسوبة إلى المتهمين انتُزعت منهم تحت التعذيب»، مستدلة على ذلك بالوضعية الصحية التي كان يعاني منها الأظناء أثناء مثولهم أمام قاضي التحقيق، الذي وافق آنذاك على ملتمس إخضاع المصابين لخبرة طبية أثبتت تعرضهم للعنف، إلا أن تلاعبا وقع في تحديد أسبابه، حسب تعبيرهم. وأسهب النقباء عبد الرحمان بنعمرو ومحمد أقديم وخالد السفياني، إضافة إلى محامين من هيأة القنيطرة، خلال هذه الجلسة، التي امتدت إلى أزيد من 8 ساعات، في سرد مجمل الخروقات الشكلية التي اعترت متابعة الطلبة ذوي التوجه اليساري وأدانوا، بشدة، «استعمال المحققين شتى أنواع العنف لإرغام الطلبة الموقوفين على إمضاء محاضر تتضمن تصريحات ملفّقة وغير صحيحة»، معتبرين أن وقائع هذا الملف لا يمكنها إطلاقا إثبات حالة التلبس، وطالبوا بمحاكمة الأظناء في حالة سراح. وبعد المداولة، قرر القاضي عبد الواحد الراوي، رئيس هيئة الحكم، ضمّ جميع الدفوعات الشكلية للبت فيها ما بعد مناقشة الموضوع، كما تقرر تأجيل مرافعات دفاع المتهمين إلى جلسة الرابع والعشرين من الشهر الجاري، بعدما تم استنطاق جميع الأظناء والاستماع إلى إفادات الشهود في هذا الملف. وكان دفاع المعتقلين، قبل انطلاق المحاكمة، قد احتجوا بشدة على إقدام رجال الأمن، الذين كانوا منتشرين بأعداد كبيرة في محيط المحكمة، على منع عشرات الطلبة من دخول قاعة جلسة المحاكمة، وقالوا إن هذا القرار يعدّ تطاولا على السلطة القضائية ويمس في العمق مبدأ علانية الجلسات ويُقوّض مجريات سير المحاكمة العادلة، مؤكدين أن الجلسة علنية ولا يحق لأي جهة، حسبهم، أن تصادر حقّ أيٍّ كان الحضور إليها تحت أي مبرر، دون الاستناد إلى قرار قضائيّ يوضح حيثيات اتخاذه.