بسبب عدم تحقيق تقدم بارز في النزاعات التي تدور رحاها في العديد من مناطق العالم تبدو جائزة نوبل للسلام لهذا العام، التي ستمنح يوم غد الجمعة في أوسلو، مفتوحة على كل الاحتمالات، حيث تتجه الأنظار نحو مجال حماية الحريات في أوروبا الشرقية أو الربيع العربي. وتتنوع الخيارات من باحث في العمل المناهض للعنف وناشطين روس أو من بيلاروسيا في مجال حقوق الإنسان، لكن دون ظهور مرشح يعتبر الأوفر حظا في نيل الجائزة. وقال يان إيغلاند، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في أوروبا، إن «الربيع العربي أو بالأحرى الخريف العربي لا يزال يهيمن على الأحداث. والجديد في الأمر هو أنه كان يحمل الأمل حين منحنا الجائزة السنة الماضية لكنه اليوم يشكل مصدر استياء». وفي عام 2011 منحت جائزة نوبل للسلام، كتحية لحركة الاحتجاج في العالم العربي، لليمنية توكل كرمان إلى جانب ليبيريتين اثنتين، هما الرئيسة إيلين جونسون سيرليف وليما غبويي. لكن هذه الحركة شهدت منذ ذلك الحين الكثير من خيبات الأمل مع مواجهات بين ميليشيات في ليبيا ونزاع دموي مستمر في سوريا ومخاوف على حقوق الإنسان في مصر وتونس. وقال إيغلاند: «يمكن مع ذلك تكريم هؤلاء الذين يناضلون من أجل تغيير ديمقراطي سلمي في الشرق الأوسط (...) أو الذين يعملون من أجل الحوار بين الأديان في فترة نشهد فيها استقطابا خطيرا جدا». لكن مع وجود 231 مرشحا لا تكشف هوياتهم عادة، فإن القيام بتوقعات يعتبر أمرا غير مضمون. مرشحون ولكن! يرى كريستيان برغ هاربفيكن، مدير معهد الأبحاث حول السلام في أوسلو، أن لجنة نوبل النرويجية يمكن أن تكرم الأمريكي جين شارب «الذي يعتبر على الأرجح أهم محلل في أساليب المقاومة بدون عنف». وكتابه حول الحراك السلمي، الذي كان مصدر وحي في حركات احتجاج من ساحة تيان إنمين في بكين إلى ميدان التحرير في القاهرة، لا يزال يحقق رواجا كبيرا. ومن الأسماء المتداولة أيضا الناشطة الأفغانية في مجال حقوق الإنسان سيما سمار والقبطية التي تساعد المحرومين في مصر ماغي جبران الملقبة ب»الأم تيريزا» المصرية. إلا أن إسلي سفين، المؤرخ في نوبل، اعتبر أن «منح جائزة السلام لقبطية الآن يعني صب الزيت على النار»، في إشارة إلى أعمال العنف التي خلفها فيلم «براءة المسلمين» المسيء للإسلام الذي أنتجه قبطي في الولاياتالمتحدة. وأضاف أن لجنة نوبل يمكن أن تكرم المدافع البيلاروسي عن حقوق الإنسان إليس بيلياتسكي، المسجون بعد محاكمة اعتبرها الاتحاد الأوروبي «سياسية»، أو الروسية ليودميلا إلكسيفا، رئيسة منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات. وشهدت روسيا وبيلاروسيا اللتان تقيمان علاقات وثيقة، في الأشهر الماضية، انتخابات أتاحت تعزيز سلطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو وعودة فلاديمير بوتين إلى السلطة. وقال هاربفيكن إنه في روسيا، حيث تتعرض الحريات لضغوط، هناك مرشحون آخرون مثل منظمة «ميموريال» غير الحكومية وإحدى شخصياتها الأساسية سفيتلانا غانوشكينا أو حتى إذاعة «صدى موسكو» ورئيس تحريرها ألسكي فينديكتوف. لكن البعض يشككون في قدرة رئيس لجنة نوبل، ثوربيون ياغلاند، على تحدي دولة سيكون عليه التعايش معها بصفته أمينا عاما لمجلس أوروبا. ويجري تداول أسماء أخرى في أوسلو مثل المستشار الألماني السابق هلموت كول، مهندس الوحدة الأوروبية المهددة، والكوبيين أوسكار إيلياس بيسكي ويواني سانشيز أو الأسقف المكسيكي خوسيه راوول فيرا لوبيز ومسؤولين دينيين نيجيريين ومنفذي الإصلاحات في بورما. وستكشف هوية الفائز بجائزة نوبل أو الفائزين يوم غد الجمعة عند الساعة التاسعة بتوقيت غرينيتش. والجائزة هي دبلوم وميدالية وشيك بقيمة 930 ألف يورو، وتسلم في 10 دجنبر المقبل. نوبل.. وقائع وأرقام من هو الأكبر سنا بين الفائزين بجائزة نوبل أو أصغرهم؟ وكم هو عدد النساء الفائزات؟ في ما يلي بعض الردود على هذه الأسئلة حسب مؤسسة نوبل: رقم قياسي لجائزة نوبل: سجل عام 2011 رقما قياسيا في عدد المرشحين لجائزة نوبل للسلام مع 241 مرشحا، ومن بين الأسماء هناك 53 منظمة. وباستثناء الفائزين، لن يتم الكشف عن هذه الأسماء إلا بعد خمسين عاما. رفض تسلم الجائزة: رفض فائزان تسلم جائزتيهما وهما الفرنسي جان بول سارتر، الذي رفض تسلم جائزة نوبل للآداب سنة 1964، ورئيس الحكومة الفيتنامي لو دوك تو الذي رفض تقاسم جائزة نوبل للسلام في عام 1973 مع وزير الخارجية الأميركية هنري كيسينجر. من جهة أخرى منع أدولف هتلر ثلاثة فائزين ألمان من تسلم جوائزهم وهم ريتشارد كوهن (كيمياء 1938) وأدولف بوتينانت (كيمياء 1939) وغيرهارد دوماك (طب 1939). كما أن الحكومة السوفياتية أجبرت بوريس باسترناك على رفض جائزة نوبل للآداب سنة 1958. جائزة نوبل لسجناء: ثلاثة فائزين بجوائز نوبل كانوا في السجن لحظة إعلان فوزهم، وهم المناضل من أجل السلام والصحافي الألماني كارل فون أوسييتزكي (1935) والمعارضة البورمية أونع سان سو تشي (1991) والمنشق الصيني ليو شياوبو (2010). وقد توجهت أونغ سان سو تشي في يونيو 2012 إلى أوسلو، حيث تمكنت أخيرا من إلقاء خطاب قبولها الجائزة بعد أكثر من عشرين عاما على منحها إياها. جائزة نوبل للأكبر سنا: تعتبر الايطالية ريتا ليفي مونتالتشيني الحائزة لجائزة نوبل للطب سنة 1986 الفائزة الأكبر سنا (103 عاما) والمعمرة الوحيدة التي لا تزال على قيد الحياة، وقد كرمت لاكتشافاتها المتعلقة بعوامل النمو. وفي سن التسعين، كان الأمريكي من أصل روسي ليونيد هورويكس الحائز لجائزة نوبل للاقتصاد سنة 2007 الفائز الأكبر سنا عند تسليم جوائز نوبل، وقد توفي في يونيو 2008 أي بعد أشهر قليلة من تسلمه جائزته. وفي السنة نفسها، نالت الأديبة البريطانية دوريس ليسينغ جائزة نوبل للآداب في سن سبعة وثمانين عاما. أصغر فائز بجائزة نوبل: البريطاني لورنس براغ هو أصغر فائز بجائزة نوبل، فقد تقاسم في سن ال25 جائزة نوبل للفيزياء سنة 1915 مع والده وليام. نوبل في العائلة الواحدة: تتمتع عائلة كوري الفرنسية بتاريخ حافل في الحصول على جوائز نوبل. فسنة 1903 حاز الثنائي بيار وماري كوري جائزة نوبل للفيزياء، وسنة 1911 حازت ماري كوري، وهي المرأة الأولى التي تفوز بجائزة نوبل، جائزة جديدة في مجال آخر هو الكيمياء، فأصبحت المرأة الوحيدة التي تتسلم جائزتين. وسنة 1935 فازت ابنتها إيرين جوليو كوري وزوجها فريديريك جوليو بجائزة نوبل للكيمياء. وتزوجت شقيقة إيرين الصغرى إيف كوري من هنري ريتشاردسون لابويس الذي استلم سنة 1965، بصفته مدير اليونيسف جائزة نوبل للسلام، باسم هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة. جائزة نوبل والمرأة: 44 امرأة، بينهن ماري كوري الفائزة مرتين، من أصل 786 رجلا، فزن بجوائز نوبل منذ إطلاقها سنة 1901. ولم تفز امرأة بجائزة نوبل للاقتصاد قبل عام 2009 عندما نالت الأمريكية إيلينور أوستروم هذه الجائزة. أما جائزة نوبل للفيزياء فمنحت لامرأتين فقط مقابل 188 رجلا، فيما لم تفز أية امرأة بهذه الجائزة منذ 1963. لغات جائزة نوبل: احتلت اللغة الانجليزية المرتبة الأولى في لائحة اللغات المعتمدة في الأعمال الأدبية الحائزة لجائزة نوبل للآداب مع 26 جائزة، تبعتها الفرنسية والألمانية (13) والإسبانية (11) والسويدية (7) والإيطالية (6) والروسية (5) والبولندية (4) والنرويجية والدانماركية (3) واليونانية واليابانية (2)، أما العربية والصينية، ضمن لغات أخرى، فهما ممثلتان بفائز واحد لكل منهما.