أثارت النتائج التي حقّقها الوفد الرياضي المدرسي المغربي، إثر مشاركته في دورة الألعاب الرياضية العربية ال19 التي أقيمت مؤخرا بالعاصمة الكويتية، موضوع واقع وإكراهات الرياضة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية والتحدي الذي تعرفه هذه الرياضة من طرف الأطر التربوية والإدارية والتلاميذ، بسبب ضعف البنيات التحتية للملاعب الرياضة داخل المؤسسات التعليمية العمومية وانعدامها داخل معظم المؤسسات الخصوصية.. وهي نتائج اعتُبرت إيجابية بالنظر إلى واقع حال التربية البدنية في بلادنا. فقد حلّ المغرب ثالثا في دورة الألعاب الرياضية العربية ال19، التي نظمت في دولة الكويت، برصيد 44 ميدالية (11 ذهبية و18 فضية و15 نحاسية) بعد مشاركة 63 تلميذا وتلميذة. وتصدرت الجزائر، التي شاركت بوفد من 186 شخصا، الدورة ب69 ميدالية، ضمنها 23 ذهبية، تلتها الكويت، الدولة المنظمة، ب47 ميدالية، ضمنها 20 ذهبية، وبمشاركة وفد من 249 شخصا. واحتل المغرب في هذه التظاهرة التي نظمت في الفترة ما بين 5 و15 شتنبر الأخير، تحت إشراف الاتحاد العربي للتربية البدنية والرياضة المدرسية، الذي يرأسه المغرب، في شخص وزير للتربية الوطنية. واحتل المغاربة الرتبة الأولى في رياضة ألعاب القوى، بمجموع 30 ميدالية (11 ذهبية و13 فضية و6 نحاسيات). كما تألق المغاربة في رياضة السباحة، علما أن كل المؤسسات العمومية والخصوصية لا تتوفر على مسابح.. وإذا اعتبرت النتائج على أنها ثمرة عمل أطر مختلفة داخل مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية والجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، فإن جملة من الأسئلة طرحها الآباء والأمهات حول واقع الرياضة المدرسية في بلادنا، شملت مدى اهتمام الوزارة بالرياضة وما سخّرته من بنية وعتاد ووقت لتعليمها ولفرز النجوم الرياضيين داخل مؤسساتها التعليمية، ولماذا يستمر صمتها إزاء انعدام المرافق الرياضة داخل معظم المؤسسات الخصوصية؟.. ولماذا لم تشهر البطاقة الحمراء في وجه الشواهد الطبية التي تُمنح للأصحاء من التلاميذ لإعفائهم من مزاولتها، علما أن بعضهم يمارسون الرياضة خارج تلك المؤسسات التعليمية. وأكد مسؤولون في قطاع التربية الوطنية أن الوزارة الوصية تتوفر على أطر رياضية ذات كفاءات عالية وسلوكات مهنية تمكّنها من الارتقاء بالرياضة إلى مستوى الاحتراف، مشيرا إلى أن الجامعة الوصية تستفيد من بعض هاذ الكفاءات في التدريب والتأطير والتحكيم، لكن في ظل افتقار المؤسسات التعليمية إلى الفضاءات الرياضية اللازمة والعتاد الكافي وفي ظل تخصيص حصص تدريس مناسبة لمزاولة الرياضة موازاة مع باقي حصص التدريس، تظل هذه الأطر معطلة، ويتعرض بعضها إلى الإحباط وتفقد تدريجيا من كفاءاتها المفروض صقلها وتطويرها بالعمل الميدانيّ والمستمر.. وأكدوا أن الأطر المغربية (مدرسي ومفتشي التربية البدنية).. بإمكانهم رفع مستوى المغرب في كل الرياضات والتمهيد لإنتاج «نجوم» في الرياضة، موضحين أن بلدانا مثل مصر والجزائر وتونس سائرون في المسار التنموي للرياضة المدرسية، وأن ما يحدّ من سرعة تألقهم هو افتقارهم إلى لأطر الرياضية ذات الكفاءات العالية مثل المغرب. وطالب هؤلاء المسؤولون بعقد شراكات قوية وواضحة بين وزارتي التربية الوطنية والشباب والرياضة من أجل دعن الرياضة. كما طالبوا بتوفير الصحة المدرسية، التي هي أساس الرياضة، مشيرين إلى أن البرنامج الصحي المدرسي غير مفعَّل وإلى أن الدفتر الصحي للتلميذ يظل فارغا طيلة مساره التعليمي، وهو وثيقة تمكّن أساتذة التربية البدنية من معرفة صحة التلاميذ قبل إقحامهم في ممارسة بعض أنواع الرياضات التي يبرزون فيها مواهبهم. وأكدوا أن الرياضة تعتبر ضرورية لصحة أطفالهم وضبط سلوكاتهم ومساعدتهم على الدراسة، قبل أن تكون مسلكا لإنتاج النجوم والأبطال. وسبق لمحمد فريد ددوشي، مدير مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية في وزارة التربية الوطنية، أن صرّح، في حوار مع «المساء»، في فبراير الماضي، أن هناك مجموعة من الإكراهات التاريخية والموضوعية تحد، بشكل نسبيّ، من تحقيق الأهداف المرجوة من برنامج الوزارة في مجال التربية البدنية والرياضية، تتمثل في غياب مراكز وطنية وجهوية لتدريب وإعداد المنتخبات الوطنية المدرسية وعدم تعميم تخصيص حصص لأنشطة الجمعية الرياضية المدرسية في التعليم الابتدائي وضعف مراقبة حصص الجمعية الرياضية المدرسية من طرف بعض المديرين والمفتشين وعدم تعميم تفعيل هياكل فروع الجامعة والجمعيات الرياضية المدرسية في بعض الجهات، وعدم تعميم إحداث الجمعيات الرياضية المدرسية، خاصة في التعليم الابتدائي والخاص، إضافة إلى ضعف الاشتراكات الخاصة في التعليم الابتدائيّ، خصوصا بالعالم القروي. كما أن هناك إكراهات تتعلق بالتربية البدنية، تتمثل في التأخير الحاصل في تعميم التربية البدنية والرياضة المدرسية في المؤسسات الابتدائية، وأحيانا عدم احترام الحيّز الزمني الأسبوعي المخصص للأنشطة الرياضية في المؤسسات التعليمية من طرف بعض مديري المؤسسات التعليمية، رغم صدور المذكرة الوزارية رقم 119 بتاريخ 26 -09 -2003، وضعف التجهيزات الضرورية والملائمة، حيث لم تعد -في بعض الأحيان- تناسب مستوى تطور الممارسة، سواء على مستوى الكم أو الكيف، إضافة إلى ضعف تأهيل أساتذة التعليم الابتدائي لتدريس المادة، وضعف تأهيل المنشآت الرياضية في مؤسسات التعليم الثانوي وضعف المنشآت الرياضية في ثانويات الرياضيين الإعدادية والتأهيلية والثانويات المحتضنة لأقسام تخصص «رياضة وتربية بدنية»، أضف إلى ذلك الخصاص الحاصل في أطر التدريس والمراقبة التربوية في مجال التربية البدنية والرياضية وضعف البنية التحتية المُؤهَّلة للجمع بين الدراسة والرياضة. كما أشار ددوشي إلى مؤسسات التعليم الخصوصي من عدة إكراهات تخصّ مجال التربية البدنية والرياضة المدرسية، ذكر منها غياب البنية التحتية الرياضية المناسبة وعدم توفر هذه المؤسسات على أطر تربوية متخصصة في هذا المجال.