وجه اقتصاديون مغاربة انتقادات واسعة للفرضيات التي بني عليها قانون مالية 2013، معتبرين أنها «غير واقعية» وستضع المغرب أمام مأزق آخر في حالة استمرار ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية أو حدوث اضطرابات سياسية ذات تأثير على الاقتصاد العالمي. ووصف الاقتصادي حماد قسال، في تصريح ل»المساء» الأرقام التي قدمها نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية حول قانون المالية بأنها غير واقعية، إذ أن كل المؤشرات تؤكد أن أسعار النفط مرشحة لتتجاوز 110 دولارات للبرميل، كما أن نسبة العجز في الموازنة، التي قال الوزير إنها ستستقر في حدود 4.8 في المائة، لا يمكن أن تتحقق بالنظر إلى ارتباط النفقات في جزء كبير منها بالفاتورة النفطية وفاتورة الاستيراد عموما. وأكد قسال أن نسبة النمو المتوقعة في 2013، والتي يرى وزير المالية أنها ستصل إلى 4.5 في المائة، تبقى صعبة المنال، وذلك بالنظر إلى ارتباط النمو الاقتصادي في المغرب بمجموعة من العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومة، أهمها وضعية الشركاء التجاريين، وكذا الأمطار والاستثمارات الخارجية والسياحة، موضحا أن المؤسسات الدولية تتوقع أن لا تتجاوز نسبة النمو العالمي 2.5 في المائة، وهو الشيء الذي سيكون له تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني الذي لن يشذ عن القاعدة، بالإضافة إلى أن الاستثمارات الخارجية مرشحة إلى مزيد من التراجع نتيجة الأزمة التي تضرب حاليا إسبانيا وفرنسا، ناهيك عن استمرار تفاقم الأزمة التي يعرفها القطاع السياحي بالمغرب. وقال حماد قسال إن الحكومة مطالبة بالبحث عن حلول جذرية لبنية الاقتصاد الوطني تبتعد شيئا ما عن دعم الاستهلاك الداخلي فقط، وعدم استنساخ تجارب الحكومات السابقة في إعداد قوانين المالية بناء على فرضيات مشكوك في صحتها، مشيرا إلى أنه آن الوقت للتركيز على الاستثمار الداخلي ودعم الأسواق الداخلية والمنتوجات المحلية التي تعتبر الكفيلة بخلق نواة اقتصاد مغربي جديد يتميز بالتنوع والقوة. بالمقابل، اعتبر الأستاذ المبرز في الاقتصاد عبد الصمد ديبي، أن ضعف الموارد المالية للدولة يضعف مستوى تحركات الدولة في البحث عن حلول للأزمة الاقتصادية، خاصة أن الحكومة لم تستطع محاربة الفساد، كما لم تنخرط في إصلاح ضريبي شامل يمكن أن يوفر لها موارد مالية إضافية، خاصة من خلال محاربة التهرب الضريبي. وأضاف ديبي أن هذا الوضع فرض على وزير الاقتصاد والمالية وضع مشروع قانون مالية بشكل يطمئن الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات الدولية، وهو ما يفسر بعض الأرقام والمعطيات غير المنطقية التي تضمنها المشروع. وتعتزم الحكومة، حسب نزار بركة، اعتماد مقاربة تدبيرية ترتكز على النتائج في إطار مشروع القانون المالي لسنة 2013، الذي يتمحور حول ثلاثة أهداف رئيسية تتعلق بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية وتحسين الحكامة مع الحرص على إعادة التوازنات الماكرو- مالية. وأوضح بركة أن «الأمر يتعلق أولا ببلوغ معدل نمو يصل إلى 4.5 في المائة، عبر الحفاظ على مستوى استثمار الدولة٬ باعتماد مقاربة جديدة تروم بالأساس تحسين مردودية الاستثمارات القائمة، والتوفر بالتالي على أفضل مضمون بخصوص هذه الاستثمارات من أجل تثمين أفضل للنتائج المنجزة». وأشار بركة إلى أن « الهدف الثاني٬ يهم التخفيض من عجز الميزانية إلى 4.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام بغرض الوصول إلى معدل من العجز يصل إلى 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2016، من خلال تحسين الوسائل الكفيلة بضمان ترشيد ونجاعة النفقات العمومية». وسجل في هذا الإطار بأن «الحفاظ على الأصول الخارجية طيلة أربعة أشهر من واردات السلع والخدمات، يمثل هدفا ذا أولوية في المشروع الجديد للمالية الذي حرص على إدماج عدد من التدابير».