محمد الرسمي يجمع المراقبون على أن الحصيلة التشريعية للولاية الأولى لمجلس النواب المنبثق عن انتخابات 25 نونبر 2011 لم ترق إلى المستوى المطلوب، خاصة مع الترسانة الكبيرة للقوانين التي كان من المفترض المصادقة عليها، والتي نص عليها الدستور الجديد للمملكة، خاصة القوانين التنظيمية لمجموعة من الهيئات التي نص عليها هذا الدستور، مثل هيئة المناصفة والمجلس الأعلى للشباب، إضافة إلى القانون التنظيمي للجهوية، وهو التعطيل الذي تتحمل مسؤوليته كل من الحكومة والمعارضة على حد سواء. ومن بين المستجدات التي جاءت بها انتخابات 25 نونبر 2011 إعادة تشكيل ملامح المعارضة البرلمانية، من خلال دفع حزب الاتحاد الاشتراكي، أحد أقطاب الكتلة الديمقراطية التي كانت تشكل الحكومة خلال الفترة الماضية، إلى الخروج نحو المعارضة، وهو المطلب الذي كان يرفعه مناضلو الحزب منذ ما سمي ب«الخروج عن المنهجية الديمقراطية» سنة 2002، من خلال تعيين إدريس جطو وزيرا أول، بدل تعيينه من حزب الاتحاد الاشتراكي الذي احتل المركز الأول في الانتخابات التشريعية لتلك السنة. وإذا كان الدستور يمنح فرق المعارضة سلطة اقتراح مشاريع القوانين، فيمكن اعتبار أن الفريق الاشتراكي كان من أنشط فرق المعارضة خلال الولاية التشريعية السابقة، من خلال العمل الذي قام به في تحيين مجموعة من مقترحات القوانين، التي سبق له أن تقدم بها، إضافة إلى اقتراح مجموعة من مقترحات قوانين، وعلى رأسها المقترح القاضي بإعفاء سكان مدن الصفيح من الرسوم على البناء، وهو المقترح الذي تفاعلت معه الحكومة، رغم أنه جاء في الفترة الفاصلة ما بين ولايتين تشريعيتين. وإلى جانب حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يبدو أنه لا زال محتاجا إلى بعض الوقت لاستعادة حيويته في موقع المعارضة، يبرز حزب الأصالة والمعاصرة، كثاني فريق من حيث العدد في فرق المعارضة بمجلس النواب، وهو الحزب الذي طالما اتهم بكونه «حزب القصر»، رغم أنه اختار التموقع في المعارضة الحكومة السابقة في منتصف الولاية التشريعية السابقة، مما فرض إجراء تعديل حكومي في منتصف ولايتها، إلا أن أداءه لم يرق إلى المستوى، حسب الكثير من المحللين، لتعتبر تلك الفترة بمثابة مرحلة تسخينية لحزب تجمع فيه بالأساس أعيان يبحثون لهم عن موطئ قدم في حقل السياسة. وفي ظل غياب التنسيق بين مختلف فرق المعارضة داخل مجلس النواب، إضافة إلى الحضور الطاغي لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خاصة خلال الجلسات الشهرية التي أقرها الدستور الجديد، والتي تفرض على رئيس الحكومة الحضور إلى البرلمان مرة واحدة كل شهر، بقيت فرق المعارضة بعيدة عن لعب دورها المفروض أن تقوم به في مراقبة العمل الحكومي واقتراح بدائل للسياسات الحكومية. وعن سبب غياب التنسيق بين مختلف فرق المعارضة في مجلس النواب، أكد أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي بالمجلس، أن «التنسيق بين الفرق البرلمانية هو قرار سياسي يتخذ على مستوى القيادات الحزبية، وليس على مستوى الفرق، إلا أننا قد نلتقي مع بعضنا في بعض مقترحات القوانين، حيث يفرض التنسيق نفسه علينا، عبر الحوار والنقاش حول تلك المقترحات». وإذا كانت الحكومة قد أعلنت عبر وزيرها المكلف بالعلاقات مع البرلمان عن تسطير أجندة تشريعية للدخول البرلماني المقبل، فإن فرق المعارضة سوف تظل تراقب الأوضاع من موقع المتفرج، في انتظار الجلسة الافتتاحية للدورة الخريفية للسنة التشريعية الجديدة، من أجل العودة إلى العمل تحت قبة المجلس، في انتظار تحسن المردود التشريعي لهذه الفرق.