مرتيل: تجديد المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    تشديد المراقبة بمحيط سبتة ينقل المهاجرين إلى طنجة    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45 ألفا و484 شهيدا منذ بدء الحرب    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    هذا ما قضت به محكمة عين السبع في حق محمد أوزال    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    مدرب الوداد: بالنسبة للمغرب الفاسي كل مباراة ضدنا بمثابة نهائي الكأس    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    فئات هشة تتسلم مساعدات بالرحامنة    ‪توقيف 394 مرشحا للهجرة في كلميم‬    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    الجيش الإسرائيلي يحتجز مدير وطاقم مستشفى كمال عدوان    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    تقرير للفيفا يشيد بإنجازات الكرة المغربية في 2024    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    سطاد المغربي يهدد صدارة رجاء بني ملال    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    التحقيق في فاجعة تحطم الطائرة الأذربيجانية يشير إلى "تدخل خارجي"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن قائمة أفضل الهدافين    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    النفقة و"تقاسم الثروة" و"إيقاف السكن" .. تصحيح مغالطات حول مدونة الأسرة    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العسولي: جلالة الملك هو سندنا
قالت ل« المساء » إن رابطتها تعمل دون سند حكومي وإن الفاعلين السياسيين لم يكونوا في مستوى التطلعات
نشر في المساء يوم 28 - 09 - 2012

قالت فوزية العسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، إن المطالب التي تتبناها منظمتها لم تنبن على العبث،
بل كانت نتاج عمل ميداني مع شرائح متعددة من النساء المغربيات من مختلف المناطق، والمدعم بدراسات من قبل خبراء في هذا الميدان، الشيء الذي جعل المنظمة تعد ملفا متكاملا يحمل في طياته مؤشرات ومطالب محددة اعتبرتها قابلة للتحقيق، وليست بالمستحيلة، بل تتطلب فقط إرادة سياسية قوية لدى الفاعلين، وأساسا الحكوميين. وطالبت العسولي، في هذا الحوار، بأن يكون تعامل الحكومة مبنيا على دراسات علمية وواقعية هدفها رفع الظلم والحيف والتمييز على أساس الجنس والوصول للمساواة في الحقوق بين كل المواطنين والمواطنات، حيث لا تستثنى المواطنات من أداء واجباتهن الضريبية كاملة.
- طالبتم كجمعيات نسائية مع وصول العدالة والتنمية إلى الحكومة للتعجيل بحل مجموعة من المطالب ظلت عالقة في عهد الحكومات السابقة. أين وصل هذا الملف?
مع الأسف، كنا نعتقد أن تصويت جل المغاربة على دستور فاتح يوليوز 2011، وموافقة جل الأحزاب السياسية بدون تحفظ على مقتضياته بما فيها العدالة والتنمية سيضع حدا لمقاومة التيار المحافظ المناهض للحقوق الإنسانية للنساء, نصف المجتمع, وسيضع حدا للجدل العقيم الذي كان يديره تيار يستغل الإسلام لأغراض سياسية، ويتذرع بالخصوصية لضرب مبدأ المساواة, التي بدونها لن تستقيم أي ديمقراطية باعتبارها ركيزة أساسية للمواطنة. بالفعل، لقد شكل الدستور الجديد طفرة نوعية في مجال دسترة الحريات وحقوق الإنسان و جعلها من ضمن الثوابت الراسخة للأمة المغربية، وكان استجابة قوية لمطالب الحركة النسائية التي ناضلت من أجلها منذ زمن طويل، وذلك بالتنصيص على المساواة والمناصفة ومنع التمييز وتجريم العنف وتحميله للدولة بكل مؤسساتها و خاصة الحكومة مسؤولية وضع السياسات واتخاذ التدابير الكفيلة لضمان تلك الحقوق. لكن عند أول امتحان لتفعيل مقتضيات الدستور، بدأت تظهر الاختلالات، بل التجاوزات والخروقات والانحراف عن فلسفته الديمقراطية، بدءا من التشكيلة التي ضمت امرأة واحدة من ضمن 31 وزيرا، نوعية الحقيبة الوزارية التي تختزل الكفاءة النسائية في الصور النمطية «الأسرة والطفولة» نوعية الآلية المكلفة بالمساواة والنهوض بحقوق النساء، وتواصل التمادي في خرق حقوق النساء وفي التراجع عن المكتسبات، أضف إلى ذلك عدم إشراك المجتمع المدني في وضع السياسات وتفعيل الدستور كما جاء في الدستور الجديد، وكانت المفاجأة إبان التصريح الحكومي الأول، علما أننا قدمنا كفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة قبل الانتخابات مذكرة مطلبية إلى كافة الأحزاب السياسية والتي تضمنت الخطوط العامة التي يجب أن تبني عليها الحكومة المقبلة السياسة العمومية، وأخص بالذكر الشق المتعلق بتفعيل الدستور ومقتضياته والمرتبطة ب«هيئة المناصفة» ومناهضة جميع أشكال التمييز وكذلك قانون إطار لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة إلى جانب مطالب اقتصادية واجتماعية تهم النساء؛ تفعيل صندوق التكافل الاجتماعي، تطبيق إلزامية التعليم ومساعدة الأسر الفقيرة للحد من الهدر المدرسي وتوفير البنيات التحتية (المستشفيات والمستوصفات للولادة) وخاصة بالمناطق النائية، لمعالجة ارتفاع وفيات الأمهات، حيث تضع النساء مواليدهن في الشوارع وأمام الحدائق وأمام مسكن رئيس الحكومة، تشجيع المقاولة النسائية للقضاء على البطالة التي تطال النساء بالدرجة الأولى وخاصة ذوات الشهادات العليا، تبعا للإحصاءات التي أعلنتها المندوبية السامية للتخطيط، وكذا الفقر الذي يطال فئة عريضة من النساء؛ ربات الأسر اللواتي يعانين الهشاشة وظروفا مزرية من دون إعانة أو مساعدة من قبل الدولة، كما طرحنا مسألة الملكية التي تتخبط في ويلاتها النساء السلاليات اللواتي يمنعن من حقهن في امتلاك الأراضي، مما يلقي بآلاف منهن في أحضان دور الصفيح، وذلك تبعا لما أثبتته دراسات عدة على رأسها دراسة لوزارة المالية، التي حملت الأراضي السلالية جزءا من المسؤولية في ارتفاع مدن الصفيح.
- ما هي طبيعة العلاقة التي تجمعكم بالوزيرة بسيمة الحقاوي؟
إن السيدة بسيمة الحقاوي بعد توليها مسؤولية حكومية بعد دستور جديد متعاقد عليه من طرف الشعب المغربي وموافق عليه من طرف حزبها وبدون تحفظ، فموقعها الحكومي يلزمها باحترام مقتضيات الدستور وبالعمل من أجل النهوض بحقوق النساء والقضاء على التمييز وإقرار المساواة الفعلية بين النساء والرجال في كل المجالات كما نص على ذلك الدستور، ووفاء كذلك بالتزامات المغرب الدولية في هذا المجال. فالسيدة بسيمة الحقاوي، لا تمثل الآن حزبا سياسيا، فهناك دستور- تعاقد أسمى- يسري على الجميع، والتزامات دولية لأن المغرب لا يوجد في جزيرة وحده معزولة عن العالم، فالأمر ليس عبثيا ، بل هي دلالة قوية على الأهمية التي أولاها المشرع المغربي وتعاقد عليها كل الفاعلين السياسيين، وعلى رأسهم المؤسسة الملكية وخاصة ما تعلق بالحفاظ على كل المكتسبات في مجال الحريات وحقوق الإنسان الواردة في الدستور، وبالتي فمسؤولية تفعيل مقتضياته تتحملها أي حكومة مهما كان لونها السياسي.
- هل تشعرون أن وزارة الحقاوي تشرككم في مشاريعها؟
الحكومة لا تتشكل من حزب العدالة والتنمية فقط، بل هناك أحزاب متعددة كان لنا معها شراكة وأخص بالذكر حزب التقدم والاشتراكية، وكذا حزب الاستقلال وأحزاب أخرى، ويمكن أن نلاحظ ذلك في البرنامج الانتخابي لكل تلك الأحزاب، وبالنسبة لنا فإن تفعيل الدستور، مسؤولية أي حكومة وليس الأمر اختياريا، وبالتالي إذا كانت الحقاوي معروفة بخرجاتها المناهضة لمسألة المساواة فيما قبل فموقعها الحكومي، خاصة بعد تصويت حزبها على الدستور، يلزمها بالتفعيل والتجرد من المواقف السابقة، لأنها أصبحت في حكومة لكل الشعب المغربي وليست حكومة لحزب العدالة والتنمية وعليه فنحن لم يكن في توجهنا أي مواقف مسبقة وحكم للنوايا، بل اعتبرنا وصول حزب العدالة والتنمية بشكل ديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، انتصارا للديمقراطية وتعاملنا معه بشكل إيجابي، وما كنا ننتظر منه هو التفعيل السليم لكل مقتضيات الدستور الجديد.
لكن وللأسف تلقينا أول صدمة حين تشكيل الحكومة بامرأة واحدة من ضمن 30 واعتبرنا في ذلك إشارة سياسية قوية، تبين خروجا واضحا عن المنهجية الديمقراطية، إن لم نقل خرقا لمبادئ الدستور، لأن هذا الأخير تحدث عن تدابير لضمان الحقوق السياسية للنساء في الوظائف الانتخابية، لكن حدث العكس، ومن ثمة هناك تراجع، حيث انتقلنا من سبع وزيرات في الحكومات السابقة إلى خمس ثم واحدة، وكانت في هذا الشأن مناشدات واحتجاجات وبيانات ووقفات، اعتذر على إثرها رئيس الحكومة وتعهد بتصحيح ذلك الاختلال، بوضع قواعد للحفاظ على تلك المكتسبات، ورأينا ذلك في البرنامج الحكومي الذي بالرغم من تضمنه عددا من العهود المتعلقة بالمساواة ومناهضة العنف، لكنها لم تأت على شكل التزامات بمضامين واضحة، فقمنا على إثر ذلك، بمرافعة في الموضوع وتم تصحيح وإغناء البرنامج الحكومي وتعهد رئيس الحكومة أمام البرلمان بالمحافظة على المكتسبات ورأسملة كل العمل الإيجابي السابق على المستويين الدستوري الداخلي وكذا الوفاء بالتزامات المغرب الخارجية، ونظرنا إلى ذلك بإيجابية، لكن مع الأسف عند تصفحنا لموقع الحكومة لم نلاحظ إضافة تصريح رئيس الحكومة للبرنامج الحكومي، و في ثاني امتحان، عند تعيين الولاة والعمال تكررت نفس المنهجية الإقصائية، وتأكدنا بأن العهود الحكومية ما كانت إلا فضفضة خاوية، حيث توالت التصريحات المبررة بعدم التوفر على كفاءات نسائية، وكانت هذه سبة لكل الطاقات النسائية الموجودة، والتي لم تعد في حاجة إلى تقديم دليل على تفوقها. حيث وصلت المرأة المغربية المهاجرة إلى مراكز القرار في دول ديمقراطية كفرنسا وغيرها من الدول التي تعترف بالكفاءات بغض النظر عن جنسها.
- هل أفهم من كلامك أن حكومة بنكيران لديها عقلية إقصائية?
نحن نعرف أن هناك عقلية ذكورية محافظة، تسعى جاهدة لإقصاء النساء من مراكز القرار، والغريب أن مضامين الدستور المغربي تضمن قوانين لا غبار عليها ولا تقبل التأويل، لكن ومع الأسف ليست التمثيلية السياسية وحدها المسألة التي تم فيها تراجع، نأخذ على سبيل المثال، قضية العنف ضد النساء، التعاطي مع الاغتصاب وتزويج القاصرات وما تلاها من تصريحات متناقضة وغير واضحة تخرق حقوق الطفل والإنسان عموما.
- اتهمتكم الحقاوي باستغلال المآسي الاجتماعية لخدمة أجندتكم السياسية؟
مع الأسف ذلك التصريح ردينا عليه ببيان واستغربنا له، فبعد الدور الطلائعي الذي أعطاه الدستور المغربي للمجتمع المدني وبعد السمعة التي يحتلها هذا الأخير بوصفه رافعة للتغيير في المغرب مقارنة مع باقي الدول العربية فكيف ينظر إلى ذلك على أنه تشويش على سمعة المغرب في الخارج، بينما من ضمن ما يميز المجتمعات الديمقراطية عن غيرها هو التوفر على مجتمع مدني له صوت وريادة واستقلالية. ينم ذلك التصريح عن فكر أحادي، فكر ينفي الاختلاف، فكر لا يؤمن باستقلالية المجتمع المدني عن الدولة. ويعبر عن عقلية جامدة غير مؤمنة بدور المجتمع المدني في التنمية الديمقراطية، كما أنه في مقاصده يريد من الجمعيات أن تتخندق في التواطؤ والتستر على الخروقات و الانتهاكات ذات الصلة بحقوق النساء وحقوق الإنسان عموما.
- قلتم في السابق إن الحقاوي لا تمثل حزبها لكن تصريحاتها تجاه الحركات النسائية لم تتغير أبدا بعد تقلدها وزارة الأسرة والتضامن؟
مع الأسف نحن نحكم على الأفعال وليس على النوايا، ففي الوقت الذي وصلت بسيمة الحقاوي إلى الحكومة في ظل دستور جديد، كان لزاما عليها احترام ذلك التعاقد، إذ أن موقعها داخل الحكومة، يلزمها بالسهر على تنفيذ مقتضيات الدستور وليس العكس، وكذا تنفيذ كل الالتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال.
- هناك من يطرح مشكل الاستقلالية في عمل بعض الجمعيات النسائية?
كمجتمع مدني وكحركة نسائية كانت لنا دائما استقلالية، وأذكر على سبيل المثال أنه حتى في ظل الحكومة السابقة والتي كانت السيدة نزهة الصقلي تتقلد فيها منصب وزيرة الأسرة والتضامن، كانت لنا خرجات احتجاجية متعددة من أجل تفعيل مجموعة من الملفات المطلبية، و لم يسبق لها أن قامت بمثل تلك التصريحات.
- هناك من يقول إنكم حركة احتجاجية?
لسنا حركة احتجاجية فقط، بل نحتج حينما يقتضي الأمر ذلك، ونحن قوة اقتراحية، نتقدم بمقترحات انطلاقا من عملنا الميداني وخبرتنا المبنية على شراكة مع عدد من الفاعلين ومؤسسات البحث العلمي التي تدعم كل تلك المطالب، وليست لنا أجندة سياسية حزبية لا داخلية ولا خارجية ما عدا الدفاع عن الحقوق الإنسانية للنساء وحقوق الإنسان في شموليتها باعتبارها أساسا و ركيزة للديمقراطية.
- والتشويش على صورة المغرب خارجيا؟
أريد التوضيح فقط فيما يخص هذه المسألة بالذات، حيث إن صورة المغرب على العكس من ذلك، لأن الحركة الديمقراطية في المغرب أعطت صورة جيدة عنه بكونه حيويا ويتمتع فيه المجتمع المدني باستقلالية، وله دور اقتراحي في صنع السياسات داخل المغرب، إلى جانب إثارة مجموعة من الطابوهات التي كان من المستحيل الحديث عنها، خاصة ما تعلق منها بالعنف الموجه ضد النساء بشتى أنواعه، المدونة، قانون الجنسية وصولا إلى دفع الدولة إلى الاعتراف بالحقوق والمواطنة الكاملة للنساء.
- ماذا عن المكتسبات التي حققتها الحركات النسائية، هل هناك تقدم أم تراجع؟
هناك تراجع، لعدم رأسملة المكتسبات ومواصلة الإصلاح، وتراجع في التمثيلية النسائية الذي كرسته الحكومة في تعيين الولاة والعمال.
ونحن كجمعيات نسائية حقوقية مشكلة لربيع الكرامة، كانت لنا شراكة مع وزارة العدل سابقا، بأن تقدمنا بعدة مقترحات وكانت لنا معها نقاشات تشكلت على إثرها لجنة تشتغل مع «ربيع الكرامة» لتغيير فلسفة القانون الجنائي؛ والمتمثلة في منع تزويج القاصرات ورفع تجريم الإجهاض الطبي للحفاظ على الصحة الجنسية و النفسية للنساء، والحفاظ على حقوق الطفل بأن يكون مرغوبا فيه، وحتى لا يرمى في المزابل، حيث توجد الآن نسبة كبيرة من الأطفال تولد خارج مؤسسة الزواج ( 500 ألف)، أضف إلى ذلك عدد الأطفال المتخلى عنهم نتيجة صعوبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية، كل هذا يشكل مؤشرا على ما يعانيه الأطفال وأمهاتهم.
- هل التقيتم بالرميد وقدمتم له ملفاتكم المطلبية؟
كان هناك لقاء، وإن لم أحضره مع «ربيع الكرامة» من أجل وضع قانون جنائي يحترم الحقوق الإنسانية للنساء ويحفظهن من العنف والتمييز، حيث تميز في جوانبه العامة بالإيجابية، لكن لم تتبعه بعد ذلك إجراءات عملية، بأن تلته تصريحات متناقضة، وخاصة فيما يتعلق بالفصل 475 إبان قضية أمينة الفيلالي وماتلاها من حالات الاغتصاب والانتحارات في صفوف الفتيات والنساء نتيجة للعنف، مما حذا بنا إلى تنظيم حملة ترافعية واحتجاج من أجل إصدار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء، والتفعيل المستعجل للهيئة التي جاءت باعتبارها سلطة مستقلة، «هيئة المناصفة ومناهضة جميع أشكال التمييز»، هذه الهيئة التي أعطاها المشرع صفة «سلطة مستقلة عن الحكومة» ومن مهامها مراقبة كل السياسات العمومية على المستوى الوطني والمحلي والتقدم باقتراحات للحكومة، وكذا تقييم السياسة العمومية ومدى احترامها لمقاربة النوع ولمبدأ المساواة وتصحيح الاختلالات الموجودة في كافة الميادين التي أسلفت ذكرها وخاصة في جانبها التشريعي والتي لا تحترم مبدأ المساواة والأهم من ذلك تغيير العقليات.
- هل تؤيدون المساواة بين الرجال والنساء في الإرث؟
المساواة مبدأ عام من المفروض أن تنبني عليها أي ديمقراطية، فلا ديمقراطية من دون مساواة، وإذا أعطى الإسلام للمرأة حقوقا آنذاك، فكان الأولى بالمشرع والعالم أن يتابع الاجتهاد، لضمان تلك الحقوق، فالمرأة مثلما أوضحت عدد من الدراسات لم يعد الرجل يتحمل نفقتها، بل أصبحت هي المعيلة للأسرة، فكيف يعقل إذا كان سابقا ما يعطاها في الإرث تحافظ به لنفسها فقط، أما اليوم فهي مسؤولة عن نفسها وأيضا أسرتها، وإذن هناك واقع متحرك ومتحول يجب أن نسايره.
- كيف تتوقعون تعاطي الحكومة مع هذا المطلب بالذات؟
نحن نطالب الحكومة بأن يكون تعاملها مبنيا على دراسات علمية وواقعية هدفها رفع الظلم والحيف والتمييز على أساس الجنس والوصول للمساواة في الحقوق بين كل المواطنين والمواطنات، حيث لا نستثني المواطنات من أداء واجباتهن الضريبية كاملة.
ونحن حينما طرحنا مسألة الإرث، لأن هذا الأخير لم ينبن على الجنس (ذكر أو أنثى)، بل على البنيات التي كانت موجودة والمرتبطة أساسا بالعائلة، القرابة الدموية والحفاظ على ممتلكات العائلة والقبيلة حتى لا تنتقل إلى غيرها،عملا بالقرابة الدموية، وبالتالي طرحنا مسألة التعصيب، بناء على توصلنا بمجموعة من الشكايات التي أتتنا من نساء ورجال لديهم البنات فقط وعند الممات يأتي وريث ذكرا يشاركهن الإرث، بالنسبة لهذا الإشكال فالدين لا علاقة له به، بل هناك تأويل ذكوري للدين، يعمل على الاجتهاد في عدد من المجالات، باستثناء ما يتعلق بالنساء، بأن يتم استغلال الدين وتأويله للحفاظ على السلطة الذكورية، ومن ثمة فبإمكان المرأة أن تعصب شأنها شأن الذكر، أي أن المسألة ليست مرتبطة بنوع الجنس، بل بالقرابة الدموية، وإذن فباب الاجتهاد مفتوح إذا توفرت النية لذلك.
- هل تحسون بأنكم تعملون من دون سند حكومي؟
للأسف نحن نعمل من دون سند قانوني ، نعرف بأن السند الأساسي للحركة النسائية، هو جلالة الملك بناء على خطاباته الواضحة في هذا المجال، أما الفاعلين السياسيين والحزبيين والحكوميين فللأسف لم يكونوا في مستوى التطلعات، لكننا وبالرغم من ذلك وكحركات نسائية لنا عدد من المدعمين وهم رجال من صفوف أحزاب ديمقراطية.



لا نريد من الحكومة أجوبة «الفقيه» بل حلولا للمشاكل
- ما قراءتكم للرقم الذي صرحت به عائشة الشنا والمتعلق بأطفال «الزنا»؟
أنا أرفض استعمال مثل هذه الكلمات«الزنا» فبالنسبة لنا، هناك مسؤولية
تربوية وتعليمية، لأن مكان الفتيات خاصة المدرسة، وليس الزواج أو الإنجاب خارج إطاره.
- ماهو ردك على من من يصف هؤلاء الأطفال بأنهم أبناء «زنا»؟
أعتبر ذلك خرقا فادحا لحقوق الطفل يأتي على لسان وزير العدل بعد دستور جديد، فأية إشارة سياسية نبعث بها للمغاربة، وأية صورة نسوقها لأطفال لا ذنب لهم؟ وأية سياسة حكومية لإدماجهم والحفاظ على حقوقهم كاملة وعلى كرامتهم؟ لا يكفي أن نتعامل مع هذه الإشكالية بالقيام بتصريحات تلعب على العواطف والأخلاق مستغلة المخزون المشترك بين المغاربة، بدل التفكير في معالجة تفاقم الظاهرة وبدءا بالحفاظ على حقوق الإنسان وخاصة لما يكون طفلا، هناك أطفال ولدوا خارج إطار العلاقة الزوجية، وهذا إشكال يرتبط بانعدام تربية جنسية لدى الأطفال وهو من مسؤولية الدولة، وتجريم الإجهاض الطبي مما يؤدي إما إلى ازدياد أطفال غير مرغوب فيهم أو وفاة العديد من النساء جراء الإجهاض السري في ظروف غير صحية أو بتناول الأعشاب وغيرها من المواد التي يمكن أن تتسبب في عدد من الوفيات وكذا الأمراض.
وعليه أقول إنه من المفروض أن تتوفر الحكومة على دراسات تهم مجموعة من الظواهر المجتمعية لتجد لها حلولا، وليس التعامل معها بتصريحات بأبعاد أخلاقية أو ديماغوجية تلعب على العواطف، وإحالة هذا الإشكال على الأخلاق لايقدم شيئا، بل العكس يساهم في تفاقمها.
- وإذن تخالفون معالجة القضايا المجتمعية من منظور ديني؟
نحن لدينا حكومة ويجب أن تجد تدابير اقتصادية، اجتماعية وسياسية وتربوية وصحية ولا تجيبنا بأجوبة «الفقيه «، لأن هذا الأخير له مكانه ولا يجب الخلط،
فلدينا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مكلفة بهذا الشأن ويمكنها الحديث عنه أخلاقيا، أما الحكومة والوزارة الوصية فمن المفروض فيها، الإجابة عن هذه الإشكالات المتعددة بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين والمواطنات ليعيشوا بكرامة، ونحن لا ننتظر منها أجوبة جاهزة، كأنها تتعامل مع ناس يعيشون في جزيرة أفلاطونية، وتجيبنا بأنه من الواجب الحفاظ على العائلة، نعم. لكن بأي شكل؟


حاورتها: حسناء زوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.