بشر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بنمو اقتصادي يفوق 5 في المائة في السنة المقبلة في حالة كان الموسم الفلاحي متوسطا، كما أطلق الجواهري تطمينات بخصوص الوضعية الاقتصادية الراهنة للمغرب، مؤكدا أن «بلادنا لا تزال بعيدة عن برنامج التقويم الهيكلي». وأبدى الجواهري، الذي كان يتحدث في ندوة صحافية عقدها بعد زوال أول أمس الثلاثاء بالرباط، تفاؤلا كبيرا حول قدرة الاقتصاد المغربي على تحقيق نمو يزيد عن 5 في المائة في السنة المقبلة بالنظر إلى أداء مختلف القطاعات، خصوصا الصناعة والخدمات، شريطة أن يكون الموسم الفلاحي متوسطا على الأقل. وبالموازاة مع هذا التفاؤل، أبقى البنك المركزي على توقعاته بشأن النمو الاقتصادي لهذه السنة في أقل من 3 في المائة، وهي النسبة ذاتها التي أعلن عنها في آخر خروج إعلامي له في شهر يونيو الماضي. وأرجع والي بنك المغرب تزكيته لهذه التوقعات، بعد مرور أزيد من ثلاثة أشهر على الإعلان عنها، بالأساس، إلى «تحقق المخاطر المتعلقة بالنشاط الاقتصادي في البلدان الشريكة الرئيسية ونتائج الموسم الفلاحي». وعزا الإبقاء على هذه التوقعات دون تغيير كذلك إلى تواصل تأثيرات الظرفية الاقتصادية العالمية على الحسابات الخارجية للمملكة، حيث تفاقم العجز التجاري بنسبة 6,1 في المائة إلى نهاية غشت مقارنة مع الشهر نفسه من السنة الماضية، فضلا عن تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ب1,8 في المائة وتقلص مداخيل الأسفار ب5 في المائة. كما أكد عبد اللطيف الجواهري أن المغرب لا يزال بعيدا كل البعد عن الشروط التي أودت به إلى برنامج التقويم الهيكلي، موضحا أن حصول الرباط، أخيرا، على خط الوقاية والسيولة من قبل صندوق النقد الدولي تزكية للثقة في متانة أسس الاقتصاد المغربي، وليس خطوة في اتجاه برنامج جديد للتقويم الهيكلي. وحرص الجواهري على التأكيد في أكثر من مرة على أن بنود خط الوقاية والسيولة لا يتعارض مع توجهات الحكومة المغربية الحالية الساعية إلى التحكم في التضخم وتقليص عجز الميزانية من 6 في المائة إلى 3 فى المائة بحلول 2016، بالإضافة إلى التوفر على نظام بنكي ذي أسس متينة. وتتجلى أهمية هذا الخط كذلك، وفق والي بنك المغرب، في الصعوبات التي ستعترض المغرب في حالة لجوئه إلى الاقتراض في ظرفية تسوء فيها مؤشراته الاقتصادية، رغم أنه شدد على أن المغرب يتحكم، إلى حدود الساعة، بشكل جيد في مديونيته، ولم يهو بعد إلى المستوى الذي فرض عليه الدخول في برنامج التقويم الهيكلي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وبخصوص دفعات السيولة النقدية التي قدمها البنك المركزي للأبناك المغربية في الفترة الأخيرة، أوضح الجواهري أن هذه الدفعات كانت ضرورية لتمويل الاقتصاد، إضافة إلى تلبيتها حاجيات أساسية لدى الأبناك. وقلل والي بنك المغرب من شأن التحذيرات التي أطلقها خبراء اقتصاديون من تنامي حجم السيولة النقدية المقدمة من بنك المغرب للمؤسسات البنكية، وشدد على أن المشكل لا يكمن في حجم هذه السيولة بقدر ما يتجلى في الوجهة التي تأخذها، مؤكدا أنه «لا مشكلة على الإطلاق في حالة صرفت لتمويل استثمارات تخلق مناصب الشغل وتنهض بالنمو». وأوضح أن أجهزة البنك المركزي تراقب بشكل يومي المؤسسات البنكية. وقال إنه «لا يمكن تصور حجم المراقبة التي نقوم بها بشكل يومي. إنها العامل الأساسي الذي مكننا من التوفر في ظل الأزمة على نظام بنكي يعتبر الأكثر صلابة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، غير أنه سرعان ما استدرك بتأكيد «ضرورة الحذر». وكشف الجواهري، لأول مرة، عن إقدام بنك المغرب على مطالبة الأبناك المغربية المتوفرة على فروع في الدول الإفريقية بالتماس السيولة لدى الأبناك المركزية للدول التي تنشط بها فروعها. وفي جديد الأبناك الإسلامية، أوضح والي بنك المغرب أنه استقبل، أخيرا، أربع مؤسسات معروفة في مجال التعاملات المصرفية الإسلامية عبرت عن رغبتها في الاستثمار في سوق المصارف الإسلامية في المغرب. غير أنه أكد أن لجنة خاصة ستعنى بمنح التراخيص بعد دراسة الملفات حسب مخططات المؤسسات الراغبة في الاستثمار في هذا المجال في المغرب ونوايا بخصوص التوزيع الجغرافي للأنشطتها، بالإضافة إلى مراعاة خصوصيات السوق، حيث لم يستبعد أن يعمد المغرب إلى منح هذه الرخص بشكل تدريجي.