ما زال مشكل السيولة المصرفية يؤرق السلطات النقدية والمالية بالمغرب منذ أزيد من سنتين. وقد شكل هذا الموضوع نقطة رئيسية في الندوة الصحفية التي عقدها والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري عقب الاجتماع الفصلي لمعهد الإصدار مؤخرا. الجواهري حث خلال هذه الندوة على العمل من أجل الرفع من مستوى «البنكنة» بالمغرب، وتعزيز اللجوء للخدمات البنكية وتقوية المدخرات الصغرى والمتوسطة لمواجهة النقص الحاصل في السيولة النقدية للأبناك. كما كشف الجواهري أن معدل البنكنة بالمغرب بلغ 47 في المائة بفضل مساهمة بريد- بنك (بنك البريد) في هذا الإنجاز. غير أنه أضاف أن بريد المغرب يضم حاليا نحو أربعة ملايين مشترك ويستهدف حوالي ستة ملايين بحلول 2013، وهو ما يتيح إمكانية تحقيق هدف 50 في المائة من معدل البنكنة مع نهاية سنة 2010, لا سيما وأن هذه النسبة لا تتعدى في المناطق القروية 6 في المائة. معلوم أن مؤسسة بريد المغرب شرعت في العمل بنظام جديد بعد أن حولت جزءً من خدماتها إلى النظام البنكي، من خلال فرع «بريد- بنك» في إطار إعادة هيكلة شاملة للمؤسسة عقب مصادقة البرلمان على مشروع القانون المتعلق بتحويلها إلى شركة مساهمة . ويقوم «بريد بنك»، التابع للشركة المساهمة، بتدبير الخدمات المالية لبريد المغرب، وعرض منتوجات مكملة للسلفات الصغرى لفائدة جمعيات متخصصة في القروض الصغرى، وأيضا للزبناء المستفيدين، من خلال التحويلات، والنقد الإلكتروني، والإرساليات، والبريد، وغير ذلك من الخدمات البريدية، وهو ما من شأنه أن يوسع من دائرة البنكنة. ويقوم بنك المغرب من حين لآخر بضخ أحجام من السيولة النقدية في السوق المصرفي. وفي هذا الإطار ضخ معهد الإصدار في 6 يونيو الجاري 22 مليار درهم، بعد طلب عروض، كما حدد نسبة فائدة في 25 .3 في المائة، فيما وضعت الخزينة العامة مبلغا من ملياري درهم في السوق النقدية للمساهمة في توفير السيولة للقطاع البنكي. بموازاة مع ذلك يرى والي بنك المغرب أن هناك تدابير أخرى لمواجهة هذا النقص في السيولة كتعزيز القرب من المغاربة المقيمين بالخارج حيث أشار في هذا الإطار إلى قيام بنك المغرب بتحفيز القطاع البنكي للقيام بمزيد من التحرك في اتجاه سياسة القرب مع المغاربة المقيمين بالخارج، معتبرا أن هذه السياسة «بدأت تعطي نتائجها», كما يعكس ذلك التحسن الحاصل في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2010 حيث ارتفعت بنسبة 11.9 في المائة، مؤكدا كذلك على ضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل تعبئة الادخار على المدى الطويل لتمكين السيولة من «استعادة حالتها الطبيعية». على مستوى الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد قال والي بنك المغرب، بذات المناسبة، أن النمو الاقتصادي خلال سنة 2010 سيتقدم بوتيرة تقل عن تلك المسجلة في سنة 2009 ليبلغ نسبة تترواح بين 3 و 4 في المائة, وذلك بالنظر أساسا إلى الانكماش المتوقع على مستوى الإنتاج الفلاحي, مقارنة بالمستوى الاستثنائي المسجل سنة 2009 . أما بخصوص التوقعات المتعلقة بالتضخم التي أعدتها مصالح البنك في أفق الفصل الثالث من سنة 2011 ، أشار الجواهري إلى أن التوقع المركزي الخاص بالتضخم قد تمت مراجعته، حيث يتوقع أن يبلغ في المتوسط 1.7 في المائة في أفق نهاية السنة مقابل 1.4 في المائة في مارس الماضي. كما سيبلغ متوسط التضخم بالنسبة للسنة الجارية 1.2 في المائة, بدلا من نسبة 1 بالمائة الواردة في تقرير مارس الماضي حول السياسة النقدية. ويرتقب خلال الفصل الثالث من سنة 2011, أن تراوح نسبة التضخم 2 بالمائة, فيما يتوقع أن يظل مؤشر التضخم الأساسي أيضا في مستويات معتدلة بحيث لا يتجاوز نسبة 2 بالمائة.