رسميا، يجهل العدد الحقيقي للمغاربة المصابين بالأورام السرطانية، وإن كانت جمعية للا سلمى ترى أن عددهم يتراوح ما بين 35 و50 ألف إصابة سنويا، لكن غياب مراكز التشخيص والعلاج في المدن الكبرى بالمملكة يعرقل جهود الأطباء لحصر عدد المصابين بشكل حقيقي. ولفتت الأميرة للا سلمى، عقيلة الملك محمد السادس، الأنظار مجددا إلى عدد المصابين ب«المرض الخبيث» في المغرب، خلال ترؤسها لأشغال الجمع العام لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان الذي احتضنه أول أمس السبت فضاء قصر الضيافة بالرباط ، وهو الجمع الذي تزامن والاحتفال باليوم الوطني لمحاربة داء السرطان. ففي المغرب توجد أربعة مراكز عمومية فقط لعلاج السرطان متمركزة في مدن الرباط والبيضاء ووجدة، إضافة إلى أربعة مراكز خاصة تتقاسمها عاصمتا المغرب الإدارية والاقتصادية، عدا ذلك، يؤكد مصدر طبي، فإن باقي المدن الكبرى تفتقر إلى مراكز تشخيص الأمراض السرطانية وعلاجها، وبالتالي تضيع على الكثير من المغاربة المصابين بالداء فرصة الوصول إلى المراكز المتخصصة لتلقي العلاج. وحسب الدكتور منير الباشوشي، الأخصائي في أمراض السرطان بمركز الأنكلوجيا الأزهر في الرباط، فإن عدد المغاربة الذين يصابون بأمراض سرطانية بشكل سنوي يظل مجهولا. وقال الباشوشي، في تصريح ل«المساء» ردا على سؤال حول عدد المصابين بالسرطان في المملكة: «للأسف لا نتوفر على معطيات دقيقة في سجلات المستشفيات لنتمكن من تحديد خريطة المصابين بالسرطان كل سنة في المغرب، أعتقد أن مابين 15 و20 ألف حالة هي التي تصل إلى مراكز العلاج المتمركزة في مدن الرباطوالدار البيضاء، إن الكثير من حالات الإصابة لا تفد على المستشفيات، أما مراكز العلاج فلا تزال غائبة عن المدن الكبرى كمراكش وفاس وطنجة، إذ يقتصر تواجد مراكز عمومية لعلاج السرطان على مدن الرباط والبيضاء ووجدة وأكادير، إضافة إلى أربعة مراكز خاصة لعلاج السرطان موزعة بين الدارالبيضاء والرباط التي تضم لوحدها 50 في المائة من آليات العلاج بالأشعة، لذلك فإن خريطة الإصابة بالداء غير معروفة بشكل دقيق». ويعالج السرطان بالجراحة إذا تم الكشف عنه بشكل مبكر، وهي طريقة تمكن الطبيب الجراح من فصل الورم السرطاني بشكل نهائي، لكن نادرا ما يفد المصاب بالسرطان المبكر على مراكز التشخيص والعلاج، لذلك يلجأ الأطباء إلى العلاج بالأشعة أو بالمواد الكيماوية والأدوية الكيماوية البلاستيكية المضادة للخلايا السرطانية. واعتبر الدكتور الباشوشي أن الأدوية الجديدة لعلاج السرطان متوفرة في السوق المحلية وإن كانت باهظة الثمن، مشيرا إلى أن نظام التغطية الصحية الإجبارية مكن المصابين بالداء من الاستفادة من التعويض عن مصاريف العلاج الباهظة، وقال الباشوشي: «كان المريض مطالبا بدفع 20 ألف درهم للاستفادة من حصة واحدة من العلاج بالمواد الكيمياوية، والآن وبعد اعتماد نظام التغطية الصحية الإجبارية صار المريض يدفع فقط 100 درهم لمراكز العلاج العمومية كسعر للحصة الواحدة، لكن هذا لا يعني أن نسبة كبيرة من المواطنين ممن لا يتوفرون على نظام التغطية الصحية مازالوا يعانون من ارتفاع تكاليف علاج الأمراض السرطانية، الآن هناك فقط نسبة 30 في المائة ممن شملهم نظام التغطية الصحية الإجبارية ولا يزال 70 في المائة بدون تغطية، وأعتقد أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إضافة إلى شركات التأمين يساهمون في التخفيف من عبء ارتفاع تكاليف علاج الأمراض السرطانية بالنسبة إلى المواطنين المنخرطين في نظام التغطية الصحية». من جانبه، أكد الدكتور عبد اللطيف بن إيدار، رئيس قسم الأنكلوجيا بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء وعضو جمعية للا سلمى لمحاربة السرطان، تزايد عدد المصابين بالسرطان بشكل سنوي في المغرب، مضيفا أن عدد الإصابات يتراوح ما بين 35 و40 ألف حالة إصابة بسرطانات الثدي بالنسبة إلى النساء والرئة بالنسبة إلى الرجال إضافة إلى سرطان الرحم والبروستات. وردا على سؤال ل«المساء» حول نصيب الأطفال من الإصابة بالداء، قال الدكتور بن إيدار: «يوجد تقريبا ألف طفل يصابون بالسرطان في المغرب كل عام، المرض في تطور وحالات الإصابة في تزايد، لكننا سجلنا مسألة مهمة ترتبط بإقبال المصابين على العلاج، ففي السابق كان المصابون يحجمون عن زيارة مراكز علاج الداء، وبفضل الحملات التحسيسية صار الناس يأتون إلينا من مختلف مناطق المغرب تحدوهم الرغبة في التخلص من الأورام السرطانية». وبحسب البروفيسور حيدا مصطفى، رئيس مصلحة طب الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، فإن أزيد من 8 في المائة من الأطفال المصابين بالسرطان في المغرب ينحدرون من جهة فاس بولمان لوحدها. مشيرا إلى أنه يتم الكشف عن إصابة جديدة بمرض السرطان لدى الأطفال على رأس كل عشرة أيام بالمركز الاستشفائي الجامعي في فاس، إلى أنه يتم الكشف عن 1200 حالة جديدة لسرطان الأطفال سنويا بالمغرب. وكشف مصدر من جمعية الأميرة للا سلمى أن مهمة الجمعية تتمثل في دعم السياسة الوطنية لمكافحة السرطان والتعاون مع الهيئات والجمعيات الوطنية العاملة في مجال محاربة السرطان، والتنسيق مع مؤسسات دولية متخصصة في تشخيص السرطان وعلاجه بدءا بالتحسيس والوقاية مرورا بالكشف والتشخيص المبكرين وانتهاء بالمرافقة النفسية والاجتماعية للأشخاص المصابين بالأورام السرطانية الخبيثة.