سبوتنيك الروسية تكشف عن شروط المغرب لعودة العلاقات مع إيران        اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب    بعد صدور مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالان.. الرباط مطالبة بإعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل    قلق متزايد بشأن مصير بوعلام صنصال    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد        الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيلم المسيء والمسؤولية الأمريكية
نشر في المساء يوم 24 - 09 - 2012

لم يجرؤ أيّ كان وفي أي مكان أن يدافع عن الفيلم الذي استهدف الإساءة الوقحة إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، بخاصة، وإلى الإسلام بعامة، كما استهدف استفزاز المسلمين أينما وجدوا في هذا العالم.
لم يجرؤ أحد أن يُدخِلَ الفيلم في عِداد الأعمال الفنية أو يصفه بالإبداع الفني، فالفيلم من نوع رديء للغاية حتى بمقاييس الذين يسوّغون الإساءة إلى الإسلام وإلى مشاعر المسلمين تحت دعوى الإبداع والفن.
ولم يقل أحد إن الاحتجاجات على هذه الإساءة ليست حقا، أو ليست ضرورة قصوى، لا بالنسبة إلى المسلمين فحسب وإنما أيضا إلى المسيحيين بعامة، وإلى مسيحيي مصر والعرب بخاصة، بل بالنسبة إلى كل حريص على حرية الرأي والمعتقد؛ فالفيلم استهدف إحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، كما استهدف إذلال المسلمين في فرضه على الأنترنيت، وإخراجه من استوديوهات هوليوود الأمريكية، لكأنه يقول لهم: لا نبالي بكم وبمشاعركم وافعلوا ما استطعتم فعله!
وسوف تتكرّر الإساءة بأشكال مختلفة كما حدث من قبل، مثلا في الرسوم الكاريكاتيرية أو الحضّ على حرق القرآن.
لا يشك أحد في أن الذين كانوا وراء الفيلم أدركوا منذ اللحظة الأولى، بل توقعوا، ما سيجرّه من ردود فعل وربما أشدّ مما حدث. والأنكى أنهم تعمدوا إظهار هوياتهم، فرادى ومجتمعين، مطمئنين إلى ما سيتمتعون به في الولايات الأمريكية من حماية رسمية ومن غطاء حين تغسل الحكومة الأمريكية يدها من المسؤولية، تحت حجة الحرية التي يكفلها الدستور، وهي تصف الفيلم بأنه إساءة لا توافق عليها أو أنه باعث على الاشمئزاز.
الوعي المتراكم تاريخيا لدى العرب والمسلمين من خلال علاقة الإدارات الأمريكية بفلسطين والعرب والمسلمين، ومن جهة الحملة الشعواء التي أطلقها المحافظون الجدد رسميا ضد الإسلام والمسلمين كما ما سمّي «الإسلاموفوبيا»، وإلى الحروب التي شنتها هي والكيان الصهيوني خلال العشرية الماضية؛ وهو ما دفع إلى التوجّه بالاحتجاح إلى السفارات الأمريكية، من أجل إظهار إرادة الملايين لرفض استخدام حرية الرأي والتعبير في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، لما في ذلك من اعتداء جارح حتى الأعماق على المعتقد والمشاعر والكرامة، ومن تأكيد الهيمنة على الشعوب العربية والإسلامية، كما احتكار القرار العالمي في إعطاء الحق للعنصريين، وفي مقدمهم الصهاينة، أن يسيئوا كما يشاؤون إلى الإسلام والمسلمين، تحت حجة الحرية التي يكفلها لهم الدستور الأمريكي.
وعندما حوّل نفر قليل موجة الاحتجاجات لتكون عنيفة، لم يكتف من أدان اللجوء إلى العنف بحدود إدانة العنف فحسب، وإنما أيضا انبرى البعض إلى تبرئة الإدارة الأمريكية من أية مسؤولية، متبنيا حجتها التي ادّعت فيها أن لا علاقة لها بهذا الفيلم وأنها لا تملك الحق في منعه أو مقاضاة من وراءه بإثارة الفتن والفوضى والقتل والبغضاء والحضّ على التعصب الديني أو العنصري. وبالمناسبة، منعت إدارة بوش أن تنشر على الأنترنيت فيديوهات تتعلق بالتعذيب في سجن أبو غريب، تحت حجة الإضرار بمصلحة أمريكا، ولم تتذكر أن الدستور يصون حرية الرأي والتعبير!
أمريكا لا تستطيع أن تنكر وقوفها المعارض لاستصدار قانون يعاقب على الإساءة إلى معتقدات الآخرين ومشاعرهم، الأمر الذي يعني أنها تركت الباب مفتوحا، وضمنت الأمان لكل مسيء إلى الإسلام والمسلمين، حيث أعطيت الحرية كاملة لكل من يسيء ويهين ويستفز رموز الإسلام ونبيّه وكتابه، فيما صدرت القوانين وأخذت الإجراءات ضد كل من يناقش، ولو من ناحية علمية أكاديمية، عدد الضحايا في الهولوكوست! واعتبرت التعرّض السلبي لكل ما له علاقة باليهود أو الصهيونية مخالفا للقانون الذي يمنع التحريض ضد السامية.
هنا تقع مسؤولية مباشرة على الإدارة الأمريكية حين تحمي الإساءة على الإسلام والمسلمين وتجعلها مغطاة بالدستور الأمريكي الذي يصون الرأي والمعتقد، ولو كانت الإساءة تؤدي إلى زرع البغضاء والاحتقار والتحامل الديني والعنصري ضد الإسلام والمسلمين، ومن ثم تولِّد بالضرورة غضبا عارما من قبل مئات الملايين من المسلمين الذين يشعرون بأن تلك الإساءة إهانة لمشاعرهم ومعتقداتهم وكرامتهم.
لذلك أخطأ الذين برّؤوا الإدارة الأمريكية أو السياسات الأمريكية من أية مسؤولية، بالنسبة إلى الفيلم الذي أساء إلى الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ومن قبل إساءة الرسوم وحرق القرآن.
إن أمريكا وحكومات الغرب، عموما، تتحملان مسؤولية مكرّرة على استمرار ظاهرة الإساءات المذكورة سابقا وحاليا ولاحقا، ما لم يُوافقوا على إعلان عالمي يجرّم الإساءة إلى الأديان وشعوبها. ويفصل بين الإساءة وحرية الرأي ويترك للقوانين وللمحاكم أن تحدّد الإساءة وخطرها بالنسبة إلى كل حالة، وتداعياتها على أرض الواقع.
لو علم الذين تظاهروا ضد السفارات الأمريكية -بسبب هذه الإساءة- أن لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت دعمها لمطالبة الحكومة الصهيونية باقتسام أوقات الصلاة في المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، لتضاعفَ غضبهم أضعافا، ولزادت أعدادهم ملايين أخرى في كل أنحاء العالم.
هنا نجد إجراءات عملية في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين حين تنتهك حرمة المسجد الأقصى، باقتسام الصلاة فيه وفي باحاته بين اليهود والمسلمين، أي مصادرة المسجد كما حدث مع الحرم الإبراهيمي في الخليل.
لهذا على الإدارة الأمريكية أن تحذر مما تفعله أيديها في المسجد الأقصى، ولن تجد عندئذ من يقول لا علاقة لها بما يحدث هنا، فيما بيان لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأمريكية يدعم ويحمي تحت حجة أن منع اقتسام الصلاة يُدرَج في الاعتداء على حرية الأديان.



منير شفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.