سادت أجواء الغموض جلسة انتخاب الأمين العام القادم لحزب الاستقلال، التي انطلقت زوال أمس الأحد، بعد أن اختلفت الترشيحات حول هوية خليفة عباس الفاسي على رأس الحزب، وإن كانت بعض المصادر المتابعة لكواليس انتخاب الأمين العام تذهب في اتجاه ترجيح كفة حميد شباط، عمدة فاس. فيما لم تستبعد مصادر أخرى أن يُحدث عبد الواحد الفاسي المفاجأة في نهاية يوم انتخابي طويل قد يكون له ما بعده على مستقبل الحزب «العتيد». وفي الوقت الذي سادت أجواء هادئة افتتاح أول دورة للمجلس الوطني للحزب، التي انعقدت صباح أمس الأحد، على خلاف ما كان ينتظره المتابعون من تجريب الاستقلاليين لصناديق الاقتراع لأول مرة في تاريخ حزبهم في اختيار قائدهم للسنوات الأربع القادمة، خطف امحمد بوستة، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال وعضو مجلس الرئاسة، في افتتاح دورة المجلس الوطني للحزب، المنعقدة صباح أمس، الأضواء من كل شباط وغريمه عبد الواحد الفاسي، ومن قبلهما الأمين العام المنتهية ولايته، بعد أن حظي باستقبال «الأبطال» من قِبَل أعضاء المجلس الوطني، إذ تعالت التصفيقات وتم ترديد اسمه بمجرد دخوله إلى القاعة التي احتضنت جلسة انتخاب الأمين العام، وهو الأمر الذي تكرّر كذلك بعد دخول عباس الفاسي بمعية امحمد الدويري، حيث رددت القاعة اسمه مرة أخرى.. ورأت مصادر استقلالية في احتفاء برلمان الحزب «بيعة» له و ردّ الصاع «صاعين» للفاسي، «بعد أن أهدر كرامته في آخر اجتماع للجنة التنفيذية، حينما صبّ جامع غضبه على حكماء الحزب الثلاثة». إلى ذلك، استهل كل من شباط والفاسي تنافسهما على الأمانة العامة بتبادل العناق والقبلات على مرأى رجال الصحافة، قبل أن ينضمّ إليهما كل من محمد الوفا في مرحلة أولى وعباس الفاسي في مرحلة ثانية، لينشدوا رفقة أتباعهما نشيد حزب «سيدي علال»، في رسالة واضحة إلى من يهمّه الأمر داخل الحزب وخارجه.. رسالة كانت واضحة في حديث الأمين العام الذي انتهت ولايته إلى «المساء» حينما قال: «نحن موحّدون، وفي الأخير، ستخضع الأقلية للأغلبية وسنفوّت الفرصة على الأشحاص، وهم كثيرون والجهات التي ترغب في بث التفرقة داخل الحزب، لكن سنقول لهم مازلنا موحدين». وقبل انطلاق جلسة التصويت بدقائق، بدا شباط أكثر «إيمانا» بفوزه في جلسة انتخاب الأمين العام، بقوله، في حديث مع «المساء»: «راها مطروزة، انتهى زمن التوافق، والآن هذا زمن الديمقراطية والقطع مع حكم العائلات».. في حين كان لافتا حرص الفاسي على وحدة الحزب أكثر من أي شيء آخر، مؤكدا، في حديثه إلى الجريدة، أن أول عمل له بعد انتخابه أمينا عامّا هو إعادة اللحمة إلى البيت الاستقلالي. وحسب قيادي استقلالي، فإن الأمين العامّ القادم مُلزَم بتقديم خطاب وحدويّ، مشيرا إلى أن «شباط في حال فوزه ملزَم بأن يضُمّ نزار البركة إلى الفريق الذي سيعمل معه، وفي حال ظفر الفاسي بالمنصب أن يضم عبد القادر الكيحل إلى اللجنة التنفيدية كدليل على وحدة الحزب وتجاوز تبعات الصراع حول الأمانة العامة». من جهة ثانية، اختار القيادي الاستقلالي امحمد الخليفة مقاطعة دورة المجلس الوطني وجلسة الانتخاب، وهو ما تأكد بعد أن ظل محمد الأنصاري، رئيس المؤتمر الوطني السادس عشر، ينادي على اسمه من أجل مباشرة عملية الاقتراع دون أن يظهر له أي أثر.. في المقابل، حرص القيادي عبد اللطيف أبدوح، المتابع على خلفية قضية تتعلق بتبديد أموال عمومية، على الحضور والاقتراع، بعد أن حصل على إذن قضائيّ بمغادرة مدينة مراكش، فيما سُجِّل غياب شبية ماء العينين عن جلسة التصويت، التي عرفت مشاركة 996 استقلاليا. وفي حدود الساعة الحادية عشر و40 دقيقة من صباح أمس، أعطى محمد الأنصاري، رئيس المؤتمر، إشارة انطلاق جلسة انتخاب الأمين العام بآيات قرآنية وبقراءة الفاتحة على روح القيادي الاستقلالي العلوي تيتنا، الذي وافته المنية مؤخرا. وسارع شباط إلى إعلان ترشحه لمنصب الأمين العام، بمجرد إعلان الأنصاري عن فتح باب التشريحات، وكان كافيا أن يعلن شباط اسمه لتهتز القاعة وتتعالى صيحات التأييد من أنصاره، قبل أن يتبعه منافسه الفاسي، فيما لم يمتلك أي عضو من المجلس الوطني الجرأة لترشيح نفسه في مواجهتهما.