ثارت الشبكة، فقد قالت الإشاعات إن الحرب كان يفترض أن تنشب، وكان هناك من ذكروا نهاية أسبوع ما، بل ذكروا حتى موعدا ما. وكان الموعد الأول من شتنبر. صحيح أنه قد كانت من قبل حرب نشبت في هذا الموعد هي الحرب العالمية الثانية. أفلم يثبت أشباه تشرتشل بين قادتنا والمُنذرين بالمحرقة الثانية للإغراء؟ ومع ذلك كانت نهاية الأسبوع الأول من شتنبر هادئة في ظاهر الأمر، وكان الجو لطيفا ولم تُسجل أحداث شاذة، ولم يلاحظ أحد أن أعمال العداء قد بدأت، ولم يلاحظ أحد أن الهجوم الردعي الضخم قد انطلق في طريقه في الموعد المخطط له وأن هدفه لا يقل عن تغيير نظام الحكم.. تغيير نظام حكم معادٍ لإسرائيل وخطير ليصبح نظاما حتى لو كان يملك القدرة الذرية، فإنه لا يعتبر تهديدا. نجح ترياق تضليل لامع أنتجه خلال ساعات باراك والساحر نتنياهو في الطمس تماما على هوية العدو الحقيقي. إن الثرثرة التي لا تنتهي عن إيران وجهت جميع الأنظار إلى الشرق، لكن سهام هجوم الخريف تحركت نحو الغرب خاصة. سُجلت يوم الواحد إصابة دقيقة لهدف نوعي هو رئيس أركان جيش العدو، الجنرال مارتن دامبسي، فقد وبخته عناصر سياسية رفيعة المستوى في إسرائيل توبيخا شديدا. وتم تعريف تصريحه الذي قال فيه إنه لا يريد المشاركة الآن في هجوم إسرائيلي على إيران بأنه نشاط معادٍ ولم يتأخر مجيء الانتقام. لا شك في أن التوبيخ المقدسي أضر بفخامة شأن رئيس هيئة أركان جيش العدو وصلاحياته، وسيؤدي عمله منذ الآن في أحسن الحالات مثل بطة عرجاء. في حلبة صراع أخرى، واجه رئيس الوزراء نتنياهو سفير دولة العدو دان شبيرو واتهم الرئيس أوباما بكونه بدل أن يضغط على إيران يضغط على إسرائيل. وكان رد السفير -حسب تقارير إخبارية ما- شديدا، وزاد التوتر بين الدولتين وبلغ نقطة انفجار. وفي مقابل ذلك وفي عملية سرية، أُرسلت قوات صاعقة خاصة برئاسة شلدون أدلسون الى ما وراء خطوط العدو لتمويل حلقات المعارضة وتثوير السكان المحليين على القيادة القائمة وتشجيع تغيير نظام الحكم في أسابيع معدودة. يصعب أن نزعم أن إجماع الرأي على الخروج للحرب لم يكن موزونا. وقد أُعطي الرئيس أوباما والولاياتالمتحدة ما لا يحصى من الفرص ليعودا إلى الصراط المستقيم وليخضعا للإملاءات الإسرائيلية قبل أن يُهاجَما ولم يستغلاها، بل إن رئيس الوزراء طار إلى الولاياتالمتحدة خصيصا في ماي 2011 وحضر إلى البيت الأبيض ليعطي الرئيس أوباما درسا خاصا في الصهيونية، أصبح مسلسلَ تربية مُذلا في حضرة صحفيين، لكن حتى هذه الخطوة من الإرادة الخيّرة لم تؤدِ إلى النتائج المأمولة ولم يُطع التلميذ العاصي أستاذه وتجرأ على ذِكر حدود 1967. وإنّ رفْض هيلاري كلينتون يوم الثلاثاء تحديد خطوط حمراء لإيران كما طلب نتنياهو نقض آخر للأوامر. وإلى ذلك، فإن الرسالة الإسرائيلية التي تقول إن السياسة المترددة نحو إيران ستضر بالأمريكيين قبل الجميع تؤكد قلق إسرائيل الصادق على مرعيتها المنكرة للجميل وتؤكد إيثار قادتنا الذين يساعدون فقط الولاياتالمتحدة على إنقاذ نفسها. إن الحديث، إذن، عن حرب لا خيار فيها للولايات المتحدة. أليس إذا بقيت الإدارة الأمريكية الحالية على حالها بعد الانتخابات في نونبر، فإن أوباما المتحرر من ضغوط الصوت اليهودي قد ينزع القفازين ويفرض علينا تسوية سلمية مع الفلسطينيين والعياذ بالله. فهذه، إذن، حرب ردعية هدفها منع كارثة أكبر كثيرا هي السلام. عن «هآرتس»