خلافا لما كان متوقعا، أدانت غرفة الجنايات بالرباط، في وقت متأخر من ليلة أول أمس، الشخص الذي استخرج جثة طفلة من قبرها قبر طفلة بضواحي بوقنادل بسلا واعتدى عليها جنسيا، بخمس سنوات فقط، فيما كانت العائلة تتوقع أن تكون العقوبة ثقيلة تصل إلى الإعدام في مثل هذه الجرائم الخطيرة. وخلف هذا الحكم المخفف احتجاجات قوية وسط أفراد أسرة الضحية وفعاليات حقوقية وجمعوية، فيما أصيبت أم الهالكة بهيستريا وحالة إغماء مباشرة بعد سماعها للعقوبة، علما أن ممثل النيابة العامة طالب بتطبيق عقوبة الإعدام بعد أن اعتبر أن ما ارتكبه المتهم يعد «عملا وحشيا»، وأكدت الأم أن العقوبة «الهزيلة» التي أصدرتها المحكمة هي جنازة ثالثة لطفلتها بعد أن أقيمت لها جنازتان، الأولى بعد مقتلها، والثانية بعد إخراجها من قبرها وتدنيس جثتها، كما أشارت إلى أن «خمس سنوات ستمنح ترخيصا جديدا للمتهم من أجل مواصله جرائمه». وأقر المتهم (27 سنة) في تصريحاته بكونه عمد إلى إخراج جثة الطفلة (7 سنوات) التي توفيت نتيجة حادثة سير بعد أن دهستها شاحنة من الوزن الثقيل، وأكد أنه تسلل رفقة ثلاثة أشخاص إلى المقبرة في يوم دفنها، بعد أن أحضروا قنينة خمر وقليلا من اللحم، مبرزا أنه اعتدى على الجثة جنسيا أربع مرات، منها مرتان بطريقة شاذة، وأنه كان يتوقف بين الفينة والأخرى لشرب الكحول وإعداد الشواء قبل أن يعاود فعلته في سهرة امتدت إلى ساعة مبكرة من الصباح. وكان المتهم قد حضر الجنازة التي أقيمت للطفلة عقب وفاتها وتناول وجبة الكسكس في خيمة العزاء, دون أن تدرك أسرة الهالكة أنه يعتزم فيما بعد إخراجها من قبرها والاعتداء عليا قبل تركها عارية بدون كفن. وأصدرت جمعية «ما تقيش ولادي» بيانا استغربت فيه الحكم الصادر عن المحكمة، وقالت رئيسة الجمعية نجية أديب إن هذا الملف يعيد من جديد فتح ملف طريقة تعامل القضاء مع بعض القضايا، و«عدم الالتزام بتطبيق القانون من أجل تحقيق حماية المجتمع»، وعبرت نجية عن صدمتها لقرار المحكمة رغم الاعترافات التلقائية للمتهم الذي لايزال شركاؤه خارج دائرة الاعتقال، وقالت «أن يتم العبث بجثة طفلة ذهبت ضحية حادثة سير والاعتداء عليها بالتناوب، هو فعل وحشي يستحق أقصى العقوبات، ونستغرب بشدة حكم المحكمة الذي ينضاف إلى سلسلة من الأحكام المفاجئة الصادرة في قضايا الاعتداء على الأطفال التي طالت الأحياء والأموات لذا سنعمد إلى استئنافه». وعلمت «المساء» أن النيابة العامة ستلجأ، بدورها، إلى استئناف هذا الحكم موازاة مع الاستئناف الذي سيتقدم به الدفاع، حيث أكد المحامي بوشعيب الصوفي عن هيئة الرباط أن الدفاع تلقى هذا الحكم ب«استياء شديد»، واعتبره بمثابة «ضوء أخضر للمنحرفين من أجل الاستمرار في مثل هذه الجرائم». وقال الصوفي «نحن نطالب بتطبيق القانون فقط، والمحكمة لم تستجب حتى للملتمسات الواردة في قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق، ولم تحقق الردع المطلوب في جريمة بشعة، بل تعاملت، للأسف، مع الملف وكأنه جنحة انتهاك حرمة مقبرة».