سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنبركة: لم يزرنا أي فرد من الأسرة الملكية باستثناء الأمير مولاي عبد الله قال إن والدته نزعت «اللثام» بعد زواجها من المهدي بنبركة فكان جواب والدها قاضي الرباط: «ابنتي تفعل ما يقوله لها زوجها»
يحكي البشير، نجل المهدي بنبركة، أكبر معارضي نظام الحسن الثاني الذي تم اختطافه واغتياله سنة 1965، في اعترافاته ل«المساء»، عن تفاصيل حياة والده ونضاله ضد الاستعمار ومشاركته في اتفاقية «إيكس ليبان» قبل أن يعود ليقول إن هذه الاتفاقية كانت خطأ. كما يروي البشير تفاصيل أخرى حول المسؤوليات التي تقلدها والده بعد الاستقلال، وحول اختلافه مع تلميذه الحسن الثاني، وحول موقفه المساند للجزائر ضد المغرب في حرب الرمال، وكيف أصبحت عائلة المهدي تحمل جوازات سفر جزائرية وتقيم في مصر؛ كما يرد البشير بنبركة على اتهام والده باغتيال عباس المسعدي، ويتوقف طويلا عند واقعة الاختطاف بفرنسا، ويرد على تهمة «التخابر» مع المخابرات الإسرائيلية والتشيكوسلوفاكية الموجهة إلى والده، وكيف قررت أسرة المهدي بنبركة العودة إلى المغرب بعد وفاة الحسن الثاني، وكيف حز في نفس والدته ألا يستقبلها الوزير الأول حينها، عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان صديقا للعائلة وكان يقيم في بيتها كلما حل بمصر، وكيف «تُماطل» الدولة المغربية ممثلة في حكوماتها، وضمنها وزيران للعدل من حزب الاتحاد الاشتراكي، هما الراحل محمد بوزوبع وعبد الواحد الراضي، في الكشف عن حقيقة قضية المهدي بنبركة. - هل كان ولي العهد الحسن الثاني يزور المهدي في منزل العائلة، عندما كان تلميذا وصديقا له؟ لا أظن ذلك، أنا لا أملك أية ذكرى عن مجيء فرد من أفراد العائلة الملكية إلى بيتنا، ما أذكره هو حدثٌ وقعَ سنة 1958 حين تم تعيين المهدي على رأس المجلس الاستشاري، الذي كان من المفترض أن يكون النواة الأساسية للجمعية التأسيسية بعد الاستقلال، وتم منحه سكنا وظيفيا عبارة عن فيلا في حي الإقامات بالرباط، حيث أذكر أنني دخلت عليه مرة في مكتبه في هذه الفيلا ووجدت برفقته الأمير عبد الله، وهذا هو الحدث الوحيد الذي ظل عالقا في ذاكرتي عن زيارة أحد أفراد العائلة الملكية للمهدي في بيته. نعم، كانت هناك، بالفعل، علاقة بين المهدي والحسن الثاني، وهي علاقة أستاذ بطالب وعلاقة عضو في الحركة الوطنية بولي عهد السلطان، أما عن كون هذه العلاقة كانت وطيدة إلى درجة كبيرة فليس هناك ما يدل على ذلك، لأنه بالنظر إلى تكوين وشخصية ومسار كل من المهدي والحسن الثاني نجد أنهما كانا مختلفين تماما. - في نهاية الأربعينيات سوف يقدم والدك المهدي بنبركة وأخوه عبد القادر على الزواج من ابنتي أحمد بناني، أحد قضاة الرباط.. نعم، تزوجا في نفس اليوم، من سنة 1949، بالإضافة إلى وطنيين آخرين، فكان زواجا وطنيا بامتياز، ثم إن هذا الأمر حدث بالصدفة، لأن الزواج في البداية كان سيتم بين عمي عبد القادر ولْحبيبة، ابنة القاضي بناني، لكن في تلك الفترة كانت الرباط مدينة صغيرة، كما أن جدي كان حينها يقطن رفقة شقيق زوجته بنعيسى بوعنان، الذي كان متزوجا من مرية موليم وهي شقيقة السعدية موليم، وهذه الأخيرة هي والدة لحبيبة وغيتة بناني، وبالتالي كانت العائلتان مرتبطتين ببعضهما بقرابة غير مباشرة، ثم جاءت رغبة عمي عبد القادر، كما قلت، في الزواج من لحبيبة، وهذه الأخيرة كانت لا تزال صغيرة بعض الشيء، فكان عليه الانتظار؛ وبدافع من رغبة جدتي في تزويج المهدي أيضا، قامت بترتيب الأمر بين العائلتين ليجمع الزواج بين عبد القادر ولحبيبة، من جهة، والمهدي وغيثة (والدتي)، من جهة أخرى؛ وقد تم الأمر بشكل تقليدي. لكن قبل ذلك قام الفقيه بناني باستشارة شخص يثق فيه في هذه الزيجة، خصوصا وأن والدي المهدي كان حديث عهد بالخروج من السجن، فما كان من هذا الشخص إلا أن أجابه قائلا إن «كل عائلات الرباط تتمنى تزويج إحدى بناتها للمهدي بنبركة». - كم كانت تبلغ غيثة ولحبيبة من العمر حينها؟ غيثة كانت تبلغ من العمر 16 سنة ولحبيبة كانت تكبرها بسنة تقريبا. وفعلا، تم زواج الشقيقين بنبركة بالشقيقتين بناني. وفي نفس اليوم، عقد قران فردين آخرين من الحركة الوطنية هما بن بركاش وبنعبد الجليل، وتم الزواج الوطني الكبير في منزل بن بركاش الذي كان منزلا كبيرا، وعرف هذا الزواج حضور معظم أقطاب الحركة الوطنية. وبعد الزواج، ذهب العرسان الجدد لقضاء شهر العسل في إفران، وهي العادة التي لم تكن شائعة بكثرة في المغرب. - ما الذي تحكيه والدتك عن ارتباطها بالمهدي وإخراجه لها من وسط محافظ إلى آخر ليبرالي متفتح؟ والدتي كانت قد أكملت التعليم الابتدائي. وتجدر الإشارة إلى أن والدها كان فقيها وقاضيا، لكنه كان رجلا متفتحا، كما أن شقيقه (عم والدتي) كان من ضمن الذين شاركوا في تأليف النشيد الوطني لعبد الكريم الخطابي (نشيد جمهورية الريف)؛ وأن يقبل القاضي بناني بتزويج ابنتيه لفردين من الحركة الوطنية دون أن يكونا من عائلة رباطية تقليدية أو ثرية فهذا يدل على أنه كان رجلا متنورا. وحتى عندما تم إخباره بعد الزواج بأن ابنته غيثة قد استغنت عن «اللثام» ولبست لباسا عصريا، أجاب قائلا: «ابنتي تفعل ما يقوله لها زوجها، أما أنا فلم يعد من شأني التقرير في اختياراتها». أنا شخصيا، ما زلت أذكر إحدى الصور الكبيرة التي كانت معلقة إلى الحائط في بيتنا بالرباط، وهي صورة التقطت في مناسبة لعيد العرش، على ما أظن، وكانت تجمع أمي وخالتي وعمتي وامرأة أخرى من العائلة، وكلهن كنّ بلباس أوربي، دون لثام أو جلباب؛ كما أن عمتي زهور كانت من أولى المغربيات اللواتي حزن على شهادة الباكلوريا. - عندما تزوج المهدي بنبركة بوالدتك غيثة بناني، هل انتقلا للعيش وحدهما؟ بعد الزواج، انتقلت العائلة كلها للعيش في تمارة في بيت كان يقطن في طابقه السفلي رجل يبيع الحبوب، وفي طابقه العلوي استقر والدي وعمي وزوجتاهما وجدي وجدتي وعمتي التي كان لا تزال عزباء، أذكر أن غرفتي المهدي وعبد القادر كانتا متجاورتين، وأن جدتي وعمتي كانتا في غرفة، وجدي كان مستقرا بغرفة منعزلة على السطح، ومثل زاهد كان جدي يقتات على الخبز واللبن فقط. - كيف كان جدك ينظر إلى المهدي وحراكه السياسي؟ جدي كان قليل الكلام، لكنه كان بالطبع فخورا جدا بابنه، كما أن العلاقة بينهما كانت جيدة جدا. - كم مرّ من الوقت على مجيئك، أنت الابن البكر، إلى الحياة، بعد زواج والديك؟ ولدت سنة 1950، أي بعد سنة من زواجهما.