وجه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران منشورا إلى وزراء حكومته يدعوهم فيها إلى تبني سياسة تقشفية والتحكم في النفقات وترشيد استعمالها، والرفع من المداخيل والحرص على الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية؛ كما طالب بنكيران وزراءه في هذا المنشور بعدم برمجة بنايات إدارية أو مساكن جديدة وتشجيع الاستغلال المشترك للبنايات الموجودة والاعتماد على الكراء المنتهي بالشراء، مع تخفيض النفقات المرتبطة بتدبير وصيانة حظيرة السيارات وتقليص النفقات المتعلقة بالاستقبال والإيواء والفندقة والتغذية. هذه التوصيات من لدن رئيس الحكومة جيدة، رغم أننا كنا نتوقع أن تصدر عنه منذ بدء توليه مهامه، في إطار التوجه السياسي الذي عبر عنه منذ طرح برنامجه الحكومي أمام البرلمان، وفي إطار احترام البرنامج الانتخابي الذي تقدم به حزبه أمام الناخبين في الانتخابات الأخيرة التي قادته إلى السلطة، لا أن يكون ذلك مجرد رد فعل تجاه الأزمة وخطوة استباقية في أفق التحضير لمشروع القانون المالي برسم سنة 2013. لكن ما ينتظره المغاربة ليس فقط هذه السياسة التقشفية، بل وضع سياسة اجتماعية واقتصادية شاملة، يكون التقشف وتوقيف هدر المال العام جزءا منها فحسب. ولكن الملاحظ أن رئيس الحكومة، الذي أعلن تسامحه مع ملف الفساد المالي في المغرب برفع شعار «عفا الله عما سلف»، يتردد في فتح هذا الملف الشائك الذي أنهك الاقتصاد المغربي وعرقل المشروع التنموي في البلاد؛ وبدل أن يسلك منهجا سياسيا يحد من الفساد على المستوى العام، يكتفي بتوجيه منشور إلى وزرائه يتضمن بضع توصيات. لغة المنشورات الحكومية في المغرب ليست كافية. ولعل الجميع يتذكر أن الوزير الأول الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي وجه العديد من المنشورات إلى أعضاء حكومته ومدراء المؤسسات العمومية في عهده، لكنها بقيت حبرا على ورق.