شنّ الفقيه أحمد الريسوني، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، هجوما شديد اللهجة على الدولة المغربية، متّهما إياها باستعمال المذهب المالكي للتشويش على الحركة الإسلامية ومحاولة عزلها. وقال الريسوني، في لقاء مع شباب الأكاديمية الصيفية لأطر الغد، التي تنظمها منظمة التجديد الطلابي، أول أمس في الرباط، إن «الدولة ليست ملتزمة بالمذهب المالكي، فهي أول من أضرّ به، وهذه مسألة لا غبار عليها». وتابع الريسوني حديثه قائلا في هذا السياق «لقد جاءني أحد العلماء الرسميين البارزين وبدأ يشرح لي أهمية المذهب المالكي، فقلت له إننا نعرف هذه الأمور، ولكن الدولة ذبحت المذهب المالكي من الوريد إلى الوريد، وقد أصبح أداة للتشويش على الحركة الإسلامية ومحاولة عزلها، حيث اختصروا المذهب المالكي في إطلاق اليدين في الصلاة وثلاثة أذانات يوم الجمعة». واعتبر الريسوني أن «القطاع التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من مساجد وعلماء وغيرهما، تشدد الدولة قبضتها عليه أكثر من أي قطاع آخر، وتشدد عليه بشتى الوسائل، وبالعصا والجزرة، كما يقال، ولذلك يسير الإصلاح بنوع من البطء والحذر، لكنه واقع ويمضي»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «الدولة تعض على هذا القطاع بالنواجذ والمخالب والأنياب، لكن الرّوح تسري وستؤتي ثمارها». وفي حديثة عن هلال الصيام والإفطار، تطرّق الريسوني لحالة المغرب التي قال عنها إن «الدولة بكاملها تفرض على الشعب المغربي أن يصوم وفق المذهب الشافعي والحنبلي، بينما أكبر المذاهب، الحنفي ثم معه المالكي، يقولان بلزوم الرؤية أينما ثبتت، ولاسيما في الأقطار التي ليلها واحد ونهارها واحد». وبخصوص توقيعه على «بيان الكرامة»، المُطالِب بإلغاء طقوس حفل الولاء، أكد الريسوني أنه وقع عليه لأن «هذه الأمور لا تليق لا بالدين ولا بالخلق ولا بالكرامة الإنسانية»، مشيرا إلى أنه سبق أن وقع على شيء مماثل، «وهذه المبادرة قامت بها شخصيات سياسية وحقوقية وفكرية من اليسار، وأنا دعوت إلى شيء أؤمن به». إلى ذلك، هاجم الفقيه الريسوني من أسماهم ب»الناعقين» بالحريات الفردية في المغرب، وقال في هذا الصدد إن «الحريات -كما ينادي بها بعض الناعقين عندنا- تعني حرية الفساد، وهذه ليست بحرية بل عبودية جديدة وشكلا من أشكال إسقاط الإنسان في عبودية الشهوات، وعبودية صناع وتجار هذه الشهوات، فالمخدرات والجنس والخمر وما ينتمي إلى هذه المنظومة وراءها صناعات ثقيلة وملايير وشبكات تخترق أنشطتها الدول والحكومات والقضاء والأمن». وأوضح أن «الحرية هي أن تكون قادرا على أن تقول لنفسك نعم ولا.. ومن لا يتحكم في هواه لا يمكن للحرية أن تطوف به، ولا يمكن أن يكون حرا من لا يمكنه أن يوقف نفسه وشهوته عند حدها.. ومن هنا تبدأ الحرية، أي أن أفكر وأقرر وفق مقتضيات المنهج الذي أتّبعه.. إن عندي قواعد شرعية وفقهية وغيرها». وتحدث الريسوني، في لقائه مع شباب الأكاديمية الصيفية لأطر الغد، عن أنّ فهم واجتهاد فئات عريضة من السلفيين قد تغيرا بفضل «الربيع العربي»، و»نريد أن يكون هناك تيار إسلامي مختلف قليلا في الجبهة، فإذا تقدم أو ضعف هذا يعززه الآخر، وبصراحة نحن نحتاج إلى منافسة بين الإسلاميين من أجل الاحتكاك والنقاش الفكري».