سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعتصم: اعتقالنا جاء ضمن ترتيب سياسي يهدف إلى تصفية العدالة والتنمية قال إن بلعيرج شخص ذكي واسع الثقافة كان يضحك عندما يقول له أنت شخص يستعصي على الفهم
يروي مصطفى المعتصم، واحد من السياسيين الستة الذين وجهت إليهم تهم ثقيلة في ملف خلية بلعيرج، في اعترفاته ل«المساء»، تفاصيل مثيرة ارتبطت بحياته الشخصية والدعوية والسياسية. ويعترف مصطفى المعتصم بأنه كان وراء إطلاق «العمل الإسلامي» في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية، ويحكي كيف تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم «الشبيبة الإسلامية»، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال الاتحادي عمر بنجلون، حيث سيقابله في السعودية ليقول له مطيع: «احذر عبد الإله بنكيران فهو عميل للنظام». ويحكي المعتصم تفاصيل ما دار بينه وبين عبد السلام ياسين وكيف تخلص منه مرشد العدل والإحسان قائلا: «أنت تصلح لحزب التحرير وليس لجماعتنا». ويقف مطولا عند علاقته بعبد القادر بلعيرج، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب، وتجربة توحيد الحركات الإسلامية، وتجربة القطب الديمقراطي مع حرزني وصلاح الوديع وآخرين سنة 2002، وتأسيسه حزب «البديل الحضاري» ثم اعتقاله بتهمة الإرهاب، وكواليس استنطاقه ومحاكمته، ثم تجربته السجنية. - ما هي القناعة التي تشكلت لديك حول اعتقال عبد القادر بلعيرج والتهم الموجهة إليه؟ أنا أقول إن القضية بكاملها جاءت في سياق سياسي كان الغرض منه هو خلق نوع من الرعب في الساحة السياسية في أفق ترتيبها، وقد كنا «الحائط القصير» الذي أراد من خلاله أصحاب ذلك الترتيب قياس نبض الشارع المغربي، ولكن هيهات فقد نالت قضيتنا الدعم الكبير من المشهد السياسي والحقوقي. أما في ما يتعلق ببلعيرج، فأخشى أن تكون هناك تصفية حسابات معه لا نعرفها. - سبق لك أن قلت إنه في إطار ترتيب المشهد السياسي في 1992 بُعث إليكم عبد القادر بلعيرج. هل تعني أن جهة ما في السلطات المغربية هي التي بعثته إليكم بغرض توريطكم؟ أنا قلت إنه جاءنا في هذه الفترة. - بمعنى أنه كان يعمل لفائدة جهة معينة؟ أنا عندما أمارس السياسة فإنني أمارس حقي في التحليل وأجنب نفسي اتهام الناس بشكل مجاني. في تصوري، أننا ما إن أخرجنا من الوحدة في 1992 مع الحركات والفصائل الإسلامية حتى سعى من سعى إلى توريطنا في مطبات أمنية.. كانت هناك نسخة بلعيرج 1، وبعد انتخابات 2007 أخرجت نسخة بلعيرج 1 من الدواليب وتم إعداد نسخة بلعيرج 2 المنقحة والمزيدة. يجب ألا ننسى أن انتخابات سنة 2007 عرفت تراجعا خطيرا لحزب الاتحاد الاشتراكي وتحمل حزب الاستقلال للمسؤولية. وفي تقديري، فإن حزب الاستقلال كان سيشهد هزيمة نكراء في انتخابات 2012 بناء على الترتيب السياسي الذي اعتمد، وبين 2007 و2012 كان من المفترض أن تتم تصفية حزب العدالة والتنمية، لكن شاء الله أمرا آخر. - لم تجبني حول ما إذا كانت جهة ما هي التي دست بلعيرج بين صفوفكم في 1992؟ لا يمكن أن أقفو ما ليس لي به علم. بلعيرج شخص ذكي واسع المطالعة والثقافة، كنت أقول له عندما كنا نلتقي في المحاكمة أنت شخص يستعصي على الفهم. - كيف كان يجيبك؟ كان يضحك دون أن يعطي جوابا. أنا أيضا لم يكن هدفي تلقي جواب منه. عموما، أتمنى أن يطوي المغرب هذه الصفحة. - أليس بعد أن يعرف المغاربة الحقيقة؟ أنا مع كشف الحقيقة كاملة. - ما الذي قاله بلعيرج عن ارتباطاته والمنسوب إليه، خصوصا في مسألة إدخال أسلحة إلى المغرب ؟ هو أنكر المنسوب إليه جملة وتفصيلا، واتهم المحققين بتعذيبه. - وماذا عن السلاح؟ هو لم يعترف بذلك أمام القاضي، لكن أمام قاضي التحقيق قال إن السلاح الذي كان يدخل إلى المغرب كان موجها إلى الجزائر، وإن ذلك كان بعلم إدريس البصري. - ألم تحاول زوجة بلعيرج وأقاربه الاتصال بك؟ لا، أبدا. - نشأت خلافات بينكم كمعتقلين سياسيين؛ إلى ماذا تردها؟ الخلافات ستظهر بعدما نسق محمد المرواني مع باقي المعتقلين في خلية بلعيرج وخاض معهم إضرابا مفتوحا عن الطعام دون أن يكون لنا علم بذلك، أقصد أنا ومحمد الأمين الركالة وعبد الحفيظ السريتي. - وهو ما رددتم عليه ببيان تنفون فيه أنكم مضربون عن الطعام؟ نعم، نحن لم نعرف أن المرواني وباقي المعتقلين قد دخلوا في إضراب عن الطعام إلا بعد أن قرأنا في الصحافة أن المعتقلين الستة قد استأنفوا إضرابهم عن الطعام، فكتبنا بيانا توضيحيا على وجه السرعة وأرسلناه إلى الصحافة الوطنية. - والعبادلة ماء العينين، الذي كان نزيلا بنفس الجناح الذي كنت تقيم فيه، خاض بدوره إضرابا عن الطعام؟ كنا نعرف أنه سيدخل في إضراب عن الطعام لظروف ارتبطت بعائلته. - لماذا لم تدخلوا في هذا الإضراب؟ أولا، نحن لم نُستشر في ذلك؛ ثانيا، لم نكن نقوم بأية خطوة إلا بالتنسيق مع دفاعنا وإطلاع أسرنا والهيئات المناصرة لنا. - هنا تعمق الخلاف بينكما، أنت والمرواني؟ أخذ كل منا الموقف الذي يناسبه، ولكننا أخبرنا هيئة دفاعنا، التي سارعت إلى السجن للاطلاع على حقيقة الإضراب، بأننا لن ننسق مستقبلا مع المرواني. - ألم تكن، مبدئيا، ضد الإضراب؟ لا، أبدا. الإضراب الأول الذي خضناه كنت أنا من حض عليه. لم أكن، من الناحية المبدئية، ضد أي معركة من أجل طرح قضيتنا؛ لكن لا يمكن خوض أي معركة إلا بعد توفير شروط معينة، فلم يكن واردا الدخول في إضراب عن الطعام في أي وقت، خصوصا عندما يطلب منك محاموك بعض التريث أو يؤكدون لك عدم مناسبة الظرفية. - ما يقوله المعتقلون الذين دخلوا في الإضراب الثاني عن الطعام، وكان على رأسهم محمد المرواني، هو أنه كان هناك اختياران: اختيار يسعى إلى انتزاع الحقوق بالنضال، واختيار يراهن على الهدنة والوساطة مع الدولة؛ إلى أي حد كان ذلك حقيقيا؟ إن كان المرواني قد قال مثل هذا الكلام فهو مُفترٍ أفاك وكذاب لعين. لم نكن أمام خيارين، بل كان هناك خيار واحد: ناضل وتفاوض أو لنقل ناضل لتوفير الأجواء المناسبة للحوار، سواء المباشر أو غير المباشر عبر من يقوم بدور الوسيط، من أجل حل المشكلة. نحن خرجنا من السجن بفضل صمودنا نعم، ولكن أيضا بفضل المجهودات التي بذلتها هيئة الدفاع والمنظمات الحقوقية والمدنية، داخل المغرب وخارجه، وهي هيئات وسيطة وضاغطة في نفس الآن. محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان كان واحدا من محامينا، وأول ما قام به عند توليه مهمة المجلس الوطني هو المطالبة بإطلاق سراحنا. والهدف من النضال هو الضغط لفتح الحوار وليس الانتحار، فلا أحد يخرج من السجن لأنه أضرب عن الطعام. السلفيون في السجون، يدخلون مرارا في إضرابات عن الطعام لا يسمع صداها إلا بعد مرور شهر أو بعد وصول بعضهم إلى المستشفى. من ناحية أخرى، أسأل: هل الإضراب الذي خاضه المرواني هو الذي أخرجه من السجن؟ هذا انتقاص من المناضلين الذين ساندونا والذين يجب أن نكون ممتنين لهم.. ممتنين لعمل هيئة الدفاع التي أحسنت في كل شيء وتوفقت في كل شيء، جازى الله أعضاءها خيرا.. نحن لم نكن أمام دفاع يأخذ أتعابا ومقابلا ماديا، بل كنا أمام دفاع يسافر إلى أوربا من ماله الخاص ويسكن في فندق من ماله الخاص للدفاع عن قضيتنا، نحن كنا أمام أناس شرفاء، لا يمكنني أن أوفيهم حقهم مهما شكرتهم، والله سبحانه وتعالى هو من سيجازيهم، وأنا أتشرف بمعرفتهم وأنحني أمام هالتهم العليا، وما كان لي أن ألوي ذراعهم أو أن أخوض معركة دون إخبارهم القبلي واستشارتهم. وبالمناسبة، أنا أحيي هيئة التضامن معنا، وعلى رأسها المناضل بن سعيد آيت يدر، وأعبر عن شكري وامتناني للجمعيات الحقوقية دون استثناء، وأغتنم الفرصة لأوجه تحية خاصة، وليسمح لي الرجال، إلى المرأة الحقوقية، تحية إلى الأخت خديجة الرياضي وأمينة بوعياش وخديجة المروازي، وأيضا دالي تفيوليت من فرنسا، وأقول النساء لأبيِّن أنهن لعبن دورا مهما في معركتنا.