سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعتصم : لا أتفق مع الرميد ومازال في السجون معتقلون من أجل آرائهم قال إنه كانت هناك «مطبات أمنية» للإيقاع بقياديين في «رابطة المستقبل الإسلامي» التي كان يرأسها الريسوني
يروي مصطفى المعتصم، واحد من السياسيين الستة الذين وجهت إليهم تهم ثقيلة في ملف خلية بلعيرج، في اعترفاته ل«المساء»، تفاصيل مثيرة ارتبطت بحياته الشخصية والدعوية والسياسية. ويعترف مصطفى المعتصم بأنه كان وراء إطلاق «العمل الإسلامي» في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية، ويحكي كيف تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم «الشبيبة الإسلامية»، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال الاتحادي عمر بنجلون، حيث سيقابله في السعودية ليقول له مطيع: «احذر عبد الإله بنكيران فهو عميل للنظام». ويحكي المعتصم تفاصيل ما دار بينه وبين عبد السلام ياسين وكيف تخلص منه مرشد العدل والإحسان قائلا: «أنت تصلح لحزب التحرير وليس لجماعتنا». ويقف مطولا عند علاقته بعبد القادر بلعيرج، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب، وتجربة توحيد الحركات الإسلامية، وتجربة القطب الديمقراطي مع حرزني وصلاح الوديع وآخرين سنة 2002، وتأسيسه حزب «البديل الحضاري» ثم اعتقاله بتهمة الإرهاب، وكواليس استنطاقه ومحاكمته، ثم تجربته السجنية. - ألا تبالغ عندما تعتبر أن رفضكم دخول العمل السياسي عبر بوابة حزب الدكتور الخطيب، مثلما فعل عبد الإله بنكيران ومجموعته، كان سببا في حبك مؤامرة اعتقالكم وتلبيسكم جرائم إدخال السلاح ومحاولة القتل وسرقة أبناك وغيرها؟ صدقني، كل المؤامرات التي حيكت ضد المعارضين السياسيين بهذا البلد منذ الاستقلال كانت فيها أسلحة وتهم بمحاولة قلب النظام ومحاولة قتل شخصيات وازنة وغيرها؛ وصدقني، كانت هناك أيضا مطبات أمنية حيكت بين 1995 و1996 وأريدَ بها الإيقاع أيضا بقياديين في «رابطة المستقبل الإسلامي» التي كان يرأسها أحمد الريسوني. - ماذا تعني بالمطبات الأمنية؟ أعني ما أعنيه، وأقول إن إدريس البصري وتلاميذ إدريس البصري كانوا دائما يسعون إلى أن يكون لكل فاعل سياسي أو جمعوي في هذا البلد ملف أمني يستعمل ضده أو يبتزونه به في الوقت المناسب. نعم، كان هناك ترتيب، ولم يكن مسموحا لنا بإفشاله والتصدي له كما فعلنا في الجامعات حينما واجه طلبة الميثاق العنف الموجه في الساحة الطلابية. وأسألك: هل تتصور أنه كان بالإمكان إدخال الكتلة إلى الحكومة بشروط 1997 لو لم يظهر العدالة والتنمية بتلك القوة وذلك العنفوان؟ - ما هي هذه المطبات الأمنية التي أريد بها الإيقاع أيضا بقياديين في «رابطة المستقبل الإسلامي» التي كان يرأسها أحمد الريسوني؟ الظروف لا تسمح لي الآن بالحديث عنها، لكن من يهمهم الأمر يعرفون تفاصيلها. - القول بأن رفضكم الدخول إلى المؤسسات بضمانة رجالات «المخزن» كان هو سبب حبك قضية اعتقالكم، تردده أيضا جماعة «العدل والإحسان»؛ فلماذا لم تُحَك «مؤامرة» من هذا القبيل ضد العدل والإحسان؟ «العدل والإحسان» تواجه دوما مؤامرات، آخرها قضية المعتقلين السبعة بفاس على خلفية اتهام بحجز وتعذيب أحد المنتمين السابقين لحركتهم، ثم قضية تلك المرأة التي اتهمت بالفساد. لماذا تتهم وتحاك ضدها مؤامرة من هذا القبيل؟ أليس لأنها لا تؤمن باللعبة أصلا ولا تشارك فيها ولها تصورها وأهدافها وطريقة عملها وعلاقاتها الداخلية والخارجية. من ناحية أخرى، «العدل والإحسان» لم تكن أبدا ذلك التنظيم السري الذي كانته حركة «الاختيار الإسلامي»، فهي جماعة معلنة يعرفها الجميع في الداخل والخارج، بينما نحن كنا تنظيما سريا بصدد التحول إلى فاعل سياسي علني يسعى إلى المشاركة في اللعبة السياسية مشاركة كاملة، لهذا سعينا إلى تأسيس حزب «الوحدة والتنمية» وأردنا أن نلج اللعبة من أبوابها. - وما علاقة ما قلته بقضية بلعيرج في 2008؟ دعني أقول إن الإصلاحات التي عرفها المغرب منذ 1994 في عهد المرحوم الحسن الثاني واستمرت بقوة مع مجيء الملك محمد السادس بخطاب جديد ومبادرات شجاعة وإشارات قوية، جعلت الكثير من القوى المحافظة تنكمش أو تتوارى نسبيا دون أن تختفي. وحيث إن الديمقراطية تربية وتنشئة وثقافة قبل أن تكون قرارا سياسيا، فقد كان من الصعب تصور قوى المحافظة والفساد والريع تتراجع كلية وتفرط في امتيازاتها. في تقديري، هناك حدثان سيعيدان هذه القوى إلى الواجهة: الحدث الأول هو الهجوم الإرهابي على نيويورك يوم 11 شتنبر 2001 والذي جعل جورج بوش الابن يردد الشعار المانوي: «من ليس مع أمريكا فهو مع الإرهاب»؛ وأحداث الدارالبيضاء الإجرامية في 16 مايو 2003 التي أعادت قوى الفساد ومقاومة الإصلاح بقوة إلى مسرح الأحداث، حيث ستبدأ برفع رؤوسها عاليا. ولعلنا نتذكر ذلك التصريح الغريب والخطير الذي أدلى به مسؤول أمني رفيع المستوى حينما قال «إن الجيش لن يظل مكتوف الأيدي إذا ما وصل الإسلاميون إلى سدة الحكم». وصدقني حين أقول إن العديد من الإخوة في القطب الديمقراطي كانوا يقولون لنا إن علينا العمل من أجل إنجاح تجربة هذا القطب الديمقراطي لأن هناك من يريدون دفع المغرب في الاتجاه الذي سارت فيه تونس، يشجعهم على ذلك الموقف الخجول لإدارة بوش إزاء ما كان يجري في تونس من انتهاك لحقوق الإنسان وموقف فرنسا الداعم لبنعلي باعتبار أن التنمية الاقتصادية أولى من الديمقراطية. نحن في «البديل الحضاري» كنا نعرف أن هناك من يتطلع إلى تونسة النموذج المغربي، ولهذا ذهبت إلى تونس، في عز المعركة من أجل الاعتراف بنا وتسليمنا وصل الإيداع لحزب «البديل الحضاري»، لأقول إن في المغرب تجربة يمكن أن تتطور والديمقراطية هي البديل. ولقد أثبتت الأيام أن من كان على حق هو من كان يطالب باستكمال دمقرطة المغرب ويدافع عن أمنه واستقراره ونظامه السياسي، ومن كانت أعناقهم تشرئب إلى النموذج التونسي لبنعلي هم من جانبوا الصواب. الأمم لا تموت من الجوع أو الفقر، ولكنها تموت من الذل والمس بالكرامة ومصادرة الحرية. - لماذا يشار إليكم باسم «المعتقلين الستة»؛ هل باقي المعتقلين ليسوا سياسيين؟ هذه التسمية لا يد لنا فيها، ولم يستشرنا أحد فيها، هي تسمية إعلامية، ربما تعود إلى أن الإعلام كان يعرفنا أكثر من باقي المعتقلين. أما الملف فهو مسيَّس من ألفه إلى يائه. - لماذا لم يفرج عن باقي المعتقلين؟ هذا سؤال يجب أن يوجه إلى الدولة، لكني أقول، بكل صدق، إن المحاكمة قد غابت عنها كل شروط المحاكمة العادلة؛ وفي الدول التي تحترم القضاء، عندما يكون هناك خلل في المسائل الشكلية فإن كل التهم تسقط، ولا تتم متابعة المتهمين إلا بتهم جديدة. أقول إن ملفنا كان ملفا سياسيا وحله كان سياسيا. وأغتنم هذه الفرصة لأشكر ملك البلاد لأنه، بالعفو عنا، صحح خطأ ارتكبته العدالة في حقنا، وأتمنى عليه أن يصدر عفوه عن كل المعتقلين السياسيين في المغرب، وعلى رأسهم المعتقلون في قضية بلعيرج، فما أحوجنا إلى طي ملف الاعتقال السياسي وإعادة البسمة والأمل إلى نساء وأطفال وآباء وأمهات وعائلات هؤلاء المعتقلين. طبعا، لا أقصد برجائي وندائي هذا أولئك المتورطين في قضايا الدم والمتشبثين بالتوسل بالعنف في علاقتهم بالآخر الذي لا يشاطرهم قناعاتهم. - الرميد قال إن المغرب لم يعد يوجد فيه معتقلون سياسيون.. لا. أنا لا أتفق مع الرميد، فمازال في السجون المغربية معتقلون من أجل آرائهم وقناعاتهم. وحتى أولئك الذين ثبت في حقهم اللجوء إلى الأعمال الإرهابية فالدافع لديهم كان سياسيا.