سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعتصم: نفيت علاقتي ببلعيرج فهددني المحققون: «انت بغيتي نجلسوك على القرعة» قال إن رجال الأمن عبثوا بملابس زوجته ومارسوا عليه الحرب النفسية لتهييئه للاستنطاق
يروي مصطفى المعتصم، واحد من السياسيين الستة الذين وجهت إليهم تهم ثقيلة في ملف خلية بلعيرج، في اعترفاته ل«المساء»، تفاصيل مثيرة ارتبطت بحياته الشخصية والدعوية والسياسية.
ويعترف مصطفى المعتصم بأنه كان وراء إطلاق «العمل الإسلامي» في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية، ويحكي كيف تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم «الشبيبة الإسلامية»، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال الاتحادي عمر بنجلون، حيث سيقابله في السعودية ليقول له مطيع: «احذر عبد الإله بنكيران فهو عميل للنظام».
ويحكي المعتصم تفاصيل ما دار بينه وبين عبد السلام ياسين وكيف تخلص منه مرشد العدل والإحسان قائلا: «أنت تصلح لحزب التحرير وليس لجماعتنا». ويقف مطولا عند علاقته بعبد القادر بلعيرج، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب، وتجربة توحيد الحركات الإسلامية، وتجربة القطب الديمقراطي مع حرزني وصلاح الوديع وآخرين سنة 2002، وتأسيسه حزب «البديل الحضاري» ثم اعتقاله بتهمة الإرهاب، وكواليس استنطاقه ومحاكمته، ثم تجربته السجنية.
- تم اعتقالك يوم الاثنين 18 فبراير 2008، بعدما كانت الصحافة قد نشرت خبر منعك من مغادرة الحدود بيومين؟
عدت يوم الأحد 17 فبراير 2008 مساء إلى بيتي، قادما من لقاء المجلس الوطني للحزب، فوجدت سيارة «رونو إكسبريس» وبداخلها أربعة أفراد بلباس مدني، عرفت من ملامحهم أنهم «بوليس»، دون أن أفكر في أنهم يوجدون هناك لأجلي. وعندما دخلت إلى منزلي، أخبرني ابني بأن أولئك الأشخاص كانوا يسألون الجيران عني. بقيت تلك السيارة رابضة في مكانها إلى حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وبحلول فجر يوم الاثنين 18 فبراير كان المكان فارغا لا أثر فيه لتلك السيارة. شرعت في كتابة نص مداخلة كنت سأشارك بها في ندوة ببيروت تحت عنوان «الدولة الوطنية/القطرية وتحديات العولمة»، لأنني كنت وما زلت مهووسا بخطر العولمة النيوليبرالية على وحدة الدولة القطرية وتماسك نسيجها الاجتماعي. لكن قبل الثامنة صباحا لاحظت أن تلك السيارة قد عادت. وفي حدود العاشرة، اتصلت بي نفس الصحافية لتسألني حول ما إذا كنت قد تأكدت من أني ممنوع من مغادرة التراب الوطني، فأجبتها بالنفي لأنني لم أذهب إلى الحدود للوقوف على حقيقة الأمر، لتعود وتؤكد لي أني فعلا ممنوع من السفر خارج المغرب.
- ما الذي قمت به حينها؟
اتصلت بوزارة الداخلية أستفسر عاملا كان يشتغل إلى جانب محيي الدين أمزازي، الوالي المدير العام للشؤون العامة في وزارة الداخلية. سألته عن أمزازي فأخبرني بأنه غير موجود، فتحدثت إليه عما يجري من تحركات مشبوهة في محيط منزلي وحول منعي من مغادرة التراب، وأضفت أنه إذا كان هناك من مشكل فأنا مستعد للمجيء إلى وزارة الداخلية، فأجابني ذلك العامل قائلا: «لا أ السي المعتصم ما كاين حتى حاجة من هاذ الشي انت أمين عام ديال حزب شرعي محترم وما عندنا حتى مشكل معاك». ومع كل ذلك، قررت الاتصال بالأساتذة خالد السفياني وعبد اللطيف الحاتمي والمصطفى الرميد لأضعهم في الصورة، وعدت إلى حاسوبي أكمل كتابة موضوع مداخلتي في ندوة بيروت. وفي حدود الرابعة زوالا، كان علي أن أوصل ابنتي زينب إلى محطة القطار أكدال بالرباط حيث استقلت القطار إلى مدينة فاس التي كانت تدرس بها. وبما أن سيارتي كانت معطلة، فقد أخذت سيارة ابني، وكانت زوجتي بصحبتي. وعندما كنت أهمّ بالعودة إلى بيتي أنا وزوجتي، فوجئت بثلاث سيارات مدنية تطوق سيارتي قرب فندق «إيبيس» المتاخم لمحطة القطار، ثم ترجل من كانوا بداخلها وأخرجوني من السيارة تاركين أبوابها مشرعة، وطلبوا مني مرافقتهم، فالتمست منهم أن يتركوني حتى أوصل السيارة إلى مقر سكناي، فرفضوا. ركبت رفقتهم وساقوني إلى حيث بنك المغرب في حي الرياض بالرباط، وهو مكان قريب من منزلي، ثم بدؤوا يتحدثون عبر الهاتف لحوالي الساعة. تجمعت ما يقرب من خمس سيارات وحوالي 15 عنصرا أمنيا، بينهم شرطي واحد بلباس رسمي. كان الليل قد أرخى سدوله، ساعتها أخبروني بأنهم يريدون تفتيش المنزل.. دخلوا إلى العمارة بطريقة كانت الغاية منها هي إثارة انتباه الجيران، بحيث أوقفوا السيارات الخمس كيفما اتفق، صعدت إلى المنزل مطوقا بال15 عنصرا أمنيا، دخلوا إلى المكتبة وركزوا على الكتب التي تحمل كلمة الجهاد وكل ما له علاقة بكاتب أو مفكر شيعي أو وهابي، بعدها دخلوا إلى غرفة النوم، التي كنت قد أنهيت لتوي صباغتها، وبسبب ذلك كانت كل وثائقي مطروحة على الأرض، فجمعوها في 15 كيسا «خنشة» بالإضافة إلى عدد من العلب الكرتونية، وأنزلوها. وقد كان من جملة تلك الوثائق بحوث طلبتي وأوراق تنقيط أبنائي والنسخة الوحيدة التي كانت بحوزتي من أطروحتي الجامعية، بالإضافة إلى مسودتها، ومجموعة أقراص الموسيقى الكلاسيكية التي كنت أحتفظ بها؛ كما فتحوا خزانة ملابسي أنا وزوجتي بغرفة النوم، وعبثوا بها وكان الغرض من ذلك هو إيذائي.
- ما حكاية كتاب عن الثورة الكوبية تم حجزه داخل مكتبتك؟
أبدا لم يعثروا على أي كتاب عن الثورة الكوبية، علما بأن مكتبتي بها كتب كثيرة لمفكرين وفلاسفة وكتاب ماركسيين وليبراليين ومسلمين، سنّة وشيعة، معاصرين وقدامى.
- هو كتاب اسمه «التوباماروس» كما ورد في بعض المحاضر؟
سألوني أثناء التحقيق عن كتاب «التوباماروس»، فقلت لهم إنني أعرف «التوباماروس» كحركة يسارية من أشهر الحركات الثورية في الأوروغواي وفي أمريكا اللاتينية وليس ككتاب.
- ولماذا تحدثوا لك عن كتاب «التوباماروس»؟
-- قالوا لي إن هناك كتابا بهذا العنوان كنا نتخذه في «الاختيار الإسلامي» مرجعا للاطلاع على تقنيات الكفاح المسلح في كوبا، وكما تعلم فكوبا لا علاقة لها ب«التوباماروس».
- بعد ذلك تم نقلك إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء..
نعم. وعندما وصلت السيارات إلى شارع الزرقطوني بالدار البيضاء، طلبوا مني نزع معطفي وغطوا به رأسي الذي أنزلوه إلى أسفل مقعد السيارة. أدخلوني بداية إلى غرفة بقيت فيها مدة مورست علي خلالها كل أنواع الحرب النفسية لتهييئي للاستنطاق؛ بحيث كان يدخل أحد العناصر الأمنية ويأمرني بأن أدير وجهي إلى الحائط، وبعدها يأتي آخر ويقول لي: لا يا أستاذ استرح، ثم يعود ثالث وينهرني قائلا: من سمح لك بمخالفة الأوامر والاستدارة. وقد استمرت هذه العملية حوالي ساعة ونصف.
- هل، فعلا، أنجز لك محضران اثنان؟
نعم، لقد تم استنطاقي بالعصابة والقيد. وكان أول سؤال طرح علي هو: هل تعرف عبد القادر بلعيرج؟ فأجبت: لا أعرف هذا الاسم، فقام مستنطقي بضربي بقبضة يده على صدري، قائلا: «انت بغيتي نخليو دار بوك، ونجلسوك على القرعة»، قلت له أوضح لي ما الذي تريده بالتحديد وسوف أجيبك بما أعلم، فقال لي: في سنة 1992 جمعكم، في «الاختيار الإسلامي»، لقاء بمدينة طنجة بأحد المغاربة المقيمين في بلجيكا، فأجبته نعم حصل هذا، سألني: ما اسمه؟ فأجبت: اسمه، في ما أذكر، كان عبد الكريم، فقال: هو ذاك، واسمه الحقيقي هو عبد القادر بلعيرج وليس عبد الكريم، فعلقت بأنه لا علم لي باسمه الحقيقي لأنني التقيت به مرة واحدة، ثم سألني: ما الذي تعرفه عن بلعيرج؟ فأجبته بكلمة توقف عندها الاستنطاق حوالي نصف ساعة.